أبحثُ في رثاء الصمت

بقلم: حسن العاصي

1

تتلوى البيوت

حين يراودها قنديل الريح
من يمحو حكايا الوجوه
عن الجدار
يسائلنا الرثاء
من خيبة
هل عبرتم مرة
حزن المدينة؟
هل أوجعكم الموت سهواً؟
أي جنون حمل السفينة
تطفو فوق العصافير


2

يسيل غيم الوضوء
من صدر السماء
يتأهب الموتى للصلاة
كان التراب فاتحة الجثامين
الركعة الأولى
نامت الجدران قرب لوحة الأنبياء
مدّوا في السجود
مزيداً من الإيمان
نفثوا حزنهم
فوق الشموع الأخيرة
وعادوا إلى السر المعلّق
ينتظرون قيام الليل


3
تأخرت الأبواب المغلقة
وذهبت حقائب الرحيل
يخلع الانتظار من الضجر
لون العصافير
ويرسم القلق زورق السفر
على وسائد الغموض
كان اللقاء على الأبواب
تفتقد الشمس ضباب الشروق
ومفتاح الأسفار يحتضر
نتأمل مطلع القادم
الأحلام أجمل ما في العشاق



4
تلفحنا الملامح الرمادية
فنشتهي المساحات البيضاء
يختطف لون الألواح
وجع اللحظة
كأننا نولد من يقين مُحرّمْ
كم يتشابه قمح الأحلام
لكن خبز المسافات
مرايا أخرى
فكم عمر العثرات ؟
لا أحد في أعباء الغفلة
يفصل بين ضفتي الجنون


5
أبحث في رثاء الصمت
عن صدفة تنتظر
أرمّم أجنحة الجسور
وأغسل زمني ومواسمي
بالمرآة الغائبة
أكتب آخر الأسماء
بماء العيون المنكسرة
سألتها كيف نشفي الذاكرة
وتصحو الدهشة ؟
قالت
إني أشد حقلي
كي أسمعك
لملمْ فتات الوهم
واقطف من قلبك
المواعيد الفائتة
قلت لها
كم يحتاج الفراش إلى زهر
لتغفر الفصول ذنب المطر
قالت 
قبل أن يغلق المصير الدائرة
هذا أعمق سر لا يعرفه أحد




6
نخلع من مواسمنا وجه الفراغ
لا جنون آخر
لتأخذنا الطفولة أحجية
هائمة في مساحة العري
مازلنا صغاراً
نشبه الوقت الراكد
على بساط الإيمان
إن أردنا لا نكبر
لدينا ما يكفي من ساقية الصباح
ذات صحراء وأدت ضلال الغيوم
نقشنا أسماء المدينة
في رسائل الغائبين
ورمينا من وجع الجدران
نافذة الرحيل


حسن العاصي

كاتب وباحث فلسطيني مقيم في الدنمارك