ما يزيد عن الشهر قد مضى على إجراءات الدولة اللبنانية التي تنفذها وزارة العمل بحق العمالة الأجنبية ومن ضمنها العمالة الفلسطينية . الحكومة اللبنانية تُقرر ومن خارج جدول أعمالها تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري لبحث الوضع الفلسطيني من كل جوانبه ، حيث ضمت الوزارء محمود قماطي ، وكميل أبو سليمان ، وأكرم شهيب ، وسليم جريصاتي ، ويوسف فينيانوس .
في قراءة القرار ، نسجل الآتي :-
1. من الواضح أولاً ، أن المخرج كان تشكيل اللجنة ، كأقصى ما ممكن أن تتوافق حوله الحكومة اللبنانية في ظل الخلافات والاصطفافات التي بدأت تبرز حول موضوع العمالة الفلسطينية . الأمر الذي كاد أن يُنذر لو استمر شد الحبال حوله ، إلى تعطيل عمل الحكومة مرة جديدة ، وهي العائدة لعقد جلساتها بعد خروجها من نفق حادثة قبرشمون . وهذا ما ألمح إليه رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في تصريح له : " المجلس ارتأى نقل النقاش من داخل مجلس الوزراء إلى اللجنة، منعا لأي خلافات داخلية، وبهدف ايجاد توافق حول هذا الموضوع ينعكس على قرار مجلس الوزراء مجتمعا " . وثانياً ، تشكيل اللجنة لم يرضي الفلسطينيين في المخيمات الذين صعدوا سلمياً تحركاتهم تعبيراً عن عدم الرضا ، وهم محقون في ذلك ، من خلفية أن القضية التي تريدها إنهائها أحلها إلى لجنة .
2. تشكيل اللجنة الوزارية لم يُنهي أو يُوقف أو يُجمد إجراءات الوزارة بحق العمالة الفلسطينية , بل إن وزير العمل في تغريدة له أكد أن الإجراءات قائمة ومساء الخميس وصباح الجمعة استمر مفتشو الوزارة في تطبيق وتنفيذ الإجراءات ، أي بعد تشكيل اللجنة . وحزب القوات اللبنانية الذي يمثله الوزير في الحكومة كان قد أصدر بياناً بعد تشكيل اللجنة ، ومن جملة ما ورد في بيانه : " ما حصل في جلسة الحكومة انتصار لوزير العمل ولمبدأ تطبيق القانون . ففي وقت كانت كل التوقّعات تشير الى تجميد مفاعيل هذا القانون وعودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً اي " الفوضى " ، ذهبت الامور الى اتّجاه مغاير تماماً من خلال تشكيل لجنة وزارية برئاسة الحريري مهمتها فقط البحث في خطوة الوزير أبو سليمان من دون المس بخطة وزارة العمل والاجراءات المتّخذه في هذا المجال " .
3. تشكيل اللجنة يُناقض ما توصلت إليه لجنة الكتل النيابية برئاسة الوزير حسن منيمنة رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ، من رؤية تناولت عناوين الوجود الفلسطيني في لبنان ، وهي التي سلمتها إلى رئيس الحكومة في كانون الثاني 2017 . وهو ما حاول الوزير منيمنة التخفيف منه : " تشكيل اللجنة لا يتعارض مع دورنا في لبنان " ، ومضيفاً خشيته من أية مماطلة : " ان المماطلة داخل اللجنة ، وعدم تقديم حل سريع ، احتمال وارد ، لكننا نأمل ان يكون الوضع مختلفا ، اضافة إلى ضرورة إدراك المسؤولين خطورة الأمور وخصوصية العامل الفلسطيني " .
4. ما تم الاتفاق عليه ، بأن اللجنة ستبحث الموضوع الفلسطيني من كافة جوانبه ، بموجب ما اقترحه الوزير أكرم شهيب ، سيدخل النقاش بين مكونات اللجنة وهي موزعة عى أساس طائفي ، نعلم ويعلم الجميع أن لا توافق على كثير من العناوين اللبنانية قبل الفلسطينية . الأمر الذي من الوارد جداً ، إما تفجير اللجنة أو تجميد عملها .
5. مجلس الوزراء لم يحدد سقفاً زمنياً لإنتهاء عمل اللجنة ، هذا أولاً . وثانياً ، في حال توصل اللجنة إلى رؤية أو قرار ، يكون نافذاً لتبنيه من قبل مجلس الوزراء مجتمعاً ، أم هو بحاجة إلى نقاش في المجلس قبل إرساله لمجلس النواب لإصدار من يلزم من قوانين أو تعديلات قوانين .
بقلم/ رامز مصطفى