لا شك أن القمة الأمريكية الروسية الإسرائيلية هي الأخطر بالمنطقة حين تطرح ملفات متعددة ومتعثرة، والإشارة هنا إلى الاجتماع الأمني والعسكري بين هذه الدول الثلاث في مدينة القدس المحتلة.
القمة بالقدس والحضور الإسرائيلي الفاعل يدلل على عدة اتجاهات ومنها:
1- اعتراف الدول الكبرى بأمن إسرائيل.
2- التفاعل السياسي والاستراتيجي لإسرائيل بالمنطقة.
3- الاعتراف الروسي بهذا التفاعل علناً.
4- الاعتراف الأمريكي والإسرائيلي بالحضور الروسي سواء بالمنطقة أو المياه الدافئة (البحر المتوسط).
إن الملف الإيراني هو جزء أساسي من هذه الملفات سواء النووي أو الحضور الإيراني في سوريا وقوة حزب الله اللبناني، فلا شك أن هناك تآمر واضح من نتنياهو والولايات المتحدة على طرد إيران من سوريا باعتباره هدف إسرائيل الأول، وقبول إسرائيل لروسيا واعترافها بذلك من خلال الاجتماع الذي عقد في القدس يعتبر من الملفات الساخنة والهامة من ناحية تقاسم النفوذ الجغرافي والسياسي، خاصة وأن روسيا حلف استراتيجي مع سوريا، ولا يمكن التنازل أو التهاون في الشأن السوري باتجاه إرضاء إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وعلى ذلك نستطيع القول بأنه من الواضح أن الاجتماع الثلاثي يؤسس لمرحلة سياسية بمفهومها المكثف، وكل يبحث عن مصالحه في المنطقة بل له أجندات سياسية متعددة حيث يمكن استنتاج ذلك من خلال التحرك السياسي والعسكري الذي نشهده خلال العملية السياسية المتقلبة، ومن ناحية العرب يبقى القرار شأنهم باعتبارهم الفئة الوحيدة الغائبة عن مخاطر المشهد السياسي الذي يطبق، فلا خيارات محددة إنما مفتوحة في وجه الجميع.
وخلال متابعة إعلام الاحتلال تبين أن الموقف الروسي لم يتخلى عن إيران باعتبارها حليف استراتيجي بالمنطقة وهذا كان واضحاً على لسان المستشار الأمني نيكولاي باتروشيف الذي أشار إلى أن موسكو تقف إلى جانب الجمهورية الإسلامية.
لكن كما المعتاد تبقى المصالح السياسية والإستراتجية والاقتصادية هي الطاغية على كل المشاعر التي يمكن أن يعرب عنها في لحظة الموقف، لذلك يمكن أن نعتبر أن هذا الاجتماع بين روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة هو بمثابة خلط للملفات الشائكة والأكثر تعقيداً على الساحة السياسة والإقليمية، والدليل هو تصريح "باتروشيف " حين قال: "نحن نولي اهتماما خاصا لضمان أمن إسرائيل”، واصفا ذلك بأنه “مصلحة خاصة بالنسبة لنا لأنه هنا في إسرائيل يعيش حوالي 2 مليون من مواطنينا"، كما أن إسرائيل تدعمنا في قنوات كثيرة، بما في ذلك في الأمم المتحدة. لقد سبق لرئيس الوزراء [نتنياهو] وأن قال إننا نشارك نفس الآراء بشأن قضية محاربة تزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية" .
وبحسب وجهة نظري، أن الموقف الروسي لم يتغير تجاه سوريا أو إيران لأهمية مكانتهما السياسية والإستراتجية، حيث تكمن العلاقة الممتدة منذ أكثر من نصف قرن في التاريخ الحديث، وهذا بحد ذاته تجربة سياسية عميقة تؤسس لمرحلة مستقبلية جديدة لا تقل أهميتها عن الأدوار الأخرى في المنطقة.
وأن سوريا وإيران لن تبيع روسيا، وهذا يعتمد على صيغة التحالفات والمصالح المشتركة بينهم، مما يعزز ذلك الدور الروسي المنحاز إلى القضايا العربية بالمنطقة، والتي تراهن إسرائيل ومعها أمريكا على إفشاله في كثير من المخططات التي أصبحت واضحة لدى الكل الإقليمي.
بقلم ناصر حماد