ركزت التقارير الإسرائيلية سواء كانت صحافية أو رسمية، الصادرة في الفترة الماضية، على الفائدة القصوى التي حققتها أجهزة الأمن الإسرائيلية من أجهزة الرصد والمراقبة التي نصبتها خلال السنوات الأخيرة في مختلف أرجاء الضفة الغربية المحتلة، في تعقب المقاومين الفلسطينيين ومنفذي العمليات، وذلك منذ اللحظة الأولى التي تم الإعلان فيها عن العثور على جثة الجندي المستوطن، دفير شوريك من مستوطنة "إفرات"، مقتول طعنًا في الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون".
إذ كتب المحلل العسكري لـ"القناة 13" الإسرائيلية، ألون بن دافيد، أن ما تغير بعد مقتل المستوطنين الثلاثة، قبل 5 سنوات، هو نصب مئات الكاميرات في كافة أنحاء الضفة الغربية، والتي تزود الاحتلال بمعلومات ذات قيمة كبيرة في التحقيق في أي عملية. وإضافة إلى الكاميرات التي نشرها الجيش، فإن هناك آلاف الكاميرات الفلسطينية الخاصة، والتي توفر صورة واضحة عن تحركات أي "مشتبه به" في شوارع الضفة الغربية.حسب ما رصد موقع "عرب 48".
وأضاف أنه بالرغم من أن هذه الكاميرات تلعب دورا كبيرا في تحليل العمليات، إلا أن المشكلة تكمن في أنها تساعد فقط في تحليل العملية التي حصلت، وليس في منعها. وبحسبه، فإن القدرات على تحليل تحركات أشخاص أو مركبات بشكل مشتبه به وإطلاق تحذيرات سيتم دمجها في المرحلة القادمة مع الكاميرات الموجودة في الضفة الغربية.
كما شدد تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في أعقاب اعتقال الشابين نصير عصافرة (24 عاما) وقاسم عصافرة (30 عاما)، من بلدة بيت كاحل بادعاء الاشتباه بتنفيذهما العملية، على أنه "بفضل نشر كاميرات المراقبة الأمنية على طول وعرض المحاور الرئيسية والفرعية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، تمكنت قوات الأمن من إمساك طرف الخيط الذي قادها للمنفذين، منذ اللحظة التي تم العثور فيها الجثة".
واعتبر التقرير أن الكاميرات جعلت من مهمة "تعقب المركبة التي استخدمت لتنفيذ العملية سهلة نسبيًا، بفضل التقنية والتكنولوجيا المتطورة"، وأضاف أن هذه الإمكانيات التقنية الواسعة والمتقدمة، (في إشارة إلى كاميرات المراقبة) "ساعدت في تعقب المنفذين والتعرف على هويتهما"، مستطردًا أن "من تحليل تسجيلات الكاميرات تبين جليًا أن المركبة التي قادها المنفذان، وهي مركبة خاصة بيضاء من طراز ‘يونداي‘ فرت من مكان وقوع العملية باتجاه القرى الفلسطينية المحيطة".
ومنذ تلك المرحلة، بات بالإمكان توقع ما لجأ إليه الشاباك لتحديد خط سير المركبة الفلسطينية أو الشبان الين قادوها، إذ أصبحت الحركة في الضفة الغربية محكومة ومراقبة بشكل شبه كامل من شرطة الاحتلال ومخابراته، بالإضافة إلى الكاميرات الفلسطينية الخاصة أو حتى التابعة لأجهزة الأمن الفلسطينية.
وخلال السنوات الماضية، عزز جيش الاحتلال الإسرائيلي من أجهزة الرقابة التي ينشرها في الشوارع الالتفافية بالضفة الغربية، بما في ذلك الشوارع الفرعية التي يستخدمها المستوطنون وجيش الاحتلال في تنقلاتهم بين مستوطنات ومعسكرات الضفة، وعلى مفارق الطرق والجسور ومداخل المستوطنات ومحطات تعبئة الوقود الإسرائيلية، إضافة إلى محطات الباصات والحافلات العمومية وحواجز الاحتلال الدائمة الموجودة على مداخل المدن الرئيسية، وتم تثبيت مئات كاميرات المراقبة.
ذلك بالإضافة إلى الاستفادة القصوى التي يحققها من انتشار كاميرات المراقبة الخاصة والمنتشرة في مختلف أنحاء الضفة، والموصولة بشبكة الإنترنت، ما يتيح اختراقها بسهولة كبيرة.
