أن تعيش بعيداً عن الشبكة العنكبوتية لأيامٍ عديدةٍ، بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي، الواتس آب والفيس بوك وتويتر وغيره، تجربة مختلفة وإحساسٌ مختلط.
من ناحيةٍ تشعر بنوعٍ من الاستجمام والراحة، وتتخلص من أعباء الملاحقة والردود الواجبة، فلا منعصات ولا توترات، كما لا مشاركة في الأفراح وتهنئة بالمسرات والمناسبات، ويصبح لديك بعض الوقت الفائض، الذي يمكنك استغلاله في مناحي أخرى ومناشط مختلفة، ويتيح لك فرصة الخلوة مع النفس لمحاسبتها ومراجعتها، وتأنيبها وعقابها، أو تشجيعها وحثها.
ومن ناحيةٍ أخرى تفقد اتصالك بالعالم، وتنقطع عن الأحداث والتطورات، فتقع أحداثٌ كبرى ومتغيراتٌ كثيرة، فلا تسمع عنها ولا تعيش تداعياتها، إلى الدرجة التي تصاب فيها بالصدمة والذهول عند عودتك إلى الحياة العامة، وسماعك لما حدث ومتابعتك لما وقع وجرى، بما يشبه نسبياً أصحاب الكهف، الذين استفاقوا على عالمٍ آخر وحياةٍ مختلفة.
رغم ميزة الأولى وعيب الثانية، فقد وجدت في هذا الزمن بالذات أن الانعزال عن العالم، وقطع الصلة بالأوساط المحيطة، مهما كانت الأسباب والمدة، بات أمرٌ في غاية الصعوبة، وقد يسبب في عزلةٍ حقيقيةٍ لا افتراضية.
فقد أصبحت الشبكة العنكبوتية وما تحمل من أخبارٍ لحظيةٍ وأنباءٍ يوميةٍ، وبما تقدم من خدمات التواصل والتفاعل مع المجتمع، مما لا يمكن للإنسان في هذا العصر أن يتخلى عنها، أو ينأى بنفسه عنها، أو يستغني عن الخدمات التي تقدمها، التي لا تقتصر على التواصل والأخبار ومتابعة لتطورات، والسؤال والاستفسار والحصول على المعلومات، بل أصبحت هي آلية العمل ووسيلة التنسيق، والطريقة المثلى لمتابعة التكليفات وإنجاز المعاملات وإتمام المهام.
أهلاً وسهلاً بكم بعد أكثر من أسبوعٍ طويلٍ وشاقٍ بعيداً عن شبكة الانترنت وخدماتها......
بقلم/ د. مصطفى يوسف اللداوي