خلال أقل من أسبوع ، مرّ أمامي مشهدان على النقيض من بعضهما البعض تماماً ، وإن كانا على صلة وثيقة بقضيتنا الفلسطينية . وقبل أن أخط كلمات مقالتي عن المشهدين ، أعتذر من أحد أصحاب طرفي المشهدين ، والسبب بسيط ، أن أحدهما يدعو للعزة والكرامة الوطنية ، بينما الآخر يدعو للسخط والشجب والاستنكار .
مع الذكرى الثالثة عشرة للانتصار الإلهي الذي حققته المقاومة في لبنان بقيادة سماحة قائد المقاومة السيد حسن نصر ، الذي نرفع إليه ولأبطال حزب الله المجاهد ، آيات التبركات والتقدير العالي للشهداء والجرحى والمقاومين الذين أوقعوا بالعدو الصهيوني وهيبته العسكرية الزائفة الهزيمة النكراء ، والتي أسست لهزائمه المتكررة على أرض قطاع غزة المقاومة . قناة الميادين بدأت منذ صباح السادس عشر من أب الجاري بثاً مباشراً من الجنوب اللبناني المحرر ، ولهذه الغاية التقت بالعديد من الشخصيات من نواب وإعلاميين وسياسيين للحديث عن حرب تموز 2006 وانتصار المقاومة . وعلى أهمية ما جاء في تلك اللقاءات والمقابلات ، كان اللقاء الأهم عند نقطة الحدود الفلسطينية اللبنانية ، بين مراسلتي الميادين ، الرائعتين هناء محاميد من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وملاك خالد من الأراضي اللبنانية المحررة ، ولا يفصل بينهما سوى الشريط الشائك الصهيوني .
لقاء تاريخي بين هناء وملاك ، ما كان ليتحقق لولا بركة دماء شهداء وجرحى المقاومة ، وبسالة المجاهدين من حزب الله . لقاء يدعونا إلى الأمل والتمسك بالحق ، والإحساس العميق بالإنتماء ، والإيمان بحتمية الانتصار وتحرير فلسطين . فما قالته كل من هناء وملاك أكبر وأعظم بكثير من عدد كلماتهما المعبرة والمؤثرة ، فهناء أكدت : " أن الجنوب اللبناني رسخ مكانه وصنع اسمه بالنار في تاريخ المقاومة " . أما ملاك التي كانت ترتجف من شدة التأثر باللقاء ، وتخفي دموع فرحتها برؤية هناء محاميد وجهاً لوجه من داخل فلسطين ، فقالت : " سنعود بلغة الجزم والحزم إلى فلسطين ، كما عاد الناس أفواجاً إلى أرضهم في عامي 2000 و 2006 " .
أما على الضفة الثانية من المشهد الآخر ، كان اللقاء الحميمي بين رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس وحفيدة مكسر عظام شبابنا إبان انتفاضة الحجارة عام 1987 ، المقبور اسحاق رابين ، الذي كان يدعو ليل نهار أن يستيقظ ليرى البحر قد ابتلع قطاع غزة . مشهد اللقاء كان خائباً وبائساً ، ومداناً ومستنكراً ، أن يتم مع أعضاء من تجمع أو حزب يترأسه الصهيوني الإرهابي يهودا باراك ، قاتل الشهداء القادة الثلاثة في بيروت ، كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار .
رامز مصطفى
كاتب فسطيني