تعلمُ تلك المرأة بأنّ المرايا وحدها فقط تبوح بالحقيقة، فحينما تقفُ أمامها كل يومٍ للتتأمّل وجهها، الذي يتعب من قساوة الحياة وحين ترى وجهها بتمعنٍ مجنون، فتكتشف بأن المرايا لا تكذب في بوْحها، فهي تبين حقيقة الوجه بكل معانيه وهمومه.. تبوح المرايا الحقيقة بلا مواربة.. لا تعرف الكذب البتة وتعكس صورة الشخص كما هي دون مجاملة.. تنظر تلك المرأة نظرات طويلة إلى وجهها أمام المرآة، وتحزن لهرمِها السريع، وتقول: الأصحاب يجاملونني حينما يرونني، ويقولون ما زلت امرأة شابّة، لكنهم يكذبون، فالمرايا فقط تبوح الحقيقة، تبيّن تفاصيل ملامحي، فالمرايا أصدق بكلامها وبوْحها، فكل المرايا تبوح بنفس الحقيقة، وتعكس ذات الصورة لإمرأة ترى نفسها تهرم بسرعة، فلا يمكن أن تبوح المرايا إلا الحقيقة عن امرأة تظلّ تنظر إلى وجهها كل يومٍ لتتأمل وجهها المتعب من قسوة العيشة، التي تعيشها في مكان مقفرٍ تقول المرأة قبل ذهابها للنوم: ما أصدق بوح المرايا، لأنها تبوح بحقيقتي كما أنا تبيّني أنا بملامحي كما هي دون أيّةِ مجاملة..
بقلم/ عطا الله شاهين