عقوبات اقتصادية تفرضها الادارة الاميركية ضد العديد من الشعوب، تحت ذرائع وحجج مختلفة ومختلقة. وتظن أن مثل هذه العقوبات ستؤلب هذه الشعوب على قياداتها، وخاصة الشرعية المعادية منها للسياسة الاميركية في العديد من مناطق العالم. وهذه العقوبات في الواقع تزيد من تماسك الشعوب بسيادة أوطانهم، وبصلابة وحدتهم الوطنية، وبالتفافهم حول قياداتهم التي انتخبوها ووضعوا كل ثقة فيها.
والأغرب في أمر هذه العقوبات الاقتصادية الاميركية أنها تطبق وتنفذ وتلتزم بها العديد من دول العالم الغربي خشية من رد فعل اميركي غاضب وارضاءً للادارة الاميركية.
والاكثر غرابة أن هذه العقوبات، كما تدعي الادارة الاميركية، هي لصالح الديمقراطية، ولصالح أمن واستقرار العالم، مع أنها تعطي نتائج عكسية لذلك. فهي في الواقع تؤدي الى توتر العلاقات، والى نشوب مواجهات سواء كلامية أو اعلامية أو سياسية، وهي قد تشعل فتيل حرب ما سواء داخل البلد الواحد أو بين بلدان!
ومن أسخف الطرائف ان العديد من الدول تجتمع أحياناً تحت يافطة أصدقاء سورية أو أصدقاء هذه الدولة أو تلك، وتفرض عقوبات على الشعوب، وبالتالي تتحول هذه الاجتماعات الى لقاءات عداء وتآمر على سورية والشعوب العديدة في العالم.
وتساؤلات تطرح وهي عديدة: لماذا تفرض العقوبات الاقتصادية وغير الاقتصادية على دول دون أخرى؟ لماذا لا تفرض مثلا على اسرائيل التي لم تحترم قراراً واحداً لمجلس الأمن أو للجمعية العامة. لماذا لا تفرض على دول ديكتاتورية ظالمة للشعوب؟ هل المال هو الذي يحدد الدول التي تفرض عليها العقوبات، لأن المال هو ما تسعى الحصول عليه الادارة الاميركية وغيرها من الادارات الغربية!
لقد فرضت ادارة الرئيس ترامب عقوبات على القيادة الفلسطينية لعدة أسباب ومن أهمها أنها ترفض املاء حلول عليها، وترفض التنازل عن حق مشروع ألا وهو حق العودة، وترفض بكل قوة بقاء الاحتلال الاسرائيلي جاثماً على أراضينا العربية، وترفض التنازل عن حق هذا الشعب الجبار في النضال المشروع ضد الاحتلال واجراءاته القمعية وسياساته التوسعية!
لقد أوقفت ادارة ترامب دعمها لمشاريع عديدة للشعب الفلسطيني من خلال وقف مشاريع مؤسسة التنمية الاميركية US.AID، وأوقفت مساعداتها لوكالة الغوث عقاباً لموقف القيادة الفلسطينية الرافض لأية تبعية للسياسة الاميركية ولرغبات ومطالب ومصالح اسرائيل. ولكنها (أي الادارة الاميركية) في الواقع تعاقب الشعب الفلسطيني الذي لن يأبه لهذه العقوبات ويقول الشعب الفلسطيني الجبار لترامب وداعميه انه لن يتنازل عن حقوقه الوطنية المشروعة، ولن يستسلم. ويعتبر ما تقوم به ادارة ترامب هو عداء لا بل عدوان على فلسطين وشعبها.
إن من يريد أن يكون من أصدقاء أي دولة لا يفرض عليها عقوبات، ومن يريد أن ينشر الأمن والسلام في العالم فيجب عليه أن يكون عادلاً.. وسياسة ترامب هي مخالفة للشرائع الدولية، ومخالفة لكل الاخلاق الرفيعة.. انها سياسة فاشلة، وسيؤكد التاريخ على فشلها وظلمها القاسي للعديد من الشعوب.
بقلم/ جاك يوسف خزمو
رئيس تحرير مجلة البيادر