حينما علمتْ تلك الشّاعرة بأنّ صديقَها القاصّ يرقدُ في المستشفى، فما كان منها سوى أنّها قرّرتْ زيارته، وحين رأتْه حزنتْ، لأنّها رأته مريضٌ، وقالت له: لقد حزنتُ، حينما علمتُ أنّ وعكةً صحية ألمّتْ بكَ، فقال لها: لا عليكِ، أنا الآن في حالٍ أفضل بعد أنْ تجاوبَ معي الدّواء، أمّا أنتِ فما أخباركِ؟ فردّتْ عليه صديقته الشاعرة: أنا الآن أكتبُ قصيدةً عن حالنا المُتردٍ، فقال لها: دعكِ من الكتابة، فلمْ تعدْ تجدي الكتابة نفعا، فقالت له: فعلا هكذا بدأتُ أرى، لكنني انتهيتُ من كتابةِ القصيدة المختلفة، فقال لها: أريد أن أقرأَها، وبينما كانا يتحدّثان دخلتْ المُمرضةُ لتغييرِ الحُقنة، وصمتا عن الكلامِ حتى تخرج، لكنّ الممرضةَ أدركتْ بأنّ الرّجُل القاصّ ينظر لتلك الشّاعرة بنظراتِ إعجابٍ، وحين خرجتْ الممرضةُ، قال لها: لقد جئتِ في الوقتِ المناسب أيتها الصّديقة، لكيْ ندردش في مواضيعٍ عديدة، فقالت له: هيا قلْ لي ما عندكَ؟ فقال لها: أتعلمين أنني مُعجبٌ ليس في كتاباتكِ فحسب، إنما معجبٌ بكِ كأنثى، فردّت عليه يبدو بأنّ الدّواء يجعلكَ تهلوّس، فردّ عليها: كلاّ، أنا من زمان معجبٌ بكِ، لكنني كنتُ متردداً كيْ أصارحَكِ، فقالت: دعكَ من هذا الحديث، وأخبرني ماذا في جعبتك؟ وكانتْ تقصدُ عن كتاباتِه للقصّة، فقال لها: لم أعدْ أكتب، لقد مللتُ الكتابة بعد أنْ باتتْ الحالةُ الثقافية عندنا مزريةً من كثرةِ الكتّاب، الذين يريدون فقط كسبَ المالِ، وليس إثراء الثقافة بهدف تغيير نمط الحياة عندنا، فقالت له: دعكَ من هذا الحديث، فأنتَ في قصصِكَ تنتقد كل شيء حتى أنّكَ تنتقدني في قصائدي، التي هي مستوحاةٌ من حياتِنا البائسة، فصمتَ القاصُّ وقال لها: المهم أنْ أظلّ كما أنا دون تغيير في بوْحي لكِ عن الحُبّ، وبعد أنْ دردشا لساعةٍ من الزمن، استأذنته، وقالت له: أتمنّى أن تخرج من المشفى قريبا، لأنه عندي كلام سأقوله لكَ، فقال لها: لا تنتظري منّي مجاملات، فقالت له: بالطّبع، لكنّ الكلام سيكون عن حُبّنا المُستتر، فقال لها: وأخيرا اعترفتِ بأنك غارقةٌ في الحُبّ يا شاعرة حالمة حتى في قصائدكِ، فقالت له: كانتْ دردشتنا الثقافية رائعة، أتمنّى أن ندردشَ أكثر، حينما تتعافى وتخرج من المشفى، وودعته، وخرجتْ، وفي الطّريق قالتْ الشّاعرة في ذاتها: أحقّا هو يحبّني، رغم أنني كبرتُ على الحُبِّ..
عطا الله شاهين