تلف يصيب دماغ الطفل اشتيوي جراء إصابته بطلق ناري إسرائيلي

عبر الزجاج الخارجي لغرفة العمليات في مستشفى "رفيديا" الحكومي بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية يلقي أفراد عائلة الطفل عبد الرحمن اشتيوي النظر عليه وهو مستلقي على سريره في غيبوبة تامة.

وأصيب اشتيوي البالغ من العمر 9 سنوات ونصف بطلق ناري من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في رأسه أمس أثناء مسيرة سلمية أسبوعية تخرج في قرية  كفر قدوم كل جمعة للمطالبة بفتح شارع رئيسي يغلقه جيش الاحتلال منذ 13 عاما.

وجاءت الإصابة بشكل مباشر في الرأس بينما كان يتواجد مع مجموعة من أصدقائه أمام منزله الذي يبعد مسافة كبيرة عن مكان الاحتكاك بحسب ما روى أفراد من عائلته الحادثة لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية.

ولم يستطع أفراد العائلة الدخول إلى طفلهم وكل ما يرونه حركة الأطباء داخل الغرفة، فيما يستمعون إلى صوت إنذار جهاز إنعاش القلب وكلهم أمل ورجاء بأن يعود مرة أخرى لممارسة حياته الطبيعية.

ويقول والده في الأربعينات من عمره لوكالة "شينخوا"، "عبد الرحمن كان يجلس على باب المنزل بعيدا عن المسيرة والمواجهات بين الشبان وقوات الجيش الإسرائيلي ولم يشكل أي خطر على أحد".

ويضيف أن "إصابة عبد الرحمن جرت في وضح النهار بسبب كثافة النيران التي أطلقها الجيش الإسرائيلي في القرية بشكل جنوني وهستيري".

ويتابع والد الطفل، " أن يصيب الجيش طفل صغير برأسه بطلق ناري هذه عملية قتل مع سبق الإصرار والترصد، داعيا المؤسسات الدولية إلى إدانة إسرائيل ومحاكمتها على جرائمها بحق الفلسطينيين بشكل يومي".

ويوضح، أن "عبد الرحمن وأطفال القرية مسلوب منهم الحياة كباقي أطفال العالم جراء استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطيني، مشيرا إلى أن المسيرات التي تخرج بشكل أسبوعي في القرية هي حق مكفول في كافة القوانين والشرائع الدولية للمطالبة بوقف الإجراءات الإسرائيلية.

وينظم سكان قرية كفرقدوم في قلقيلية شمال الضفة الغربية منذ ثماني أعوام يوم الجمعة من كل أسبوع تظاهرات شعبية للمطالبة بفتح طريق رئيسي أغلقه الجيش الإسرائيلي عام 2013.

في المقابل قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، إن "أعمال شغب اندلعت في القرية بمشاركة نحو 60 شخصا قاموا بإحراق إطارات سيارات ورشق القوات بالحجارة التي ردت باستخدام وسائل مكافحة الشغب"، مشيرا إلى أنه يجري التحقق في إصابة الطفل".

وردا على ذلك يقول محمد شقيق الطفل "إن قوات الجيش الإسرائيلي جاءت إلى منطقة الحادثة وأجرت عملية تقييم ولكن دون إطلاعنا على شيء."

ويضيف محمد (25 عاما)، أن "الجيش الإسرائيلي قام بجريمة وانتهاك صارخ لكل القوانين الدولية، مقللا من جدوى التحقيق قائلا : هل يوجد طرف يدين نفسه".

ويتابع محمد، أن "الجيش الإسرائيلي قام بحوادث وعمليات قتل عديدة بحق أطفال وشبان فلسطينيين وشكل لجان تحقيق لكن دون فائدة على الإطلاق".

وانتقد الشاب العشريني، "تقاعس المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة تجاه ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني دون أن يكون هناك رادع أو محاسبة أو مساءلة".

ويعمل طاقم طبي فلسطيني في المستشفى كخلية نحل لإنقاذ حياة الطفل حيث خضع على مدار الساعات الماضية لعدة عمليات من أجل وقف النزيف والعمل على استقرار حالته الصحية الحرجة.

ويقول رئيس قسم جراحة الأعصاب في المستشفى عثمان بشارات لوكالة أنباء "شينخوا"، إن إصابة الطفل حرجة للغاية وأحدثت تلفا كبيرا في دماغه، مشيرا إلى أن أكثر من 80 شظية اخترقت جمجمته جراء الطلق الناري.

ويضيف بشارات الذي يشرف على حالته، "أجرينا له 3 عمليات من أجل ترميم الدماغ ووقف نزيف الدماء بالإضافة إلى صور طبقية للدماغ من أجل إقرار الخطوات التالية للعلاج".

ويتابع بشارات الذي يعمل منذ 20 عاما في مجال الطب، أن "إصابة الطفل قاتلة ومقصودة كون الرصاص المستخدم حي ومتفجر وأصاب الجهة اليمنى الأمامية وخرج من الخلف، مشيرا إلى أن المرة الأولى التي تعرض عليه مثل هذه الحالة".

وحول إمكانية التشافي من الإصابة يوضح، أن "الحالة لازالت في وضح حرج ولكن في حالة تعافيها فإن عودة الطفل إلى الحياة كإنسان طبيعي صعب نظرا لوجود الشظايا".

وبشأن نقله للعلاج في الخارج يشير بشارات، إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية أبدت استعدادها لذلك ولكن يوجد خطر على حياة الطفل نظرا لعدم استقرار حالته ويفضل بقاءها تحت الملاحظة على مدار الساعة.

وتداول نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الإجتماعي (فيس بوك) مقاطع فيديو لإصابة عبد الرحمن الأبن الأصغر لدى عائلته ولحظة نقله عبر سيارة الإسعاف إلى المستشفى وهو ما لاقى تنديد فلسطيني شعبي ورسمي.

 

وعلى إثر ذلك دعت الحكومة الفلسطينية، الأمم المتحدة إلى توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني.

وقال المتحدث باسم الحكومة إبراهيم ملحم في بيان، إن "الاستهداف يعكس مدى الاستهتار الإسرائيلي بالقوانين والشرائع الدولية، والشعور بالإفلات من العقاب بعد أن وجد قادة إسرائيل شريكا أمريكيا يغطي على اعتداءاتهم ويجعلهم بمأمن من أي عقاب دولي قد يطالهم".

ودعا، "الأمم المتحدة ومنظمتها للطفولة (اليونيسيف) إلى إدانة التوحش الاسرائيلي وحماية الأطفال والمتظاهرين الذين يدافعون عن بيوتهم وحقولهم وأشجارهم المستهدفة بالهدم والتجريف والاقتلاع".

وطالب ملحم، "الهيئة الدولية للمسارعة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل من بطش القوة العمياء".

من جهتها اعتبرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، أن "استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للأطفال تنكر فاضح لكل ما هو إنساني".

وقالت الكيلة في بيان صدر عن مكتبها، إن "محاولات إسرائيل لتجميل صورتها أمام العالم تفشل بشكل ذريع في كل مرة تقتل أو تصيب أو تأسر فيها طفلا أو مدنيا".

وحذرت، من أن "جريمة إطلاق النار على الطفل اشتيوي لن تكون الأخيرة إذا استمر الصمت الدولي، مشيرة إلى أن وزارتها أطلعت المنظمات الدولية على الجريمة لاتخاذ موقف رافض لها وإجبار إسرائيل للخضوع والالتزام بالقانون الدولي".

 

 

 

المصدر: نابلس - وكالة قدس نت للأنباء -