متطلبات إلغاء الإتفاقيات مع دولة الكيان الصهويني

بقلم: سامي الأخرس

جاء قرار الرئيس محمود عباس بإلغاء الإتفاقيات مع دولة الكيان متأخرًا كثيرًا، حيث أن دولة الكيان الصهيوني هي التي عطلت وألغت جوهر الإتفاقيات التي تم التوقيع عليها في أوسلو وما تبعها من اتفاقيات فرعية سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو المعابر أو عدم اتخاذ قرارات آحادية الطرف كما فعلت دولة الكيان في الإنسحاب من حدود قطاع غزة، ومن ثم تنكرها لتنفيذ بنود الإتفاق بعد انتهاء مدة المرحلة الإنتقالية المنصوص عليها، لذلك فقد كان وفق هذه الممارسات والإعتداءات الوحشية التي قام بها العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية أن يتخذ الرئيس الراحل ياسر عرفات إجراءات وخطوات ترد على ممارسات وخطوات العدو الصهيوني الذي ماطل ويماطل حتى راهن اللحظة بما تم الإتفاق عليه، رغم إلتزام السلطة الفلسطينية بكل ما تم الإعلان عنه وما تم الإتفاق عليه، بل وتمادت كثيرًا وتغولت على الحق الفلسطيني، سواء بمحاصرة الرئيس ياسر عرفات ومهاجمة المخيمات الفلسطينية التي تحت السيطرة الفلسطينية، والإغارة على مقرات ومؤسسات السلطة الفلسطينية، ومحاصرة قطاع غزة وشن عدة حروب عليه، وليس انتهاءً بالتغول وسرقة أموال المقاصة الفلسطينية، وتدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية.
قرار الرئيس الفلسطيني ليس إلغاءً بل هو وقف لإلتزامات السلطة الفلسطينية بكل ما نصت عليه الإتفاقيات مع دولة الكيان بما أن الأخيرة هي التي أوقفت وعطلت هذه الإتفاقيات، وتجاوزتها ومماطلتها بما تم الإلتزام عليه وفق اتفاقيات تمت أمام مرآى العالم وحضوره، وعليه فقرار الإلغاء والتجميد هو الخطوة الأكثر صوابية والأكثر نجاعة في مواجهة التغول الصهيوني ضد الكل الفلسطيني، ووضع العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والقانونية والسياسية، والتوقف عن الإنحياز التام لصالح العدو الصهيوني، كما أن هذا القرار وضع القوى الإقليمية العربية وغير العربية أمام مسؤولياتها أيضًا، وسحب كل مبرراتها الإنسيابية في عمليات التطبيع الكبرى والمتزايدة مع دولة الكيان الصهيوني.
ولكن ماذا يتطلب الأن من النظام الفلسطيني بعد خطوة الرئيس الفلسطيني؟ هذه الخطوة أو هذا القرار لن يكتب له النجاح أو القوة التأثيرية دون أن تتكاثف القوى الفلسطينية مع السلطة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس واتخاذ قرارات فاعلة وناجعة تدعم وتثبت هذه الخطوة وهذا القرار، وخوض مرحلة المواجهة مع دولة الكيان على كافة المستويات والصعد وعدم منح دولة الكيان مساحة مناورة وهامش للتحرك المضاد أو التفرد بالقوى الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وهذا لن يتحقق دون أن تجابه هذه الخطوة بخطوات فاعلة وناجزة على صعيد ترتيب البيت الفلسطيني، وملف المصالحة العام والشامل، ومحاربة الفساد المستشري بالمؤسسات الفلسطينية.
إذن فخلاصة الأمر أن قرار الرئيس الفلسطيني هو الرد الواقعي على ممارسات وتصرفات دولة الكيان الصهيوني، وتغولها ضد حقوق الشعب الفلسطيني السياسية والاقتصادية والاعتبارية. وكذلك مباغته للقوى الدولية والإقليمية التي تحاول تمرير صفقة القرن مستغلة حالة الضعف والهوان والتمزق الفلسطينية الحالية، فالآن المسؤولية وطنية وليس مسؤولية السلطة الفلسطينية فقط، أي أن المسؤولية أصبحت أمام النظام السياسي الفلسطيني عامة، ولا يوجد أي قوة خارج هذه المسؤولية وهذا الإطار وهي المفصلية أمام معركة المصير الوطني، فدولة الكيان ستصعد من عدوانها السياسي والاقتصادي والعسكري ضد مفاصل العمل الوطني الفلسطيني عامة، وضد مفاصل ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]
السادس والعشرون من (يوليو) تموز 2019