عشرات المباني السكنية في وادي الحمص في مدينة القدس والتي تضم مئات العائلات تم تسويتها بالارض جراء العدوان الإسرائيلي علاوه على الإرتقاء اليومي للشهداء والقائمة طويلة بعدد الشهداء والجرحى في إزدياد لتحقيق الحلم الفلسطيني بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ولقد كشفت عمليات التدمير والهدم ضد الحجر والشجر والبشر في فلسطين، حقيقة العجز الذي تعانى منه بعض الأنظمة العربية وحكامها وقادتها واستمرارها في صمتها أمام كل أشكال الإجرام والعدوان والتعنت والاستهتار الإسرائيلي ومنها القتل اليومي للأطفال والنساء والشيوخ وحصار وتجويع الشعب الفلسطيني.
إن الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني صلب لا يلين وهو مستمر في كفاحه ونضاله وجهاده ومقاومته، شاء الاحتلال أم أبى، فالهبات الجماهيرية التي يخوضها الفلسطيني، جعلت حكومة الحرب والعدوان الصهيونية تتخبط وتكشف علن أنيابها ونواياها السيئة تجاه شعبنا وقيادتنا علنا، فقتلت الأطفال والشباب والفتيات ورملت النساء ودمرت المقدسات واستباحت الأرضي وعاثت فيها فسادا وتخريبا وتدميرا، وهي ما زالت تمارس التطهير العرقي ضد شعبنا في كل مكان، وتستخدم كل الأساليب البربرية والتي تزداد وتيرتها باستمرار مطرد ضدهم، فاستخدمت كل السلاح الممنوع دوليا وقانونيا، وشعبنا يثبت في كل يوم صلابته وقوته وقوة موقفه، النابع من ثباته على الحق وإيمانه بقضيته العادلة، لا يزعزعه طغيان الآلة العسكرية الجبارة التي يمتلكها عدوهم المتغطرس.
إن اسرائيل تسعى جاهده لتقسيم فلسطين إلى كانتونات صغيرة متناحرة حتى تعم الفوضى تمهيداً لتنفيذ مشروعها الكبير الذي تسعى من خلاله تأمين مصالحها في المنطقة، وهي تنتهج سياسة التفاوض من أجل التفاوض وكسب الوقت والكل يعرف ذلك، بما في ذلك أمريكا والإتحاد الاوروبي، ومع ذلك فإن الدول الفاعلة ليست مستعدة لتحمل مسئولياتها في وضع حد للغطرسة الإسرائيلية، وتسعى عوضاً عن ذلك لاستجداء مزيداً من التنازلات من القيادات الفلسطينية.
ويعرف الجميع بأن ثمة مفترق طرق يواجهه المشروع الوطني والقضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة يدفع بها، إما إلى إحداث اختراق في تحقيق الثوابت والحقوق الفلسطينية، وإما أن يدخلها في دائرة التوتر والصراع والذي قد يفجر إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة تكون أكثر حدة من الانتفاضتين السابقتين والتي بدت نذرها تلوح في الأفق. فالقضية الفلسطينية ومشروعها الوطني اليوم في خطر حقيقي وفعلي ووجودي. ومواجهة هذا الخطر تتطلب تحديد المسؤوليات، ليس من باب تقاذف التهم، ولا تبرئة الذات، بل من باب تحديد متطلبات المواجهة، وفي مقدمتها:
أولاً: إعلان موت إتفاق أوسلو ودفن كل مفاعيله على ارض الواقع، والذي سبق لقادة العدو الصهيوني ان اعلنوا موته، وهم يعملون على تأكيد سيادتهم على الضفة المحتلة وتهويد المدينة المقدسه.
ثانياً: وقف كافه أشكال الإتصال والتنسيق، وبخاصة الأمني منها مع الكيان الصهيوني.
ثالثاً: دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لعقد جلسات مفتوحة تستهدف إعادة إصلاح وبناء م. ت. ف. ومؤسساتها، كمطلق اساسي لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيق بالقضية الفلسطينية، وتستهدف تحقيق التالي.
أ – وضع استراتيجية وطنية فلسطينية واضحة وموحدة بوصلتها ثابتة باتجاه فلسطين، تقوم على قاعدة استمرار المقاومة بكل اشكالها، لتحرير الأرض واستعادة الحقوق.
