بسم الله الرحمن الرحيم
ايها الشعب العربي الكريم...من المحيط إلى الخليج، تحياتي لك وسلاماتي في هذا اليوم الجديد الآخر ..وقد أحببت أن أتوجه لك برسالتي هذه ، علك تفهم معنى الكلام ...
رغم أني أشك صراحة ، لأنني أشعر أنك أيها الشعب العربي الكريم، بعد أن تنتهي من قراءة كلماتي ستكون منزعجا كثيرا... واعذرني هنا على تسلطي- فإنه يحق للشاعر ما لا يحق لغيره-.
كما أحب أن أشير إلى أن طريقة و أسلوب ما ستقرأه استعرته مجازا من أحد المدونيين .. فإن وجدت تشابها فلا تلعني ولا تسبني .. فإنه من باب النقل والتصرف لا غير .
إذن .. أيها الشعب العربي الكريم .. أعلم أنك بارع في التشخيص .. بارع في رصد المشاكل والاختلالات .. مبتكر في التحليل .. بل ولك قدرة هائلة على تفسير كل شيء .. نعم -كل شيء- .. نحن نستطيع أن نكون محللين في الدين والرياضة والفن والسياسة والاقتصاد والعلوم ..
نحن شعب يتقن الكلام .. ويتقن اللعن والسباب .. و يتقن التنصل من المسؤولية ومتخلف كل التخلف عن القيام بالواجب ..
نحن شعب يقدم لك جوابا عن كل سؤال .. و لا يهمه إن كان الجواب صحيحا أم خطأ .. المهم أنه يجيب .. و إن اعترضت عن الجواب الذي قدم لك .. فأعلم أنك قادر على الرد على أي اعتراض كان ، وحتى على اعتراض الاعتراض ... و مستعد للمواجهة حتى آخر رمق .. المهم أنك على صواب – كما تعتقد أنت -.
نحن شعب يجلس في المقاهي لساعات يناقش التفاهات و يغتاب هذا و ذاك ، ويلعن الحكومات و الوزراء
والرؤساء والسياسيين.. ويريد دولة حق وعدل وإنصاف ويبحث في داخله عن دولة مثالية فيتمنى أن تكون كفرنسا أو أمريكا أو الدانمارك ..
نحن شعب يشاهد مباريات كرة القدم .. ويحفظ تفاصيل لاعبي الفرق المشهورة عالميا .. يعرف أدق التفاصيل ، الأجور والملابس والصديقات والأخلاء.. وفي حالة ما – هو مستعد للتخاصم والتشاجر بل القطع مع هذا وذاك من أجل لعبة تافهة ..
نحن شعب يلعن البلدية التي لا تجمع النفايات التي أرميها أنا أو أنت أو هو أو هي من نافذة السيارة أو المنزل ونحن نلعن وبشدة موظفي البلدية الذين لا ينظفون الساحات العمومية التي أنجسها أنا أو أنت بالبول أو بقايا السجائر ..
نعم أنا واحد من أبناء الشعب الذي يلعن شركات حافلات النقل العمومية التي لم تغير زجاج الحافلة أو الترامواي التي كسرها ابني ، أو ابنك رميا بالحجارة ،
نحن نسب البلدية التي لم تغير مصباح الإنارة العمومي والذي كسره طفلك أو طفلي وهو يمارس هوايته المفضلة اليومية وهي الرمي بالحجارة .. نعم فنحن نطبق بالحرف الواحد : "علموا أبنائكم الرماية ..."
نحن قوم يلعن غلاء الأسعار ويتسابق في الشراء والتكديس .. ويرمي بقايا الأطعمة الوفيرة بعد ذلك ، ورمضان خير دليل على أنانيتنا .. فنحن نخرج إلى الأسواق فنشتري ما نشتري .. كأنه يوم الحشر آت ... ونملأ الطاولات بالأكل والشرب كأن قافلة من الضيوف ستحل علينا... ونحن أصلا في البيت شخصان أو ثلاث على الأغلب ..
نحن شعب نلعن المهرجانات الموسيقية والفنية ، لكننا نحضرها بكثافة ونملأ ساحاتها .. ونرقص ونصرخ في سهراتها ..
نحن شعب تجد الموظف منا يترك رأس عمله ويجلس في المقاهي مع أصدقاءه وخلانه يلعن الدنيا وما فيها وإن حدثته عن واجبه قال .. "تريث يا هذا ، أهذا أجر أتقاضاه" ..
نحن أمة يخرج موظفوها وعمالها ورجالات الدولة فيها لأداء الصلاة ونترك المكاتب فارغة ، وننسى أن الدين يؤكد على أن العمل عبادة .. وأجر العمل لن يقل عن أجر الصلاة إن أديته بشكل حسن ...
نحن شعب يلعن المعلمين والأطباء والمهندسين والموظفين ورجال الأمن والتجار والحرفيين والمقاولين .. مع أن الشعب هو كل هؤلاء .. فالشعب يلعن بعضه بعضاً لا لشيء ، ولكن لأنه تعود على التذمر ..
نحن شعب نريد زيادة في الأجور ولا نريد الزيادة في الإنتاج .. نريد المزيد من الحقوق ولا نؤدي القليل فقط من الواجبات ..
نحن شعب لا يقرأ ولا يحب الكتاب .. نحن شعب نستهلك الخمور أكثر من الحليب ونستهلك الأطنان من المخدرات .. وندخن مليارات السجائر في السنة .. ولكن نحن نحرمها كلها أمام الملأ في إطار العولمة والنفاق الإجتماعي - عفوا فإن للضرورة أحكام .. ..
نحن أمة نشجب الرشوة والفساد والزبونية و .. ولكننا إن إحتجنا لشيء ما كنا أول الراشين والمفسدين .."حلال علينا حرام عليهم"
فيا أيها الشعب العربي الكريم ... طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة مقعداً ... ها أنت اليوم وأخيراً تعرفت على صدق نفسك وعرفت بعد قراءتك لتلك السطور أعلاه أنك من نتحدث عنه .. ربما أكون مخطئاً .. وربما أكون قد نسيت الكثير من السلبيات أو النقائص لم أذكرها ..
المهم هو أنك قد عرفت أنه عليك يا "شعبي العزيز" أن تحقق مع نفسك ولو لوهنه .. حاسب نفسك واسألها : أيا نفس أقدمت لوطني شيئا ؟ إن أجابتك بـ"نعم" .. فنم فعين الله ترعاك ، لأنه ما فاز إلا النوام ... وإن أجابتك بـ "لا" فسبها والعنها لكي تستفيق من غفلتها وتبدأ هي الأخرى طريقها نحو التنمية والتصحيح ...
وأعلم أيها "الشعب الكريم" أنك إن عدلت ونفسك .. ستجد سر الوجود...
بقلم / نوفل حمداني