ليل روز اليوسف شعبان وعودة هاجس الشعر

بقلم: شاكر فريد حسن

عاد اليها هاجس الشعر ليعانق روحها ، بعد ان غادرها لفترة وجيزة ، ولربما هي استراحة المحارب – كما يقولون ، هي الظبية المبدعة – على حد تعبير أديبنا الكبير فتحي فوراني – الصديقة ، الشاعرة الطرعانية ، مديرة المدرسة الأستاذة روز اليوسف شعبان ، التي أطلت علينا بقصيدة من أحلى قطافها وعنب داليتها .. قصيدة تجمع بين الرومانسية الحالمة والوجدانية الانسانية والعاطفة الوطنية ، تخاطب فيها الليل ، وتناجي العشاق ، وتحاكي المشرد الفلسطيني الذي ترك الوطن عنوة دون وداع ، ويحلم بالعودة والرجوع إلى الديار ، ومعانقة الثرى الغالي .. حيث تقول :

قد تطول يا ليلُ

دونَ سهر

تناجي حرقةَ العشاق

دون بوح أو ضجر!!

تربّتُ بكفّك جبين الضعفاء

تقبّلُ قلوبَ أمهاتٍ

تتحرّقُ شوقا

تنادي بصمتٍ من غاب

من الأحباب والأبناء!!

هنا كانوا يرتعون...

يمزّقون الصمتَ بقهقهاتِهِم

يتسامرون ويعلّقون آمالَهُم

في أنجم السفر

هنا كانوا!!!

يعانقون الآمالَ في أحلامهم

ينتظرون انبلاج الفجر

ويحلمون!!!

فكيف غادروا دون وداع؟

ودون قبلةٍ في جبين الوطن؟؟

قد تطول يا ليلُ دون سهر

أرتديك جهارا!!

تغشاني ظلمتُك

تأخذني في عالم

من الأحلام والصور!!

تحتويني!!

أخفي آمالي وأحلامي !!

مخاوفي وآهاتي!!

بين دثارك

أركن إلى زوايا ظلمتك

تأخذني نسماتُكَ بين النجوم

تحطني على أرجوحةِ القمر

طفلةً !! تنشد الفرح!

وتصلي لقلوبٍ

رحلت عند المغيب

دون وداعٍ

ودون قبلةٍ في ثرى الوطن

هي قصيدة مبهرة ومدهشة ، بالغة الروعة والجمال والشفافية ، محلاة بالشهد والعذوبة ، تتسم بالسلاسة ، ومنسابة كشلالات العاصي والبانياس ، فيها بعد وطني واضح ، وايحاءات جميلة ، وعاطفة جياشة متدفقة النبض والاحساس .

وفيها تعبّر روز عن لواعج نفسها وعواطفها الحزينة الباكية المتألمة كفلسطينية الهوية والهوى والانتماء ، وكتبتها بكل تجلٍ وإتقان وبراعة شعرية عميقة ، بعيدًا عن المباشرة والتسطيح ، فألفاظها رشيقة نابضة بالحرارة والحس الوطني ، مصورة ، صوتية ، فيها الايقاع الشعري المتناغم المدوي .

احتفاؤنا بعودة روز اليوسف لربة الشعر ، هو احتفاء بالكلمة الشعرية صادقة البوح والتعبير ، والنبض الروحي الإنساني ، والروح الوطنية السامقة ، فهي شاعرة الإحساس والدفء والجمال ، كتبت فأجادت وأبدعت الوصف ، وكلنا أمل أن تواصل الدرب ، ولا تطيل الغياب عن القراء الذين أدمنوا كتاباتها الشعرية والنثرية ، ولكن المفاجأة أنها سارعت النشر على صفحتها قبيل يوم الاحد المعهود ، الذي عودتنا فيه على معانقة حروفها وكلماتها .

فخالص التحية صديقتي الشاعرة الموهوبة أستاذة روز اليوسف شعبان ، ودمت بألق حضورك ووجودك في المشهد الشعري المحلي والساحة الأدبية ، ومهما طال الليل فلا بد للفجر والصباح ان يبزغ وتشرق شمس الحرية والاستقلال والعودة، ونحتضن الفرح.

بقلم/ شاكر فريد حسن