حركة فتح ليست عقيمة!!!

بقلم: رامي الغف

التضحية والإيثار وإختيار المواقف الصعبة، نهج إختطه وإنتهجه الرواد السابقون واللاحقون في حركة فتح مع لبنات تأسيسها، حيث جبلت عليهم فطرتهم السليمة فورثها بإعتزاز قادتها ومسؤولوها ونفذوها بإقتدار وكفاءة ومهنية، ميدانيا ومؤسساتيا وأمنيا وعسكريا وحتى فكريا وإبداعيا وثقافيا بالمحسوس والملموس، وعلى طول مسارها النضالي التحريري المشرف المزروع بالألغام والمحفوف بالأسلاك الشائكة والعبوات الناسفة والمستهدف من قبل الأعداء.

وشيئا فشيئا تشربته كوادرها وعناصرها وإقتنعت به قواعدها وإستسلمت لها جماهيرها وموالوها حتى صار عنوانها المميز وسمتها الغالبه وعلامتها الفارقه ومقولة قادتها الأوائل المشهورة ( نحن نحرر والشعب يقرر،،، ونحن نضحي بكل ما نملك، وليس بالضرورة أن نملك كل شيئ، وصار هذا التطبيق الحرفي والمصداق الجلي للمقولة الشهيرة ( مفكرونا يخططون ، وأبطالنا ينفذون ، وشجعاننا يستلمون!!!.
حركة فتح يكون جميع القادة والمسؤولين فيها ولاءهم لفتح وديدنهم خدمة أبنائها وجماهيرها، يكون فيها البناء تراكميا يبدأ القائد أو المسؤول الجديد من حيث ينتهي القديم، وهكذا تكون فتح في تطور ونمو مطرد والجماهير الفتحاوية في بحبوحة من العيش يرفل فيه بحرية ويتنعم بعدالتها المعهودة، حب فتح فيها فوق كل الاعتبارات وكرامة ورفاهية جماهيرها خط أحمر لا يمكن تخطيها أو المزايدة عليها.
مسؤولية البناء التنظيمي لفتح مسؤولية تضامنية يتحملها الإخوة في اللجنة المركزية مرورا بالمجلس الثوري والقواعد والمنظمات والمؤسسات والهيئات والدوائر الفتحاوية، وكل من له باع في هذا الشأن، وكل من له تأثير وكلامه مسموع عليه أن يؤسس لهذه الحالة الإيجابية التنظيمية والضرورية في آن واحد.
على القائد أو المسؤول في أي موقع كان في حركة فتح أن يحاول البناء ما دام يعمل في موقعه وأن يكون حريصاً أتم الحرص على هذا البناء، بمعنى أن يكون تفكيره تفكيراً تنظيميا وأن يبني بناء تنظيميا مؤسساتياً،
والسبيل إلى بناء فتح التنظيم هو الإرتقاء بدوائرنا ومراكزنا ومؤسساتنا بتقديم الأفضل إزاء كل ما يجذر ثقافة التأسيس لهذا البناء العظيم الذي يمكن بلورته عبر الأمور الآتية:
* العمل الجاد على تحويل الاختلاف إلى تنافس شريف يهدف إلى الارتقاء بالتنظيم الفتحاوي، وإعتبار مؤسسات وهيئات فتح وما تقدمه من خدمات خطا أحمر لا يمكن المزايدة عليها من أية جهة كانت.
* تكريس قيم الولاء لفتح والثقة بين أبناءها حافزا نحو التطوير والإبداع.
* تداول ثقافة الرأي والرأي الآخر لإنتخاب الأفضل وإنتقاء الأكمل حيث إن الحكمة ضالة العاقل يأخذها ولو إنطلقت من مجنون.
* إنتخاب قيادات الأقاليم والمؤسسات والمناطق الجغرافية على أساس البرامج والمقترحات الناهضة بفتح.
* إنضاج الآراء من قبل القادة والمسؤولين بإستشارة أصحاب الرؤى والإختصاص كل حسب إختصاصه وفي جميع الميادين.

