حين التقاها ذات مساءٍ على جسرٍ مزدحمٍ بالسيارات والمارّة، قال لامرأةٍ جاهلة: مثلما وعدتكِ البارحة سنذهبُ إلى مكان فيه كل الراحة، إنه مكان مثالي يشبه يوتوبيا المدينة الفاضلة، ففي المكان لا إزعاج، ولا فوضى، ولا ضجيج، ولا أصوات، وستشعرين هناك بالسّعادة في مكانٍ هو لا مكان، فهناك سنسرّ حتى من تمدّدنا بجانب بعض للاسترخاء الجنوني في مكان هادئ، فالحُبُّ سيكون هادئا في مكانٍ يزخر بالراّحة الجنونية، فهناك ستشعرين بأنكِ في يتوبيا المكان، لأنه وبكلّ روعته يشبه المدينة الفاضلة، تلك المدينة التي قال عنها الفلاسفة، فسألته بينما كانا يسيران للنّزولِ من على الجسرِ وهل الحُبّ سيكون هادئا في حيز هادئ؟ فردّ عليها بلى، لأنّ المكانَ لا يليق به فوضى تعوّدنا عليها في شقّةٍ مليئةٍ بسكّانٍ مزعجين، ففي الشّقّةِ لمْ ننعم بالراحة، كانت أصوات الأطفال تزعجنا كل يومٍ، أما هناك فلا أصوات يمكن سماعها سوى همساتنا، وحين وصلا إلى المكان شعرتْ المرأة بالهدوء حتى أنها استلقيتْ على عشبٍ لم تطأْه أيّةِ أقدامٍ، وقالت له: فعلا هذا المكان هو الأنسب لممارسة كل شيء رائع في الحُبِّ، بلى فهنا الهدوء فقط، فلمْ أرَ هدوئا يشبه هذا الهدوء، فالحُبّ هنا أراه مثاليا، وعمّ المكان سكونا مجنونا، فالحُبُّ هنا أروع ومختلف بهدوئه ...
عطا الله شاهين