اجتمعت الهيئة العامة للجمعية الخيرية الأمريكية يوم الثلاثاء الواقع في ٢٠١٩/٦/٢٥ في المنامة عاصمة مملكة البحرين برئاسة كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي وحضور أعضاء الهيئة العامة الذين يحق لهم الحضور وهم من كافة القوميات والجنسيات والأعراق والبلدان بناء على دعوة رسمية من قبل إدارة البيت الأبيض الأمريكي حيث مقر الجمعية ، وقد أعلن كوشنر رئيس الجمعية اكتمال النصاب القانوني والسياسي والاقتصادي لصحة انعقاد الجلسة عارضأً جدول أعمال الجلسة والتي يتضمن بندأً واحداً هو ( الازدهار الفلسطيني مقابل السلام ) ، وبدأت مناقشة هذا البند الوحيد حيث اعتبر كوشنر الفلسطينيين مجموعة من السكان الفقراء والمرضى والمحتاجين والمعوزين الذين هم بحاجة إلى مساعدات مالية تنقذهم من وضعهم الإنساني المزري ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم والعمالة والثقافة والترفيه ، فلذلك فإن كوشنر يقترح تأمين مبلغ 50 مليار دولار لمساعدة الفلسطينيين لتمكينهم الانتقال من حالة البؤس والحرمان إلى حالة السعادة والرفاه ، وهذا يتعلق بالكرامة التي يحتاجها الفلسطينيون لكي يتحقق بالتالي أمن ( اسرائيل ) ، فالازدهار الذي يريده كوشنر للفلسطينيين هو منحهم الكرامة المفقودة مقابل قيامهم بالمحافظة على أمن وسلامة عدوهم الصهيوني ، لذلك فهو لا يرى أي حل سياسي دائم وعادل للنزاع، دون ضمان أمن إسرائيل واحترام كرامة الشعب الفلسطيني ، فالقضية لدى كوشنر ليست قضية حقوق سياسية وإنما هي مجرد حقوق إنسانية تتجلى في خلق مليون فرصة عمل للفلسطينيين ، كما تمنحهم رخاءً اقتصادياً واجتماعياً على مدى العشر سنوات القادمة ، وهي فرصة تاريخية توضع أمام الشعب الفلسطيني وقابلة للتطبيق إذا ما قبل بها الفلسطينيون ، حيث ستتم المساهمة في تطوير برامج التعليم وزيادة القدرة على تدريب وتأهيل المعلمين ، وكذلك تطوير البرامج الصحية التي تؤدي إلى تحسين الرعاية الطبية وتحسين أداء الأطباء والعاملين في المجال الصحي ، كما أن هذا الازدهار يؤدي إلى تطوير الحياة الثقافية بمزيد من الابداع وصقل المواهب الفنية والموسيقية .
ولكن كل الازدهار الذي يبشر به كوشنر من خلال شعاره الامريكي السلام في خدمة الازدهار والذي يدفع فاتورته العرب لا يمنح الفلسطينيين أي حق من حقوقهم السياسية طالما أن الثمن السياسي المطلوب دفعه من قبل الفلسطينيين هو توظيفهم عربياً ودولياً لحماية وأمن الاحتلال .
ولكن كوشنر يشير إلى أن "التوافق حول مسار اقتصادي شرط مسبق ضروري لحل المسائل السياسية التي لم يتم إيجاد حل لها" ، فالقضية لدى كوشنر والامريكان عموما ليست قضية حقوق سياسية لشعب يرزح تحت الاحتلال ، وإنما هي قضية خدمات استراتيجية يمكن أن يؤديها الفلسطينيون للاحتلال مقابل منحهم مساعدات مالية واقتصادية .
إذا نحن أمام جمعية خيرية تمنح مساعداتها وتؤدي خدماتها للمحتاجين الفلسطينيين مقابل تخلي الفلسطينيين عن حقوقهم السياسية وفي مقدمتها حق تقرير المصير وحق العودة وحق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهذا يعني أن يبيع الشعب الفلسطيني كامل حقوقه التاريخية والشرعية والقانونية والسياسية مقابل ازدهار اقتصادي واجتماعي مزيف لعيش عدوهم الصهيوني بأمن وسلام على أرضهم .
ولأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته الوطنية وفي المقدمة القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن قالوا بصوت واحد ، لا لصفقة القرن ، لا لورشة البحرين ، فقضيتنا وشعبنا وأرضنا ليسوا البيع ، ولن يغري شعبنا وقيادته المتمثلة في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لكل أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده ما يقوله كوشنر بأن هذه ليست صفقة القرن وإنما هي فرصة القرن ، لأن شعبنا الفلسطيني وقيادته يرى فيها فرصة لشطبنا عن الخارطة العربية والإقليمية والدولية سياسياً وديمغرافياً .
إن وحدة الموقف الفلسطيني تجاه صفقة القرن وورشة البحرين يتطلب وحدة الشعب والقيادة التي يجب أن تتجلى في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لأن وحدة الموقف تتطلب وحدة العنوان ، ولا عنوان لشعبنا وقضيتنا إلا منظمة التحرير الفلسطينية.
٢٠١٦/٦/٢٧ صلاح صبحية