بسم الله الرحمن الرحيم
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا "صدق الله العظيم"
انتفض نعيم من عرينه كالأسود مزمجراً, وثائراً على الظلم كالبركان هادراً, وصهر قيود الذل بعفونة مكبراً, الله وأكبر رسم نعيم لنا على صور الزمان خريطة صنعت لنا بيارق مجدنا, وكتب وثائق عزنا بدمه الطهور وتمنطق بلهيب النيران لا يخشى المنون, حتى أرتقى مسربلاً بدمائه الطاهرة على أرض الكرامة والشرف, فأعلم يا رفيقي سنكون نسراً جارحاً وصقوراً محلقة في فضاء الوطن,وسنكون سهماً قاتلاً ونارً تحرق الباغي العنيد في نار جهنم
هكذا هم القادة الأسود الكاسرة الذين رسموا بدمائهم الزكية خارطة الطريق نحو الحرية الأبدية والاستقلال واقامة الدولة بعد دحر الاحتلال من أرضنا الفلسطينية, لم تفارقني يوماً ابتسامتك وجلجلة ضحكاتك معي صديقي, كنت يا أبو مصباح الرفيق الأنيس والصديق الوفي والأسد القيادي الهمام والضابط المخلص والأب الحنون ومثال الشاب المؤمن الواثق بنصر ربه.
إخوتي الأماجد أخواتي الماجدات أعزائي القراء أحبتي الأفاضل فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة وذكرى طيبة لرجل من رجالات الوطن وفدائي من أسود مقاتلين الثورة الفلسطينية وقائد ومؤسس الجهاز العسكري للجبهة- النسر الاحمر- حيث انطلاقه الانتفاضة الأولى1987 وأسير محرر سابقاً من سجون الاحتلال الاسرائيلي وضابط في جهاز الشرطة الفلسطينية انه الشهيد القائد: الرفيق نعيم مصباح الكفارنة..
ولد الشهيد نعيم مصباح الكفارنة المكنى "أبو مصباح" شمالي قطاع غزة,الإبن الأكبر للحاج المختار المناضل الوطني الكبير مصباح الكفارنة والذي يعتبر من كبار الشخصيات الوطنية في قطاع غزة ابن مدينة بيت حانون الصامدة في وجه المحتلين الصهاينة مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 26/12/1959م وقد استشهد الشهيد القائد نعيم الكفارنة مخضباً بدمائه الطاهرة فجر يوم الخميس الموافق 8/7/2004م عن عمر يناهز 45عاماً في التصدي لاجتياح قوات الاحتلال الاسرائيلي لمدينة بيت حانون..
نشأ الشهيد نعيم الكفارنة أبو مصباح في بيت حانون وترعرع وسط أسرة فلسطينية مناضلة متواضعة محافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ويأتي الشهيد نعيم في الترتيب الأول سناً من بين إخوته وأخواته وتتكون عائلته الكريمة من الوالدين وهم في ذمة الله وقد توفي والده الحاج المختار المناضل الوطني الكبير مصباح الكفارنة صباح يوم الأربعاء الموافق 10/1/2018م وتوفت والدته وعمره خمسه سنوات وتزوج والده بعدها من سيدة أخري وانجبت له من الإخوة ثمانية شباب بما فيهم الشهيد نعيم وثلاثة أخوات..
فهو متزوج من الأخت الفاضلة (أم مصباح) وأب وله من الأبناء شاب اسمه, مصباح يدرس طب في مصر وابنتين وترجع أصول جذور عائلته العريقة إلى مدينة بيت حانون, تلقى الشهيد الجبهاوى القائد نعيم تعليمه الابتدائي والإعدادي بمدارس بيت حانون التابعة لوكالة الغوث لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين اللاجئين ومن ثم ليكمل مسيرته التعليمية, حيث سافر ليكمل تعليمه في اليونان لدراسة طب الاسنان وهناك عمل في مجلس اتحاد الطلبة وكان من النشطين والمعطائين وكتلة من النشاط والجهد الدؤوب...
مميزات وصفات طيبة
يعد صديقي الشهيد الجبهاوى نعيم الكفارنة من أبرز الشخصيات الوطنية في المدينة وتميز بسمو أخلاقه ورفعتها كان مهذباً ورعاً لا يعرف الذل أو الخضوع إلا لله كانت الابتسامة لا تفارقه لا يعرف الكره أو الحقد لأحد تميز بشجاعته الحقيقية كان نعيم حنوناً يحب مداعبة الأطفال وذو علاقة اجتماعية طيبة وواسعة يشارك الجميع بكل المناسبات محطات مضيئة في حياة الشهيد نعيم الكفارنة في الجبهة الشعبية..
في حديثي مع شقيق الشهيد الدكتور معين مصباح الكفارنة موضحة لي أدق التفاصيل عن محطات حياته خلال مسيرته النضالية الطويلة والتي تُوجَ فصولها الأخيرة بالشهادة
مراحل حياته النضالية ضد الاحتلال الصهيوني والتى أمتدت أكثر من عشرون عاماً في صفوف الجبهة الشعبية، حيث مثل فيها النموذج الصلب للتصدي للعدو الصهيوني والمشاركة الفاعلة في العمل التنظيمي والوطني خاصة في الجهاز العسكري- النسر الأحمر.....
انضم الشهيد القائد نعيم إلى الجبهة الشعبية في العام 1980م فكان نعم الجندي الوفي انضباطاً وتفاعلاً مع الفكرة التى انتمى إليها فتدرب على السلاح في العام 1984م، حيث كانت نقلة نوعية في صفوف الجبهة الشعبية في المدينة حيث جمع السلاح والاستعداد للجهاد على أرض الجهاد والمقاومة .