إذ إن بناء المؤسسات التنظيمية في فتح سهلة في اللسان صعبة في المراس، وعلاوة على ما ذكر لابد على القضاء على حالات الفساد المالي والإداري والمحاصصات والمنسوبيات والواسطات، لنبني حركة نضاليه قائمة على مؤسسات حضارية تحاسب المقصر وتكافئ المبدع، وتدفع فيها عجلة الحياة بإستمرار دون أن تتأثر بالأفراد والعائلات والتوجهات ومن أية جهة كانت، فإن هذه الأمور تعد الحلقة المتغيرة الداعمة للحلقة الثابتة في النظام التنظيمي الفتحاوي، وتدار من قبل أكفاء نزهاء أقوياء يوالون لفتح ويحترمون جماهيرها ويقومون ببناء فتح التنظيم لا تنظيم فتح، وفي الأولى فتح المتجددة في خدمة الجماهير كما هو الحال في الأنظمة الديمقراطية وفي الثانية التنظيم في خدمة الدولة المشيخة تنهار بإنهيارها كما في الأنظمة الشمولية.
إذا لا ننكر أن العملية التنظيمية الجارية في حركة فتح تمر، اليوم بمرحلة حرجة ومنعطف خطير يستدعي بذل الجهود الحثيثة ومن قبل الكل التنظيمي الفتحاوي كافة، بغية إيجاد حل للخروج من الأزمة الراهنة التي يصفها بعض القادة الشرفاء فيها بالحادة والخطيرة. ففتح تتعرض ومنذ رحيل الرمز عرفات إلى هجمة شرسة يقودها البعض ممن يحملون في نياتهم الخبث والخبائث لتدميرها.
ورغم هذا الوضع الشاذ والتحديات الكبيرة التي تواجه الفتحاويون والتي تستوجب تكاتفهم ووحدتهم، فإن البعض ممن يعتبرون أنفسهم قادة فيها أثروا إلا أن يكونوا أداة طيعة بيد أعداء فتح، خارجيا وداخليا، ممن لا يريدون لفتح ولا لأبناءها خيرا، فيهدفون إلى تخريب وتدمير العملية التنظيمية وإدخال فتح في دوامة حرب شعواء لا تبقي ولا تذر بين هؤلاء وهؤلاء، وبدلا من أن يقفوا في صف سائر أبناء فتح في هذه الحرب التي تستهدف وجود فتح والفتحاويون، فلم تترك هذه القيادات التي تنسب نفسها الى فتح، فرصة إلا وسعت من خلالها لأجهاض العملية التنظيمية سواء عبر تعطيل البرامج والقرارات التنظيمية بل وشلها، أو عبر خلق المتاعب للقيادة العليا لفتح وللجنتها المركزية ومجلسها الثوري وإضعافهما بغية إسقاطها وإدخال الحركة في حالة من الفراغ والفوضى التنظيمية.
وفي ظل هذا الوضع الحرج فلا تملك الكوادر الفتحاوية المناضلة التي ضحت وقدمت الكثير في سبيل الحصول على حريتها وكرامتها وديمومة حركتها وبقاءها، لا تملك غير خيار دعم العملية التنظيمية ولو مؤقتا من أجل تمتين ديمومتها، ومنع كائن من يكون وتحت أي إسم او مسمى من العبث بالوضع التنظيميي الفتحاوي وإعاد عقارب الساعة إلى الوراء والإطاحة بالمكتسبات التي تحققت للمظلومين من الفتحاويون بعد سنين وسنين من الإضطهاد والإستبعاد.
لقد وضعت تلك القيادات مصالحها الشخصية والفئوية الضيقة، ولقد أن الأوان لوقف هذه القيادات عند حدها، ورسم خطوط حمراء لها لن يسمح لأي كان بتجاوزها. ففتح خط أحمر ولن يسمح لأي كان بتعطيلها أو تدميرها.
غير أن هذه الديمومة للعملية التنظيمية ورعايتها لن تتحقق إلا بتشكيل قيادة مهنية نزيهة وقويه منتخبه من الكل الفتحاوي تكون قادرة على رعاية المسيرة الديمقراطية التنظيمية والحفاظ عليها، وتحقيق أمال الفتحاويون في الإنتماء الهني والرغيد.
إن المقصود بالقيادة القوية هي تلك القيادة التي تتمتع بأوسع تأييد جماهيري وبقاعدة فتحاوية عريضة تقف خلفها وتسندها وتدعمها وتقاتل من أجلها، في عملها وبرامجها وآليات وقرارات التنظيم، ولا تعرقل مسيرتها، لقد كان أحد العوامل الأساسية التي ساهمت في إضعاف التشكيلات القياديه السابقة والحالية هو ضعف التأييد الجماهيري لهذه التشكيلات، وكذلك فإن المقصود بالقيادة القوية هي تلك القيادة التي يعتمد مبدأ الكفاءة في إنتخاب أعضائها، لا مبدأ المحسوبية والمنسوبية والإنتماء الجغرافي أو العائلي والولاء لهذا وذاك، بل المطلوب الكفاءة والنزاهة والمهنية والولاء لفتح أولا وأخيرا، حيث إن الكفاءة تعني معرفة القرار والقدرة على إتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه. لقد كان احد نقاط ضعف التشكيلات السابقة والحالية هو إعتماد سياسة المحاصصة عند تشكيلها بدلا من إعتماد مبدا الكفاءة بغض النظر عن الإنتماءات الجغرافية والعائلية والأقاربيه الأمر الذي ساهم في ضعف أدائها.
وأخيرا فإن القيادة القوية هي تلك القيادة التي تعتمد في سياستها, مبدأ العدل والمساواة بين الفتحاويين جميعا بغض النظر عن أفكارهم وتوجهاتهم.
وأخيرا وليس بآخر فالبناء التنظيمي لفتح بحاجة إلى ثقة متبادلة بين القادة والمسؤولين وبينهم وبين الكوادر والجماهير، وإذا لم تكن الثقة موجودة سيُتهم كل من يفكر ولو كان تفكيره تفكيراً صحيحاً وسينهار العمل ولو كان سليما!! فالكل الفتحاوي معنيون بالدرجة الأساس بمد جسور الثقة فيما بينهم حبا لفتح الذي يعيشون في كنفها، وولاء للجماهير التي رفعتهم إلى مواقعهم التي هم عليها الآن، فكفانا سنوات وسنوات مضت ونحن نراوح مكاننا، لا نتقدم خطوة إذا لم نتراجع خطوات إلى الخلف.

آخر الكلام:
لابد من وجود ثقة فيما بيننا حتى نستشعر فعلاً إن البناء التنظيمي الفتحاوي بدأ يدخل حيز الواقع والتنفيذ ولو في خطواته الأولى.

 

بقلم / رامي الغف*

*إعلامي وكاتب صحفي