تعمل سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ومنذ احتلال مدينة القدس عام 1967م، على تهويد مدينة القدس العربية وما يحيط بها من أراضٍ وقرى الضفة الغربية، إضافةً إلى تغيير قسري للمعالم السكانية العربية للمدينة، بسلسلة من القوانين الاحتيالية الخبيثة، التي تقع كلها في دائرة التناقض الكامل مع ما تفرضه اتفاقيات جنيف على القوة التي تحتل أرضًا لشعب آخر، وتقوم جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة والأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي الأساسي تجاه مدينة القدس، وتقوم سلطات الاحتلال العسكري بالعمل ضمن مخطط واضح وهدف منشود من أجل السيطرة التامة على القدس والمسجد الأقصى المبارك وخاصة بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وتنكر الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب لحقوق الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية، ولتمرير المخطط الإسرائيلي يقدم يوميا عشرات المستوطنين علي اقتحام المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي ومخابرات الاحتلال حيث يقومون بتنفيذ جولات استفزازية في ساحات المسجد الأقصى والعبث والتخريب واستعراض القوة والهيمنة لإحباط الروح المعنوية العالية لأهلنا في القدس المحتلة، وتقوم شرطة الاحتلال باقتحامات متكرر من جميع أبواب المسجد الأقصى وتعمل علي استفزاز الحراس والمصلين وإعاقة عملهم وتستهدف هذه الاقتحامات الى محاولة تغير الواقع والظروف القائمة بداخل المسجد الأقصى المبارك، وتقوم حاليا سلطات الاحتلال الاسرائيلي والتي تسيطر علي المسجد الأقصى المبارك باقتحامات متكررة لمصلى باب الرحمة في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، وقامت بإخراج بعض أثاثه من خزائن وقواطع خشبية، ومنعت الحرس المتواجدين في المكان من التدخل أو التصوير، كما طلبت من أحد الحراس بحذف فيديو صوره أثناء اقتحامهم المصلى وبات مصلى باب الرحمة مستهدف من قبل سلطات الاحتلال منذ شهر شباط من العام الجاري حيث يتعرض لاقتحامات متكررة بهدف السيطرة عليه وتغير الواقع وفرض واقع جديد يتناسب مع سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى المبارك تمهيدا لتهويد المدينة المقدسة.
ان القدس تتعرض لأشرس سياسة تهويد في تاريخها خاصة بعد التشجيع الكامل من قبل امريكا برئاسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حيث يعمل الاحتلال في القدس على تهويد المدينة ويسعى لطمس الهوية العربية والإسلامية فيها، بالإضافة الي استهدافهم ابناء شعبنا سكان القدس وتعرضهم لحملات اعتقالات ومداهمات وقتل بالرصاص الحي وهدم بيوتهم ومصادرة اراضيهم والعمل علي فرض القيود عليهم وعلى مجريات حياتهم اليومية بالإضافة الى فرض الضرائب الباهظة والغير منطقية لإجبار سكان القدس على الرحيل عن بيوتهم وللسيطرة الكاملة على الاحياء العربية .
ان القانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة اقرت بأنه يجب ان تتمتع مدينة القدس بالحماية بموجب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي والديني في العالم، ولذلك تعتبر كل اجراءات الاحتلال بشان المدينة المقدسة هي اجراءات باطلة قانونيا ودوليا، وكثيرًا ما طالبت الأمم المتحدة، حكومةَ الاحتلال بوقف أعمالها التهويدية غير المبررة، فضلًا أن ممارسات الاحتلال تعد منافية أيضا لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وبرتوكولاتها، واتفاقية لاهاي عام 1954م، والتي تنص على عدم ارتكاب أي أعمال عدائية ضد السكان أو أماكن العبادة ومنع تهويديها؛ ومنع السيطرة عليها بالقوة ولكن سلطات الاحتلال تستمر في ممارسة اعمال التنكيل والقمع بحق اهلنا في القدس .
ان الغطرسة والهيمنة الإسرائيلية وممارسات الاحتلال الاسرائيلي وتدخله المباشر والسافر في شؤون حياة شعبنا اليومية في القدس يعكس مدى الهيمنة الاسرائيلية التي يجب على الجميع رفضها ورفض المشاريع التصفوية للقدس والعمل بشكل جماعي لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على حكومة الاحتلال لرفع القيود عن القدس وإزالة العراقيل التي تضعها سلطات الاحتلال في وجه الموطن الفلسطيني المقدسي والتصدي لها بكل قوة من اجل تعزيز الصمود ودعم مشروعنا الوطني التحرري الذي سوف يستمر ويتواصل بالتضحيات التي ستقود إلى تحقيق الحلم وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس .
ان الشعب الفلسطيني يواجه سياسات الاحتلال الاسرائيلي الظالمة ويقف فى مواجهة اطول احتلال في التاريخ ويواجه هذه السياسة العنصرية الاسرائيلية متصديا للاستيطان الاستعماري وسياسة الأبارتايد والتهويد والتهجير القسري حيث يواجه اهلنا في القدس اكبر مخطط لتهويد المدينة المقدسة، وان مسؤولية مواجهة هذا الاحتلال هي مسؤولية كل فلسطيني بالدرجة الاولي ومسؤولية عربية ودولية حيث بات على الكل الوطني ان يدرك حجم ومخاطر هذا الاحتلال وسياسة تهويد القدس والاعتداء علي المسجد الاقصى، فلا بد من الجميع تحمل المسؤولية التاريخية والقانونية والسياسية والأخلاقية من اجل إيجاد حل عادل ودائم لقضية فلسطين وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وحماية القدس التي تمتد تاريخها الي اكثر من 3000 عام قبل الميلاد، فان سرقة التاريخ وتزوير الحقائق التي تقوم بها حكومة الاحتلال والتواطؤ الامريكي لن ينال من هذه المدينة المقدسة ولا تاريخها، القدس مهد الحضارات بعروبتها والتضامن والتآخي المسيحي والإسلامي الممتد عبر التاريخ .
ان معركة القدس تتطلب وحدة نضال الشعب الفلسطيني كون معركته الاساسية هي معركة واحدة كانت وستبقي من اجل القدس، والعمل على مواصلة النضال وبكل السبل حتى استعادة الحقوق المغتصبة، وتعزيز الوحدة الوطنية ودعم صمود اهلنا في القدس، والعمل على استعادة الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني مما يسهم في المحافظة على مكتسبات شعبنا النضالية وتمكين الشعب الفلسطيني من المضي قدما في سبيل استعادة كامل حقوقه المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها وفقا لقرارات الشرعية الدولية .
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]