ثم خرج بعدها للدراسة وبعد 10 سنوات عاد القائد إلى أرض الوطن أكثر قوة وعزيمة وإصرار على مواصلة طريق المقاومة
تعرض الشهيد الكفارنة للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الصهيوني عدة مرات فكانت المرة الأولى في شهر آب/ أغسطس لعام 1986م وعلى إثرها قضى عامين وبعد خروج الشهيد نعيم من السجن وقضاء محكوميته ليخرج أكثر عزيمة وإصرار على مواصلة طريقه ، بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية ولتكون رحلة مريرة يتنقل فيها شهيدنا بين السجون الصهيونية
وجدد الشهيد الجبهاوى نعيم الكفارنة العهد على مواصلة النضال حيث انطلاقه الانتفاضة الاولى1987 وعمل القائد مسئول في الجناح العسكري للنسر الاحمر واستبسل فى المقاومة والمواجهة حتى اقلق مضاجع الاحتلال
واستمرت مطارده القائد لمده خمس سنوات من قبل قوات الاحتلال وهو متخذ الاشجار والوديان مأوى له وبعدها استطاع الشهيد التسلل للحدود المصرية ومكث هنا في ارض العروبة مصر التي كانت فاتحه ذراعيها لكل الابطال الثوار وبعدها توجهه القائد الى سوريا ليواصل عمله الجبهاوى بالقرب من قائد الثوار الحكيم جورج حبش وابو علي مصطفى...
وفى عام 1995عاد القائد الجبهاوى الى ارض الوطن مع الرفيق القائد أبو نضال المسلمي من خلال وثيقه مزوره واسم مستعار مع الرفيق القائد ابو نضال المسلمى رحمه الله ليجدد البيعة للجبهة الشعبية ويلتحق في صفوفها ويعمل على اعاده بناء تشكيلات الاطر التنظيمية في محافظه الشمال وقطاع غزة...
التحق الشهيد القائد بجهاز الشرطة في السلطة الوطنية الفلسطينية وحصل على رتبه رائد ..
شاءت الأقدار أن يلتقوا أفراد عائلة الحاج المرحوم مصباح الكفارنة العديد من المرات مع بعضهم البعض في سجون الاحتلال الاسرائيلي " والدهم: صباح الكفارنة / فتح- نعيم/ شعبية- اسماعيل / حماس- معين/ فتح"
قبل أحداث الانقسام كانت الحياة التنظيمية افضل المراحل التى تمر على المنطقة دون أحداث أي مشاكل تنظيمية بين تنظيمات, فإن الإخوة الثلاثة كانوا من قيادة العمل التنظيمي في شمال مدينة بيت حانون وتربطهم علاقة حميمة تجمعهم وحدة الوطن والدم والقضية والبندقية الغير مأجورة ....
كيفية استشهاد الشهيد : القائد نعيم مصباح الكفارنة
ونظرة الوداع الأخيرة .. على رحيلة
وفي الثامن من تموز 2004 حاصرت قوات الاحتلال الصهيوني مدينة بيت حانون وقامت بتدمير عدد من المنازل وتمركزت قوات صهيونية على أسطح المنازل في البلدة المحاصرة وهي تطلق النيران على الأهالي والمقاومين على حد السواء ودارت اشتباكات عنيفة بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في المدينة وقامت القوات الخاصة الإسرائيلية بعملية اغتيال للشهيد الكفارنة وكان يرافقه الشهيد نصر الدين أبو هربيد 37 عاما من كتائب شهداء الأقصى ومرافقه الشهيد زاهر راجح أبو هربيد 30 عاما من كتائب شهداء الأقصى ليرتقوا الشهداء الثلاثة الي العلا فجر يوم الخميس الموافق 8/7/2004م وكان من بين الشهداء الذين ارتقوا في مواجهة قوات الاحتلال الصهيوني هم: الشهيد يوسف الزعانين والشهيدة السيدة جميلة حميد 35 عاما ،والشهيد حامد أبو عودة 20عاما .
وتم نقل جثامين الشهداء الى مستشفى كمال عدوان وبسبب حصار العدو الغاشم علي مدينة بيت حانون آنذاك رقد شهيدنا ومن معه من رفقاء الدرب في مستشفى كمال عدوان لمده ثلاثة أيام, وقد تم احضار جثامين الشهداء الثلاثة بصعوبة نتيجة الحواجز الامنية الاسرائيلية وإطلاق النار بكثافة عليهم لمنعهم من الدخول وقد تمكنوا المشيعون من الدخول الى مدية بيت حانون, وقد شارك في تشييع جنازة الشهيد القائد نعيم مصباح الكفارنة والشهيد نصر الدين أبو هربيد والشهيد زاهر أبو هربيد كبار الشخصيات القيادية من حركة فتح والأجهزة الأمنية الفلسطينية بالسلطة الوطنية والقوى الوطنية والإسلامية من مستشفى الشفاء الى بيت حانون وألقيت نظرات الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر في مسجد النصر ودع جثمان الشهيد الطاهرة آلاف من أبناء شعبنا وسارت جثمان الشهيد في موكب جنائزي مهيب خيمت عليه أجواء الحزن إلى مثواهم الأخير، حيث واروا الثرى في مقبرة بيت حانون, وأقيم للشهيد أبو مصباح في حي بيت عزاء وقام بتقديم واجب العزاء عامة الناس ورجال الإصلاح والوجهاء والمخاتير واعيان البلد والشخصيات الوطنية والاعتبارية..
المجد والخلود لشهدائنا الابطال/
الشهيد البطل/ نعيم مصباح الكفارنة
اللهم ارحم شهيدنا نعيم ابو مصباح وشهدائنا واسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً...
بقلم/ سامي إبراهيم فودة