الوطنيون العرب وصفقة القرن

بقلم: محمد سيف الدولة

هذا هو المقال الرابع فى هذه السلسلة من المقالات التى تبحث فى اهم مهماتنا الوطنية بعد صفقة القرن.

 

***

دائما ما كان الشارع العربى ينتفض غضبا وتضامنا ضد كل عدوان صهيونى جديد، فعلها فى اجتياح بيروت ومذبحة صابرا وشاتيلا عام 1982، وفى انتفاضة الحجارة 1987، وانتفاضة الاقصى 2000، وفى حرب تموز 2006، وفى الحروب الثلاثة الكبرى التى شنتها اسرائيل على غزة (2008 ـ 2014)، ناهيك عن حريق المسجد الاقصى ومذبحة الحرم الابراهيمى وغيرهم الكثير.

صحيح أن صفقة القرن الامريكية لم تطلق الرصاص ولم تلقِ القنابل ولم ترتكب مذابح مباشرة، الا انها تفوق فى اضرارها ومخاطرها على فلسطين والامة العربية كل ما سبق ذكره من حروب واعتداءات ومذابح اسرائيلية، مما يوجب على القوى الوطنية فى كل الاقطار العربية وساحاتها ان تقوم بادارة حوار واسع وعميق يتناول فرص وامكانيات ووسائل وادوات الدعم والمشاركة فى التصدى للمشروع الامريكى الصهيونى فى المنطقة ككل وفى كل قطر على حدا، رغم القيود التى تفرضها الانظمة العربية على النشاط السياسى وعلى الحريات بشكل عام وعلى أنصار فلسطين ومناهضى اسرائيل والصهيونية على وجه الخصوص.

  •        ولنتفق اولا على ان هناك اقطاراً وساحاتً عربية تمتلك من اجواء الحرية ما يؤهلها بان تقوم بدور القاطرة فى مواجهة الكيان الصهيونى ودعم فلسطين، مثل لبنان وتونس.
  •        أو تلك التى لم يبلغ فيها القهر والاستبداد بعد المدى الذى بلغه فى غالبية الأقطار العربية، والتى لا يزال بها هامش من الحريات تستطيع المعارضة السياسية ان تنشط من خلاله، مثلما كان الحال فى مصر أيام مبارك!
  •         تليها الاقطار التى لا تمتلك ذات الاجواء من الحريات لكنها غير مكبلة باتفاقيات سلام مع (اسرائيل) تفرض فيها السلطات الحاكمة حظرا على مناهضة (اسرائيل) ودعم فلسطين.
  •        او الاقطار الذى لا يوجد فيها تواطؤ رسمى واضح مع العدو الصهيونى والولايات المتحدة الامريكية لتصفية القضية الفلسطينية.
  •        أما تلك الأقطار التى تعانى من كل ما سبق، فعليها ان تبحث فى سبل اختراق الحصار وكسر القيود.
  •  

اما عن قضايا الحوار فيمكنها ان تتضمن ما يلى:

  1.    الاتفاق على طبيعة وحدود المشاركة العربية، بمعنى هل نحن بصدد دعم شعب شقيق لتمكينه من تحرير "أرضه" المحتلة، ام اننا بصدد قضية قومية عامة تمسنا وتخصنا بقدر ما تخص فلسطين؟
  2.    كيفية احياء حركات ولجان المقاطعة والمناهضة ومقاومة التطبيع ودعم الانتفاضة والاغاثة ونصرة الاقصى وغيرها، التى تأسست ونشطت فى غالبية الاقطار العربية على امتداد عقود طويلة؟
  3.    مع دراسة العوامل التى ادت الى تراجعها واختفائها بعد أن كانت ملء السمع والبصر؟
  4.    وعلى راسها غياب التخصص والتفرغ الواجب فى التصدى للقضية؟ وازدحام اجندة القوى والشخصيات السياسية العربية بعشرات الملفات والقضايا، على العكس مما يحدث داخل الحركات والمنظمات الصهيونية.
  5.    السعى الى تأسيس مراكز أبحاث ودراسات متخصصة فى قضايا الصراع العربى الصهيونى، تكون مستقلة عن السلطات العربية، على العكس من غالبية المراكز القائمة حاليا.
  6.    اعداد قوائم بأهم الكتب والاصدارات والمراجع المقروءة والمرئية والدوريات العربية والفلسطينية والاجنبية المتعلقة بالقضية، وكذلك اهم الحركات والاحزاب والشخصيات العربية المتخصصة والمشتبكة معها.
  7.    مع الحرص على تأسيس هيئات وآليات اهلية عربية مستقلة وجامعة لكل ألوان الطيف العربى المقاوم، تستهدف تحقيق التواصل والتفاعل الدائم، وتقريب وتوحيد الرؤى والاستراتيجيات وبرامج المواجهة.
  8.    تاسيس ميثاق وطنى بين كل القوى والاحزاب والشخصيات الفاعلة فى كل قطر ينص على وضع قضية فلسطين ومواجهة المشروع الامريكى الصهيونى على راس الثوابت والاجندات السياسية للجميع.
  9.    تأسيس خطاب سياسى شامل يشرح للراى العام العربى فى كل قطر، الارتباط العضوى بين مصائرنا ومصير فلسطين. وهو ما يعد من أهم قضايا الحوار.
  10.          كيفية الدفع فى اتجاه تحرير مصر والاردن وفلسطين مما يسمى باتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية؟
  11.          كيفية اختراق القيود السياسية والامنية المفروضة على اى نشاط سياسى بشكل عام وعلى اى انشطة معادية لاسرائيل وللولايات المتحدة على وجه الخصوص؟
  12.          كيفية مواجهة الهرولة غير المسبوقة فى التطبيع العربى الرسمى مع (اسرائيل) الجارية اليوم على قدم وساق؟
  13.          كيف يمكن الضغط شعبيا وسياسيا لاثناء الانظمة العربية عن المشاركة او التورط فى اى من ترتيبات او اتفاقيات صفقة القرن ومثيلاتها؟
  14.          مع النضال اليومى ضد كل اشكال الاحلاف الدولية والاقليمية التى تضع الدول العربية و(اسرائيل) فى أحلاف أو ترتيبات أو مصفوفات أمنية واستراتيجية واحدة.
  15.          احياء القضية واعادتها الى مكانتها السابقة والمستحقة فى الحياة السياسية والفكرية العربية، بشكل يمثل ضغطا أدبيا على كل قادة الرأى العام من كتاب ومفكرين وصحفيين واعلاميين وفنانين وسياسيين وبرلمانيين ونقابيين من كافة التيارات، بما فيها تيار السلطة؛ ضغطا يدفعهم لتحديد مواقفهم الصريحة من فلسطين وقضيتها ومن (اسرائيل) والتطبيع معها.
  16.          دراسة ادوات التأثير والضغط من أجل رفع الحصار المفروض على حركات المقاومة فى فلسطين ولبنان، أو على الأقل عدم المشاركة فيه؟
  17.          مع البحث فى كيفية تنظيم قوافل واساطيل شعبية عربية لكسر الحصار على غزة لا تقل زخما عن مثيلاتها الاوروبية.
  18.          الاتفاق على ضرورة استقلال حركة النضال العربى والفلسطينى عن اى محاور اقليمية او دولية او اى انظمة حكم عربية، ومن باب أولى غير عربية.
  19.          وضرورة استقلالها خارج فلسطين عن اى فصائل فلسطينية.
  20.          العمل من اجل استبدال الوساطات العربية الرسمية بين الفصائل الفلسطينية المنقسمة، بشخصيات وهيئات اهلية عربية مستقلة تحرر القضية والوساطة من اجندات انظمة الحكم العربية. 

وهكذا ..

*****

محمد سيف الدولة

[email protected]

القاهرة فى 30 يوليو 2019