ب – العمل بشكل جاد لاعادة انتاج مؤسسات جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية على اسس ديمقراطية تنهي حالة الانقسام والتشرذم القائمة في الساحة الفلسطينية.
ت – إنتخاب مجلس مركزي ووطني فلسطيني جديد، تشارك فيه كافة تجمعات وشرائح الشعب الفلسطيني في كل مكان داخل فلسطين وخارجها، بدون أي استثناء.
ث – انتخاب لجنة تنفيذية جديدة كقيادة يومية موحده للعمل الفلسطيني الموحد.
رابعا: وضع رؤية وإستراتيجية وطنية وسياسية كفاحية واضحة لإشراك اللاجئين الفلسطينيين في المعركة ضد الإحتلال، لتحرير أرضهم، وحماية مقدساتهم، وتحقيق عودتهم. إذ لم يعد مقبولاً تكديس ما يزيد على خمسة ملايين لاجىء في مخيمات الانتظار رهائن لمخططات مشبوهة تستهدف تدمير المخيمات، أو طعماً لاسماك البحار.
خامساً: إعادة الاعتبار لقضية فلسطين، كقضية مركزية، ودعوة كل الدول العربية والإسلامية والأشقاء والأصدقاء وخاصة روسيا والصين واليابان وفرنسا والمانيا وتركيا، وكل التجمعات والأحزاب والحركات والأحرار في العالم لتوحيد جهودها وجهادها نحو القدس.
وفي إطار ذلك يمكنني القول إن شعبنا وقيادتنا والذين تحملوا الكثير من الخداع والكذب والتضليل الإسرائيلي فإنهم يتوجهون اليوم نحو المجتمع الدولي لنزع فتيل الأزمة بدلاً من الاستمرار في تجاهل مطالبهم المحقة والعادلة، وهي ليست مطالب فلسطينية فحسب بل عربية وإسلامية، فالمدينة المقدسة تخص كل العرب وكل المسلمين وسياسة فرض الأمر الواقع في المدينة المقدسة لن تكون مقبولة، ولابد من الوقوف بوجه سياسة قضم الأرض المقدسة وتهويدها بشكل حازم.
وعلى هذا الأساس فليس أمام شعبنا وقيادتنا وفصائلنا إلا أن يستجمعون كل عناصر القوة فلسطينيا وعربيا ودوليا وإقليميا لمواجهة تحديات المرحلة القادمة وإستحقاقاتها على أساس الثابت وهو إقامة دولتهم المستقلة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وحق عودة لاجئيهم، ضمن الثوابت لهذه المرحلة التاريخية العالمية وهي الثوابت المتعلقة بالأرض والإستيطان والقدس وعودة النازحين واللاجئين الى ديارهم وحقوقهم في مواردهم الطبيعية وخاصة المياه والغاز والحرية والإستقلال المتكافئ.
إن الدولة الفلسطينية ليست هبه أو منه او منحه من أحد، وإنما هي حق لشعبنا معترف بها عالميا ودوليا وعربيا، فلقد اختار شعبنا طريق السلام في ظل إختلال موازين القوى، ولكن هذا لا يعنى إنهم في موقع تستطيع الحكومة الصهيونية أن تملي عليهم شروطها أو تفرض عليهم التخلى عن حقوقهم وثوابتهم، لأنهم عندما خاضوا معركة السلام، كانوا يفهمون جيدا ماذا تعني وعلى ماذا ترتكز وإنها ليست عنوان مجرد، وإنما هي حالة إنسانية وجوديه وحياتية، لأنها تقوم على مرتكزات في الفكر والذات والواقع والوجدان، فالمطلوب في هذه الأوقات تحرك دولي وعربي وإسلامي وإقليمي فاعل وبدعم وجهد أوروبي وروسي وتركي وسويسري وياباني وصيني وفرنسي والماني وبريطاني لإيقاف هذه المجازر وهذا العدوان القائم في الوطن الفلسطيني بواسطة آله الحرب الصهيونية وبدعم من المستوطنين النازيين الجدد.
*آخر الكلام:
يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنها لصادقون.
بقلم / رامي الغف*
*إعلامي وباحث سياسي