إن ما يسيطر على الدور المصري في الشأن الفلسطيني اليوم هو التهدئة والتهدئة ....والترويض لكل الفصائل الفلسطينية للاسف قبل تحقيق المصالحة الوطنية ويتجسد في ذلك خطورة بالغة..... وكذلك ايضا الدور والمال القطري يسير في نفس الإتجاه والغاية...... ذلك ما يؤدي الى تكريس الإنقسام الفلسطيني ورعايته وتثبيته وابعاد امل تحقيق المصالحة الفلسطينية ...!
وهذا بحد ذاته يمثل جزء لا يتجزأ من التمهيد العملي لتنفيذ مخطط صفقة القرن الامريكي ...مالم يواكبه جهد حقيقي فاعل مؤثر وضاغط لإنهاء الانقلاب ومانتج عنه من انقسام ... والعمل الجاد والمساعدة على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية واستعادة وحدة السلطة والنظام السياسي الفلسطيني ..... وحماية المشروع الوطني الفلسطيني و حماية تجسيد مبدأ حل الدولتين .... الذي تخلت عنه الولايات المتحدة علنا و تستهدفه من خلال صفقة القرن مباشرة وتعمل على تجاوزه واسقاطه لصالح احلال حل لايتمخض عنه سوى تكريس للاحتلال والاستيطان الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية ..... واختزالها الى مادون الحقوق الوطنية والسياسية الفلسطينية (واقتصارها على بعض الجوانب الانسانية والاقتصادية) لاغير ...
وتقع المسؤلية في هذا الشأن بالدرجة الأولى على اطراف النخب والقوى الفلسطينية التي باتت تظهر عجزا واضحا في تجاوز ازماتها ورؤاها الحزبية والفصائلية .... وتدور في حلقة مفرغة من تضخم اوهام الأنا من جهة ..... و تعاني من تعميق الهوة بينها وبين الجماهير الشعبية من جهة اخرى..... والتي باتت هي ايضا أي الجماهير الشعبية مجرد متفرجه ومتلقية للمشهد السياسي وغير فاعلة فيه..... سواء من حيث العمل على انهاء حالة الانقسام والانقلاب او حتى في تقرير سبل المواجهة مع الاحتلال او بلورة موقف جماهيري موحد ضاغط وفاعل وذي شأن ينهي حالة الانقسام ويؤدي الى استعادة الوحدة الوطنية ....
فهي اي الجماهير باتت مجرد متلقية لمواقف واخبار الفصائل من المصالحة الوطنية ..... واخبار زيارات الوفد المصري او القطري ودورهما بشأن المصالحة وغيرها .... والمتعارضان ظاهريا والمتكاملان حقيقة في الغاية والجوهر والهدف .... والمتوائمين مع رؤى ما يخطط لأيلولة الصراع من وجهة نظر الامريكان وحلفائهم من المطبعين العرب .....و المتخلين عن جوهر مبادرة السلام العربية وحتى عن قرارات وتوصيات الشرعية الدولية في هذا الشأن... وعن مبدا الارض مقابل السلام ليحل محلها مبدأ تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين مقابل الامن والسلام ...... رغم ما يعلن من قبل جميع الاطراف الفلسطينية والعربية من رفض لصفقة القرن وافرازاتها .. هذا الرفض الذي لا يستند الى وحدة وطنية فلسطينية راسخة لن يكون سوى مجرد رفض سلبي لايرتقي الى فرض البديل الايجابي والوطني والقومي في ظل استمرار حالة الانقلاب والانقسام الفلسطيني .. .. والذي مهد الوضع الفلسطيني والعربي وهيأه لهذا الاختراق الخطير ... الصهيوامريكي للمواقف العربية وللحاضنة العربية للقضية الفلسطينية ...!
فهل ندرك اليوم وقبل فوات الأوان خطورة استمرار الانقلاب وترسيخ نتائجة ؟
وتقفز جميع الاطراف والقوى الفصائلية والشعبية من مستنقع الانقسام وتلتزم حركة حماس بتنفيذ الاتفاقات الموقعة وخصوصا منها اتفاق اوكتوبر 2017 م ... وبالتالي ينتقل الموقف الفلسطيني من مرحلة الدفاع السلبي الى مرحلة الهجوم ...... وبالتالي تستعيد القضية الفلسطينية حاضنتها العربية ... ووقف التدهور الجاري في المواقف العربية من عملية السلام والتناغم مع الرؤى الامريكية .... واعادة الاعتبار لمبادرة السلام العربية ولعملية السلام و لمبدأ الارض مقابل السلام ولمبدأ حل الدولتين ... ومواجهة صفقة القرن وخطواتها التصفوية بفعالية اكثر تأثيرا واكثر فاعلية وايجابية..!!
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com
الرياض 22/7/2019