الحاخام إليعيزر كشتيئيل ، عنصري كريه دأب على بث افكاره العنصرية ضد العرب دون ان يتعرض لمساءلة او محاسبة من المستوى السياسي أو الأمني أو القضائي في اسرائيل . أفكاره الكريهة منشورة على موقع المدرسة التحضيرية في مستوطنة " عيليه " المقامة على اراضي قرى قريوت والساوية واللبن الى الجنوب من مدينة نابلس
وعلى طريقة العنصرية النازية تماما والأيدولوجية النازية الكريهة وموقفها من اليهود يجاهر هذا الحاخام العنصري بأفكاره السوداء ويقول دون لعثمة : " نعم ، نحن عنصريون ، بالتأكيد. هناك أعراق في العالم ، وهناك خرائط جينية للشعوب. وهذا يقتضي منا مساعدتهم ، والتفكير في كيفية مساعدتهم. صحيح أن هناك فروقات بين الأعراق ، وهذا بالضبط سبب تقديم المساعدة. وكما نعرف ، هناك خلل جيني ، وهذا الأمر لا يستدعي التهجم أو الانتقاد ، وإنما تقديم المساعدة .
وفي موقفه من الفلسطينيين ومن العرب بشكل عام يقول هذا العنصري الكريه : " نقول لهم : تعالوا لتكونوا عبيدا لدينا ، العرب يحبون الاسترقاق والعيش تحت الاحتلال ، لقد سألت عربيا بسيطا أين يريد العيش ، في ظل السلطة الفلسطينية أم في ظل دولة إسرائيل ، وكان الجواب قاطعا. كلهم سيقولون الجواب القاطع نفسه ، وإنهم يريدون العيش تحت الاحتلال …لماذا ؟ لأنه يوجد لديهم مشكلة جينية ، فهم لا يعرفون كيف يديرون دولة ، ولا يتقنون شيئا ، أنظر إليهم ، فهم لا يعرفون كيف يديرون أي شيء ”.
مثل هذه الأفكار المسمومة لا تجدها فقط عند الحاخام اليعزر كشتئيل ، بل عند غيره من الحاخامات وحتى عند القيادات السياسية في اسرائيل وفي الولايات المتحدة الأميركية . ومن يطالع كتاب بنيامين نتنياهو حول اسرائيل والذي يحمل العنوان " مكان تحت الشمس " يجد هذه الأفكار المسمومة خاصة عندما يتحدث عن بيت لحم والناصرة ويافا وأريحا وعكا ، وغيرها من مدن فلسطين التي كانت خربا صغيرة على حد زعمه وأن من الممكن إعادة الازدهار لهذه المدن ، شريطة السماح لليهود باستيطانها من جديد“ .
فريق السلام الأميركي ، الذي لا علاقة له بالسلام ، والذي يحاول تسويق " صفقة القرن " الأميركية غير بعيد عن هذه الأفكار ، وصفقة القرن بحد ذاتها تنظر الى الفلسطينيين باعتبارهم غير مؤهلين لإدارة وقيادة دولة مستقلة ذات سيادة بقدر ما هم مؤهلين للعيش تحت احتلال في حكم إداري ذاتي . هنا يجب التذكير بما قاله جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط في كلمته أمام مجلس الأمن ، الذي اجتمع نهاية تموز الماضي للنظر في جريمة هدم منازل الفلسطينيين في صور باهر موضحا أنه لا يمكن حل الصراع على أساس التوافق الدولي أو القانون الدولي غير الحاسم وقرارات الأمم المتحدة وبأن الانسب أن يوافق الفلسطينيون على حكم ذاتي تابع لدولة اسرائيل باعتباره لا يعترف أساسا بوجود احتلال اسرائيلي . غرينبلات هذا يعترض على استخدام كلمة مستوطنات ، باعتبارها مصطلحا ينم عن التحقير حسب زعمه ولكنه لا يعترض على حشر الفلسطينيين في معازل ، أين منها تلك التي كانت قائمة في جنوب افريقيا في عهد نظام التمييز العنصري البائد .
هل هذه الأفكار مقطوعة الصلة بماضي الحركة الصهيونية وتاريخها أو بالتراث والأدب التوراتي والتلمودي . لا اعتقد ذلك ، فمن يطالع تاريخ الحركة الصهيونية يجد مثل هذه الافكار السوداء موجودة حتى عند من كانوا يقدمون انفسهم مطلع القرن الماضي بثوب ليبرالي وتنويري مثل مارتن بوبر ، الذي سقط بنعومة في شر الايدولوجية النازية في دفاعه عن مبررات وجود الحركة الصهيونية . ولهذه الأفكار وجود في التراث التوراتي والتلمودي ، حتى عند الفيلسوف القرطبي اليهودي موسى بن ميمون ، الذي وإن تأثر بالفلسفة الاسلامية في عهده وبممارسة الحكم من خلال عمله طبيبا لامعا في بلاط صلاح الدين الايوبي . بن ميمون هذا ليس الحاخام اليعازر كيشتئيل بكل تأكيد ، ولكنه متأثرا بنزعة الانغلاق والتعالي التلمودية قسم البشر الى قطاعات مختلفة ، كثير منها لا يستطيع بلوغ مرتبة القيمة الدينية العليا ومرتبة العبادة الحقيقية للرب كبعض الترك ( أي العرق المغولي ) والقبائل الجوالة في الشمال والسود والقبائل الجوالة في الجنوب ومن يشبهونهم من الذين تقع مرتبتهم بين الكائنات الحية أدنى من الانسان وأعلى من القرد ، لأن هيئتهم أقرب الى الانسان منها الى القرد .
وعودة من جديد الى الحاخام كيشتئيل وما ورد عنه من أفكار عنصرية كريهة يلقنها لطلاب مدرسة دينية تجدر الاشارة ان ذلك ينطوي على خطر مضاعف ، فالفرق كبير بين أفكار كهذه تصدر في ظرف سياسي معين وسياق تاريخي كان اليهودي فيه في موقع ضعف ، وبين أفكار تصدر في مناخ من التطرف اليميني المحمول على موجة عالية من الشعور ليس فقط بالقوة بل ومن الشعور بالتفوق ، بما في ذلك التفوق الأمني والعسكري على دول المنطقة مجتمعة . في مثل هذه الحالة تصبح أفكار الحاخام كيشتئيل دعوة مباشرة وصريحة لوضع ( الآخر ) غير اليهودي أمام أحد خيارين لا ثالث لهما ، فإما العبودية والعيش تحت الاحتلال أو الترانسفير والتطهير العرقي ، حتى وإن جرى بصمت ، كما هو الحال هذه الأيام .
بقلم/ تيسير خالد