هناك من يرى من الفلسطينيين انه لا يجب الزج بغزة في قصف الاحتلال لبيروت او دمشق او بغداد، وكأن غزة لديها قوة عظمى تبادر بشن حروب، في الوقت الذي يزج فيها غصبا برضاها او بغيره، او ضمن المعادلة المفروضة فرضا على الجميع، فكل حدث يؤثر بما حوله سلبا او ايجابا – شاء أم أبى، والقائد الحكيم، الفذ المخلص والمتزن، يعرف متى يرد او يصمت لعوامل معقدة ومتشابكة، هو أدرى بها من غيره، كونه مؤتمن.
الحكمة والروية، والفهم الصحيح للمعادلات من حولنا هو من يقرر، اذا كانت المقاومة بغزة ترد او لا ترد على أي عدوان، فحتى الاحتلال لم يرد على قصف في وقت عصيب عليه كان وقتها ، فعندما قصف صدام حسين الاحتلال لم يرد خلال حرب الخليج الاولى، فالرد له معادلة خاصة به ضمن المحيط.
ان كان عامل ايجابي لا يعمل لصالح الاحتلال في هذه الاوقات، هو عامل الضغط الكبير على "نتنياهو" مع اقتراب الانتخابات، فهو يريد باية طريقة جلب المزيد من الاصوات، خاصة ان استطلاعات الرأي تشير الى انه قد يتراجع.
المنطق الذي يقول ان لا دخل لنا بمن حولنا ليس دقيقا، فاصلا الموجة عندما تضرب، تضرب ما حولها دون ان تستشير ان تعطي خيارات لمن حولها ان تقرر ان تتأثر ام لا جراء الموجة التي قد تكون على شكل حرب مصغرة او حرب كبيرة.
من يقول دع الحرب تأكل حزب الله وايران ونحن العر ب او المقاومة لا دخل لنا بها، فهو مخطئ، فاصلا الحرب ان حصلت او اي عدوان يستهدف الجميع، ويجد البعض قد زج فيها غصبا دون حرية اختيار بفعل ظروف وطبيعة المنطقة الضيقة، وعدم وجود خيارات وبدائل اقل كلفة.
المحور الأمريكي ومن يدور في فلكه من احتلال او ثورة مضادة نجحت مؤقتا في تغييب ضمير الشعوب، ومن هنا فانه لا مجال للعواطف والكراهية والاحقاد، بل بكيفية الخروج من الموجة بأقل الخسائر، حتى لو اجبرت المقاومة على خوضها.
خيارات وبدائل مقاومة غزة صعبة ومعقدة ومتشابكة، وكل خيار اصعب من غيره، فلولا ايران لما ملكت غزة صواريخ تضرب بها قلب الاحتلال"تل ابيب"، في الوقت الذي فيه دول سنية تتفرج على حصار وخنق وذبح غزة دون ان تقدم لها ولو رصاصة واحدة، بل راحت تشارك بحاصرها وتخنقها وتقتلها.
لا يصح ان نلوم الضحية، ونبرئ الجزار والمجرم، فاصلا غزة لم تشن حروب وهي واقعة تحت احتلال وحصار مباشر، وهي في كل الاحوال والظروف والحروب العداونية، كانت مضطرة للرد والدفاع عن نفسها وليست مخيرة.
أقدر، ان قادة غزة فهموا ان توسيع جبهة "نتنياهو"- العراق سوريا لبنان- تضعفه في ظل ضغط الانتخابات، ولذلك هي تستغل نقاط ضعف "نتنياهو"، فمن كان يصدق ان يحسب الاحتلال ألف حساب لغزة، بعدما كان يضرب متى شاء.
تقدير الامور بشكل جيد، والحسابات الحساسة الموزونة بشكل جيد، يعرفها من يدفع ثمنها، واهل غزة ادرى بها، وان صح القول ان ايران عدوة للعرب والمقاومة – وما هو بصحيح- فعلى الاقل في هذه المرحلة تواجه عدو غزة الرئيس وهو الاحتلال، وعدو عدوي صديقي.
هل من الحكمة السياسية ان يستفرد الاحتلال بحزب الله وايران وقوى المقاومة، وينتهي منها، ومن ثم يجهز على ما تبقى من مقاومة بغزة، "أكلت يوم أكل الثور الابيض"! عندها تتشفى امريكا والثورة المضادة والاحتلال بالعرب والمسلمين، كونه لن تقوم لهم قائمة بعد ذلك!؟
بقلم/ د. خالد معالي