وكان محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، قد كشف في تشرين الثاني/ نوفمبر عام ٢٠١٤، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بدأت في ذلك الحين، بربط أجهزة مراقبة وكاميرات تسجيل بتقنيات متقدمة، في شبكة واحدة تعمل على مدار اليوم، في محاولة لتقليص عدد العمليات الموجهة ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في المنطقة.
ولفت فيشمان حينها، إلى أن العمل على توصيل هذه الشبكة تم على مرحليتين، الأولى استمرت نحو ثلاثة أشهر وتضمنت تثبيت أجهزة استشعار وكاميرات مراقبة في عشرات المفارقة وتقاطع الطرق والمحاور الرئيسية في الضففة المحتلة، واختارت أجهزة الاحتلال الأمنية بداية مفارق معزولة ومظلمة وشوارع جانبية، وفي المرحلة الثانية وسعت أجهزة الأمن من مجال شبكتها للمراقبة ليتم تثبيت كاميرات وأجهزة استشعار في حوالي 100 موقع إضافي.
وأوضح المصدر حينها، إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلي تستقبل المعلومات التي ستتدفق من المستشعرات والكاميرات، ويتم دمج هذه المعلومات مع المعلومات الميدانية الواسعة والمصادر الاستخباراتية الأخرى، ومعالجتها مجددا، ما يتيح بناء صورة أقرب إلى الواقع، تنذر من عملية محتملة، أو تساعد في عمليات الملاحقة.
بدوره، أشار المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، في حزيران/ يونيو ٢٠١٧، إلى أن جيش الاحتلال بدأ بتسريع وتيرة نشر وتثبيت الكاميرات وأجهزة الاستشعار، في مواقع حددتها أجهزة الأمن على أنها "حساسة" وإستراتيجية"، وذلك استكمالا للمشروع الذي كان قد تحدث عنه فيشمان.
وأضاف هرئيل إلى أن جيش الاحتلال نشر حتى ذلك الين أكثر من ١٧٠٠ كاميرا مخفية ومكشوفة بمناطق مختلفة في الضفة الغربية المحتلة، لاستخدامها كوسيلة إنذار قبل وقوع العمليات بالإضافة إلى استخدامها في تعقب الفلسطينيين.
وأوضح أن الحديث يدور حول كاميرات مكشوفة وأخرى مخفية على محاور الطرق الرئيسية والفرعية بالإضافة إلى مناطق أخرى (لم يحددها)، والتي تجمع المعلومات وتسجل على مدار الـ٢٤ ساعة في اليوم، ويتم إرسال المعلومات والصور والمواد الموصولة بشبكة واحدة، إلى غرفة عمليات مشتركة تضم عناصر من الجيش والشاباك، لتحليلها وإعادة معالجتها.
هذا وكشف تقرير نشر الشهر الماضي لصحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية، أن شركة تقنيّة إسرائيليّة، تنشر بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، كاميرات مراقبة يمكنها تحديد الأوجه في الضفة الغربيّة المحتلة.
والشركة هي "أنيفيجين" ومقرّها في بلفسات الإيرلنديّة، وتعتبر "أكبر الشركات البيومتريّة في إسرائيل"، وتعمل في 43 دولةً، ويرأسها رئيس دائرة "المسؤول عن الأمن في جهاز الأمن" السابق، أمير كين؛ كما أنها تلّقت استشارات من رئيس الموساد السابق، تمير بوردو
وبحسب "ذا ماركر"، فإنّ التقنيّة التي طوّرتها "أنيفيجن" يمكن أن تعمل على كاميرات من كافة الأنواع والشركات، وبشكل فوري وباستهلاك مواد محوسبة قليلة.
والشركة ضالعة في مشروعين لتوطيد الحكم العسكريّ في الضفّة الغربيّة، الأول: هو تركيب كاميرات رصد يمكنها تحديد الأوجه في الحواجز والمعابر، التي يمرّ منها، يوميًا، آلاف الفلسطينيين، بذريعة أن هذه الكاميرات يمكنها رصد أصحاب تصاريح العمل، ما سيؤدي إلى سرعة في اجتيازهم الحواجز.
أما المشروع الآخر في الضفّة الغربيّة، بحسب "ذا ماركر"، وهو "سريّ أكثر بكثير، ويشمل رصدًا للوجوه خارج الحواجز، استنادًا إلى شبكة كاميرات في عمق الضفّة الغربيّة، هدفها "ملاحقة منفّذي العمليات وتحديدهم".
وتدّعي الشركة أن كاميراتها دقيقة بنسبة ٩٩.٠٪.