نحن الأسرى.. جعلنا من سجون الاحتلال الإسرائيلي ساحات للتعليم والتثقيف. وأبناءنا سجلوا نجاحات عديدة في مجالات مختلفة رغما عن الظروف الصعبة. وان كان من الواجب الاهتمام بالأسرى في السجون، فمن المهم أيضا احتضان أبنائهم وتوفير الرعاية لهم خارج السجون.
لقد مررت شخصيا بذات التجربة. وكنت شاهداً على تجارب كثيرة. وقرأت واستمعت إلى روايات مشابهة. وكلما رأيت شيئا مشابها، اضطررت لاستحضار التجربة الشخصية التي تتشابك والتجربة الجماعية. وهذه واحدة من تلك الصور الحزينة المفرحة الباكية، التي تعكس واحدة من الحكايات التي تؤلمني كلما قرأت شيئا منها، وتزيدني فرحا وسعادة، عزة وفخرا حينما أتوقف أمام صفحات الانتصار والنجاح.
"زينة" .. كان عمرها (15) يوماً حينما اعتقلت سلطات الاحتلال والدها. فمضت وتقدمت في العمر لترى والدها أسيرا، وبقيت صورته وهو مقيد اليدين مطبوعة في ذاكرتها، وكبرت فصار عمرها (15) عاما عندما سمحت ادارة السجون لوالدها الأسير المقدسي (مجد بربر) باحتضانها للمرة الأولى منذ اعتقاله. كان هذا قبل نحو ثلاث سنوات في سجن "جلبوع" الإسرائيلي. واليوم وبعد 18 سنة من السجن والحرمان، وبإرادة قوية وإصرار كبير تجتاز "زينة" امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) بنجاح وبنسبة (83.4%). فهنيئا لك ولوالدك الأسير ووالدتك الصابرة وعائلتك المناضلة. هنيئا لنا جميعا.
كبرت "البنوتة" وصار عمرها (18 سنة) ونجحت في الثانوية العامة، وهي على اعتاب الدخول إلى الجامعة. دون أن تنعم بلحة تعيشها مع والدها في رحاب الحرية. وما زالت تنتظر ان ترى والدها حرا، وأن تلتقط معه صورة في رحاب المسجد الأقصى في القدس المحتلة، حيث تسكن مع عائلتها.
يذكر أن الأسير المقدسي/مجد عبد الرحيم بربر (41) عاما، اعتقل بتاريخ 30-3-2001، حكم عليه بالسجن 20 عاما بتهمة مقاومة الاحتلال والانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين،,وقد قضى منها 18 سنة ونيف.. وما زال في السجن أسيرا.
كنت أغني للحرية.. وما زلت أغني للحرية.. وسأظل أغني للحرية
بقلم/عبد الناصر فروانة