أراد عزل (الأنا) في عزلة بعيدا عن كل شيء وانعزل عن الناس لفترة من الزمن، وأصرّ حينها حينما لاحظ انتقاد الناس له من كثرة كلامه عن (الأنا)، وصمّم على الانعزال لاكتشاف (الأنا) المتعالية عنده، فحشر ذاته في غرفة بلا نوافذ، وكسّر المرايا لكي لا يرى غروره على وجهه.. أضاء الغرفة بضوء خافت.. راح يكتب نصوصا عن قهرِ (الأنا) عنده، لأنه تعِبَ من تهكّم الناس عليه باستمرار وعلى نصوصه، التي يظهر فيها الأنا بشكل بارز.. أراد أن يعزلَ (الأنا) في نصوصه، التي تسرد معرفته وحبِّه بالمرأة.. بحثَ عن الأنا في ذاته، واستطاع بعد مرور فترة من الزمن قمعها، وانعزلَ عن ذاته حتى في كتاباته الأخيرة، ولم يكتب عن غروره ككاتب مهووس في حُبِّ المرأة، وأصرّ على هزمِ (الأنا) بكل إصرار بعيدا عن أية عواطفٍ إتجاه حُبّه المجنون لنفسه.. ففي عُزلته هربَ من (الأنا) زمناً، حاورَ ذاته دون أن تنتصر عليه (الأنا) هذه المرة.. علِمَ بعد مرور فترة من الزّمن بأن (الأنا) عنده كانت حالةً مرضية ليس إلا، لأن في عُزلته لم يرى الأنا عنده تتقدم خطوات إلى الأمام، بل انهزمتْ وتقهقرت من تواضعٍ مجنون احترفه بعناية في عُزلته، فالأنا عنده في العُزلة جعلته يدرك غروره في زمن ولّى، ولهذا تبيّن له بأنه بشبه الكثير من اللذين يرددوا كلمة أنا وأنا، رغم أنهم لا يجيدون فعل أي شيء حتى في تخصصاتهم ضعفاء.. ففي عزلته اكتشف كل شيء على حقيقته.. كانت (الأنا) عنده في السّابق متعالية للغاية، أما في عزلته باتت حقيقية، ورآها أجمل بمعرفتها على حقيقته، وكانت (الأنا) عنده مختلفة بمسارها المفترض أن تكون فيه، وهكذا انتصر في عزلته على (الأنا)، وعرف حجم نفسه، ولم يعد يقول أنا فعلتُ وأنا أستطيع ووو...
عطا الله شاهين