لان اليمن لليمنيين: فلا تعاندوا التاريخ و الجغرافيا ..!!

بقلم: عمارة بن عبد الله

 أيها العالم أيها المجتمع الدولي المنافق، ما الذي أصاب عقولكم وضمائركم المريضة، ألا تدركون أن ما يجري في اليمن لم يعد حربا عادية تشبه الحروب التي حصلت عبر التاريخ، كما أن ما يظهر عن أسبابها على بعض الألسنة الإعلامية، يختلف تماما عن أسبابها الحقيقية، تخفي وقائع وأهدافا كافية، لو قدر للقانون الدولي أن يسود، أو لشريعة وقرارات مجلس حقوق الإنسان أن تطبق، لأدانت مجموعة كبيرة من الدول الإقليمية بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، التي ومع كل آسف دفنت في تلك البلاد التعيسة .!

  فعلا كان اليمن هو البلد الوحيد على ظهر الأرض الذي وصف بأنه "السعيد"، الصفة وإن كنت لا أعرف مصدرها، لكن جزما لعبت دورا أساسيا في شقاء هذا الشعب الابي، الذي نقف اليوم متفرجين على إبادته بكل برودة دم وأعصاب، أمام تعنت دول الحرب أو عملية عاصفة الحزم لأجل تدمير كل مقدرات هذا البلد العربي الاصيل، أمام أعين ما يسمى بالمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة التي طال صمتها ومازال مستمرا، أمام نزيف الأطفال والشيوخ والنساء الآمنين في بيوتهم، حين تراجعت عن كلامي وقلت ‏كيف لك أن تكون سعيدا أيها اليمن، كيف والحوثي متهم بالولاء لإيران، وهادي وحكومته متهم بالولاء للسعودية، وبن بريك والمجلس الانتقالي بالجنوب متهم بالولاء للأمارات، والاصلاح متهم بالولاء لقطر، وما بينهم جميعا ينتعش الإرهاب والفقر والمأساة والحزن والكوليرا.. !،هي اليمن إذن والكل يشاهد ويلتقط الصور، لكونها تدخل نفقا جديدا من الفوضى والمصير المجهول، بعد سيطرة مليشيا الحزام الأمني ومسلحي المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن، أمام أعين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات منذ أربع سنوات ونصف بحجة إعادة الشرعية إلى العاصمة صنعاء، ورقة التوت التي أسقطتها معارك الأربعة أيام في عدن، وكاشفة غدر ما يسمى التحالف وسعيه الحثيث لتمزيق وتفتيت البلاد، التي يقول التاريخ أنها مرت بظروف، أكثر صعوبة وقساوة وشدة من التي يعيشها، وخرج منها اليمنيون منتصرون، فيا أعداء اليمن لا تعاندوا التاريخ و الجغرافيا، فاليمن لليمنيين واليمنيين فقط، التاريخ تاريخهم و الجغرافيا جغرافيتهم .

  عدن اليوم مغلقة في وجه اليمنيين منذ أربع سنوات، والصعوبات الناجمة عن سيطرة غوغاء الإمارات ومرتزقتها مكلفة لليمنيين ولسكان المدينة، ولو تحررت عدن من هذه العصابات فسوف تتغير الأمور بشكل كبير جداً لصالح مشروع الدولة اليمنية الاتحادية، وربما تتمكن السعودية من الخروج الآمن من المستنقع اليمني، السعودية التي تتمنى أن تضع يدها في المهرة تحقيقا لهدف قديم وهو الوصول إلى بحر العرب أولاً، وثانياً للتحرر من نقطة الضعف الخطيرة التي تعاني منها، نتيجة تنامي السيطرة الإيرانية على مضيق هرمز، ومن ثم توظيف هذه السيطرة في معركتها الحالية للتحرر من العقوبات وفرض أجندتها للنفوذ الإقليمي، نعم هاهي السعودية تخرج عن صمتها، موجهة دعوة للحكومة اليمنية وجميع الأطراف إلى عقد اجتماع عاجل على أرضها، لمناقشة الخلافات ووقف ما سمتها الفتنة، وتوحيد الصف وحشد الجهود تجاه التصدي للانقلاب الحوثي وتداعياته،  لكن في المقابل فالإمارات تبدو أكثر وضوحا في أجندتها، لكونها تعمل طيلة السنوات الأربع الماضية لتوفير المقومات الضرورية لتحقيق هدف تقسيم اليمن، وهي تُمني نفسها أن تكون سيدة هذه المنطقة المتعبة والمنهكة من جهة، وتُمني نفسها كذلك بالحصول إلى قطعة أرض كبيرة واستراتيجية في المحيط الهندي اسمها أرحبيل سقطرى، هي إذن الأهداف الخفية للمسماة بعاصفة الحزم التي أنهكت المجتمع اليمني وزادت في معاناته ، فما يجري حاليا في عدن من انقلاب الموالين لأبوظبي على الحكومة الشرعية ، يؤكد أن الإمارات لم تذهب إلى اليمن من أجل استعادة الشرعية  ولا نُصرة الشعب اليمني المظلوم، وإنما ذهبت لتحقيق أهداف استعمارية خاصة بها، وهي تقسيم اليمن واحتلال موانئه وجزره.

  ما يحصل في اليمن اليوم ليست الحرب الأهلية الأولى في التاريخ، وبالتالي فالخروج منها ممكن إذا استيقظت الحكمة اليمانية من الغفلة وحسن الظن بالمتواطئين في مصرع الابتسامة اليمنية عبر السنين...؟

 

بقلم عماره بن عبد الله