رسالة إلى وزير العمل اللبناني الأستاذ كميل أبو سليمان المحترم

بقلم: سناء حمودي

تحية وبعد،

خلال الأسبوع الماضي بدأت وزارتكم حملة تستهدف العمال الفلسطينيين بحجة تنظيم العمالة الأجنبية، فبدأت أخبار طرد الفلسطينيين من وظائفهم، وإقفال مؤسساتهم تتوالى يوماً بعد يوم .... ومع هذه الإجراءات التي أقل ما يقال عنها أنها تعسفية بدأت التساؤلات تدور عن الأسباب والخلفيات والمخططات.

وبما أنني أشارك أبناء شعبي هذه التساؤلات والمخاوف، أحببت أن أبعث لك برسالتي هذه.

معالي الوزير،

أنا مواطنة، لاجئة فلسطينية في لبنان، أجدادي هُجّروا قسراً منذ 71 عاماً. ومنذ 71 عاماً حتى اليوم عانى هذا اللاجئ ويعاني أبناؤه وأحفاده الأمرين. فلا قوانين تحميهم أو تحمي حقهم في العيش الكريم. القلق على المصير ليس جديداً علينا يا معالي الوزير، فنحن نعيش هذا القلق بصورة يومية، وكيف لا، ونحن لا حق لنا بامتلاك منزل يأوينا، ولا حق لنا بالعمل ولا الانتساب إلى نقابات تحمي حقوقنا، وتطول السلسلة. باختصار نحن شعب بالنسبة إليكم لا حق له في الحياة ....

هل تعلم يا معالي الوزير، أن النسبة الكبيرة من أبناء شعبنا من حملة الشهادات الجامعية، الذين حالفهم الحظ وحصلوا على وظيفة ما، يعملون بشروط أقل ما يقال عنها أنها مجحفة ومذلة، فالرواتب متدنية جداً، ولا حق بضمان صحي، ولا تعويض نهاية خدمة، وهم عرضة في أي لحظة للاستغناء عنهم تحت شتى الذرائع...

هل تعلم يا معالي الوزير مثلاً، أن هناك من يحمل شهادة في الهندسة أو إدارة الأعمال أو غيرها ويعمل سائق تاكسي، أو يبيع القهوة والمرطبات في المخيم ....

هل أخبروك يا معالي الوزير عن شبان المخيمات الذين ينتظرون مراكب الموت لتنقلهم إلى مصير مجهول لكنه أرحم في نظرهم من معاناتهم هنا ....

وتأتي وزارتكم اليوم لتلاحق الفلسطيني في لقمة عيشه ملاحقة المجرمين، فهل هذا أمر تقرّه شرائع حقوق الإنسان؟

الفلسطيني يا معالي الوزير لا ينافس شقيقه اللبناني، بل على العكس هو يرفد الاقتصاد اللبناني ويساهم في تعزيزه. هل تعلم قيمة التحويلات السنوية من المغتربين الفلسطينيين في الخارج؟

هل تعلم أن الفلسطيني يساهم في القطاع المصرفي من خلال الودائع والتحويلات؟ ومع ذلك ممنوع على هذا اللاجئ، مثلاً، الحصول على قرض مصرفي.

هل تعلم يا معالي الوزير أن نسبة كبيرة من رجال الأعمال الفلسطينيين الذي تسعون لإقفال مؤسساتهم، هم من أهم المساهمين في حركة الاقتصاد اللبناني، وقائمة هذه المؤسسات تطول.

هل تعلم يا معالي الوزير، أن الفلسطيني، يحلم بفلسطين ولا يرضى غيرها وطناً، وأنه عندما يطالب بحقه في حياة كريمة بصفته الإنسانية فهو لا يسعى لتوطين أو غيره ....

نحن يا معالي الوزير فلسطينيون، ضيوف هذا البلد الكريم الذي ولد آباؤنا فيه، وولدنا نحن فيه، ونعتبر لبنان وطناً ثانياً، لكن أبداً ليس بديلاً ....

منذ أسابيع قليلة تابعت مقابلة لك على إحدى المحطات اللبنانية، واستمعت باهتمام إلى موقفك خلال أحد المؤتمرات الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قلت يومها يا معالي الوزير أن موقفك هذا هو تعبير عن الحق والواقع. وأنا يومها استبشرت خيراً .... لكن الخير لم يأت ....

 

مع احترامي وتقديري

      د. سناء حمودي