لا جدال في أن الحركة الوطنية الفلسطينية داخل حدود العام 1948 المسمى الخط الاخضر ، تشهد في الاعوام الأخيرة تراجعًا كبيرًا ، فكرًا وممارسة ، وتسمها مظاهر سلبية خطيرة ، ومصابة بأدران وأورام خبيثة ، كسيطرة الانتهازية السياسية ، وانتشار النزعة الذاتية الشخصانية بدلًا من الأخلاق السياسية ، وتفضيل المصلحة الشخصية على المصالح الجماعية العامة ، فضلًا عن نكوص العمل النضالي الشعبي ، وتحول الأحزاب السياسية في الشارع العربي إلى أحزاب موسمية ، بعد ان كانت في يوم من الأيام احزابًا منظمة وفاعلة وناشطة ، والأمر الأخطر أن يتحول الكنيست إلى المنبر المركزي ، حيث نرى اشتداد التعلق بالكنيست والوصول اليه هو الهدف الأسمى ، وتحوله إلى ساحة العمل السياسي الأساسي ، وكذلك ساحة منافسة وصراع بين هذه الأحزاب ، وذلك على حساب العمل الشعبي والجماهيري المنظم ، حتى بات الكرسي أهم من المبادئ والمصلحة العامة للشعب .
ومن نافلة القول أننا فشلنا واخفقنا في مأسسة مجتمعنا العربي الفلسطيني وتنظيمه جماعيًا ، ويتحمل ذلك القيادات بل الزعامات السياسية ، التي بات همها المواقع والمناصب والتمثيل البرلماني والحصول على مقاعد اكثر ، وغدا نضالها ينحصر في العمل البرلماني وليس الميداني .
والواقع أن الإنسان العربي الفلسطيني ليس مغفلًا ، ولا تنطلي عليه الأقوال والتصريحات والمواقف ، واصبح قادرًا على التمييز بين التمثيل والتهريج والاستعراضية والزيف الكلامي ، وبين من يحمل مشروعًا سياسيًا وطنيًا يمكن للجماهير أن تلتف حوله .
وعلى ضوء ذلك ، وفي هذه المرحلة الانعطافية العاصفة الخطيرة التي نمر فيها ونعيشها ، ولمواجهة التحديات الراهنة والمقبلة ، والاخطار المحدقة بنا كجماهير عربية باقية في وطنها ، وكشعب فلسطيني يكافح ويقاوم لأجل الخلاص من الاحتلال ، وفي سبيل التحرر والاستقلال الوطني ، فإننا نحتاج إلى إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على أسس وطنية واضحة ، ووضع مشروع سياسي ووطني كفاحي مستقبلي ، متكامل الملامح ، لتحقيق أهدافنا الوطنية ومطالبنا اليومية العادلة بالمساواة في الحقوق والسلام العادل ، ورسم استراتيجية نضالية جديدة لكافة قطاعات شعبنا ، والعمل على تشكيل مؤسسات وطنية تمثيلية موحدة منتخبة تستمد شرعيتها من الجماهير والناس ، وقادرة على قيادة وتنظيم الشعب بكل شرائحه وقطاعاته وميوله واطيافه السياسية .
بقلم : شاكر فريد حسن