بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافة التمجيد والمديح الزائد لأي قائد مهما كان وأي كان فهي ثقافة فاسدة وفاشلة ، وقبل أن تسئ للمادحين مما يمارسونه من ابتذال بالتمجيد فهي تسئ أكثر للقائد الذي ينطرب للمديح والتمجيد ،
فالقائد الذي ارتضي علي نفسه أن يكون قائد ومسئول فهو أولاً وأخيراً خادماً لشعبه ووطنه ، وما يقدمه من خدمات لوطنه وشعبه فهو واجب عليه ، فمن ارتضي أن يكن سيداً علي الناس واجب عليه أن يكون خادم لهم ، فالمسئولية أمانة وليس سيادة وفخامة وتمجيد وبريستيج وتكبر وتعظيم ،
فنظام التذلل والانكسار أمام القائد والمسئول وكيل المديح له هو خنوع واذلال ورخصنه ،
كثير من القادة يميلون أن يحيطوا أنفسهم بأتباع لا ينطقون ولا يعترضون ، هذه الفلسفة هي التي توجد ديكتاتورية ، وفي ظل الديكتاتورية ينعدم صنع قيادات جديدة ، وفي ظل الديكتاتورية ينعدم الإبداع ، مادامت هناك ديكتاتوريات على كل المستويات لن ننهض ، فلا إبداع بدون حرية ، لا إبداع في ظل أجواء ديكتاتورية ،
فهؤلاء المرجفون الذين يمجدون بالقيادات ليل نهار يصنعون من أنفسهم عبيد ، وبأيديهم وبجبنهم يصنعون أسيادهم ، ويتلذذون بأن يكونوا مجرد عبيد بلا أي قيمة ، وكل طموحهم أن يصافحهم أو يبتسم بوجههم هذا أو ذاك القيادي ، أو أن يتصوروا بجوار تلك القيادي فيشعرون بقيمتهم بهذه التفاهات لأنهم صغار وارتضوا علي أنفسهم أن يكونوا صغار وأتباع ومجرد هتيفة معدومي الشخصية والرأي ،
فيا هؤلاء احترموا أنفسكم ، وانهضوا فوالله إنكم لا ترونهم كباراً إلا لأنكم راكعين وخاضعين وترون أنفسكم صغار ، فلا تستصغروا أنفسكم ، فأي قائد ومسئول أي كان فهو بدونكم بلا أي قيمة ، فكونوا أحراراً ولا تصنعوا أسيادكم وجلاديكم وطغاتكم بأيديكم ، ولا تنحنوا ليتسلقوا ظهوركم ،
فالقائد هو بشر وكل البشر خطاؤون فلا توهموهم أنهم ملائكة ولا يخطئون ، ولا تصفقون لباطلهم ، لا تسلموا عقولكم لأحد ، فلا يوجد أحد فوق الانتقاد ، فلا تصفقوا للخطأ ولا تجملوا للقائد خطاياه ،
فالانتقاد البناء يبني والتسحيج والتصفيق يهدم ،
فمن يخاف الانتقاد ويخشي من مواجهته بأخطائه ويرتعب من أي كلمة لا تعجبه ، عليه أن يلتزم بيته ولا يطرح نفسه قائد ومسئول ،
وهؤلاء ضعاف النفوس الذين يرون أنفسهم صغار ويتفننون في التمجيد للقائد والدفاع عن خطاياه وتبرير مساوئه ما هم إلا عبيد ارتضوا الذل والمهانة ومسح الجوخ ظنا منهم أن ينالوا رضي سيدهم ، فأتقنوا العبودية بكل قناعة لانهم فقدوا كرامتهم ويخشون من أن يكونوا رجالاً ، لانهم تعودوا علي الانحناء والخضوع ،
فان كان ثمن الكرامة والحرية فادح فاعلموا أن ثمن السكوت عن الذل والاستعباد أفدح ،
والقائد الذي يطربه المديح والثناء فهو ليس بقائد وما هو إلا شخص ساعدته الظروف ان يكون بموقع ويعاني عقدة النقص والضعف فيجد نفسه بالمديح الكذاب والتفاف السحيجة والمنافقين من حوله ، ليعوض عقدة النقص عنده ،
القادة الحقيقيّون لا يصنعون أتباعاً لهم ، إنّهم يصنعون مزيداً من القادة مثلهم ، وربما أعظم !
الفرق بين القائد والتابع هو الإبداع ، والقيادة ليست كلمات إنما سلوك وأفعال ، والمنصب لا يصنع قائدا ، بل القائد هو من يصنع المواقف والمواقع ، فكونوا قادة لا أتباع ، كفي تمجيدا بالأشخاص ولا تصنعوا طغاتكم بأيديكم ، فالقائد ليس بالمنصب والمسميات وكثرة المنافقين حوله ، بل القائد بالعمل والاحترام وخدمة شعبه ووطنه ،
كتب : حازم عبد الله سلامة " ابو المعتصم "
[email protected]
وانتظرونا في دردشات متجنح للحق (29)
1-8-2019