حذر القاضي محمد الغانم، نائب رئيس سلطة الأراضي الفلسطينية، من عدم التمكن من إيجاد دونم واحد في العام 2020 لبناء مدرسة في قطاع غزة جراء اعتداءات "حماس" المتكررة على أراضي الدولة.
وقال الغانم في حديث لبرنامج "ملف اليوم" عبر تلفزيون "فلسطين" الرسمي إن "حماس"، وبحكم القانون، تعتدي على أراضي الدولة، وأن كل قرار صادر من جهة غير ذي اختصاص هو منعدم ولا يترتب عليه أي أثر، وما يجري في غزة هو عبارة عن ملء الفراغ القانوني حتى تتم المفاوضة على ما هو قائم.
وأضاف: إن عملية الاعتداء على أراضي الدولة والتخصيص في غزة تزداد مع كل حديث عن تفعيل للمصالحة.
وأوضح الغانم أن اللجنة الإدارية في غزة التابعة لـ"حماس" أصدرت 139 قرار تخصيص للأراضي، 72% منها ذهبت لصالح جمعيات وشركات وأشخاص تابعين لها، مقابل ذلك فإن رئيس دولة فلسطين محمود عباس منذ انتخابه رئيسا أصدر 63 قراراً للتخصيص، 97.5% منها لصالح المؤسسات الحكومية، وما تبقى ذهبت بناء على مرسوم رئاسي سابق خاص بقانون جمعيات الاسكان، التي تقوم بطلب أراضي دولة ودفع ثمنها للدولة والتي تقسطها على مدار أربعة أعوام ويدفع ثمنها المواطنون على أقساط، ولا تنتقل لهم إلا بعد سداد كامل ثمنها وفق آلية حددها مرسوم رئاسي سابق.
وبشأن تخصيص الأراضي للجمعيات في غزة، كشف الغانم أن أغلبها لجمعيات إسلامية أو سلفية وغيرها، ونفذت القرارات بما تسمي باللجنة الإدارية العليا، وباعت ما يقارب الــ252 متراً مربعاً من اراضي الحكومة في خان يونس إلى اشخاص معينين، عدا ما تم بيعه من رمال غزة، وما تم إنشاؤه من أجل مشروع سياحي، وتخصيص ما يقارب الــ2,488,000 متر مربع من الأراضي الموزعة على البلديات لصالح وزارة الداخلية، ومليونين متر مربع لصالح وزارة الداخلية ولشركات ونوادٍ وهيئات تابعة لوزارة الاوقاف في غزة، خصص 36% منها لهيئات حزبية تابعة لـ"حماس" منها فضائية الاقصى، وجريدة الرسالة.
وحذر الغانم من أنه "لن يبقى للشعب الفلسطيني احتياطي من أموال الخزينة، وهي أموال الشعب التي تغطي فيها الدولة احتياجاتها، فنحن باحتياجات متزايدة، لبناء المنفعات العامة كالمستشفيات، والمدارس، والمؤسسات، والهيئات الحكومية".
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس منذ توليه صلاحياته الدستورية لم يصدر قرار تخصيص واحداً لمنفعة شخصية لأحد، بل أصدر مرسوماً رئاسياً بوضع الأساس القانوني لمسألة التخصيص، وألغى كل التخصيصات السابقة لكل مواطن كان بالسابق له تخصيص وهو خارج البلاد.
وبين الغانم أن "المشكلة في غزة بدأت مع انقلاب "حماس" وسيطرتها على كل شيء في القطاع، من انسان ومقدرات، وأراض حكومية وخاصة، فبدأت القصة ببيع مجموعة من الأراضي المتاخمة لشواطئ ورمال غزة بمبالغ زهيدة جدا، والذي أبرز هذه المشكلة القرار الذي صدر عام 2015 مما يسمى بالمجلس التشريعي في غزة بتاريخ 29/ 11/ 2015 المتعلق بتخصيص مجموعة من اراضي الدولة لما سمي بجمعيات الاسكان الخاصة بالموظفين، الذين ادعوا أنهم لا يتقاضون راتبا."
وأضاف: وفقا للمعلومات المتوفرة لدى سلطة الأراضي حتى العام 2014/2015، فإن في قطاع غزة ما يقارب الــ220 ألف دونم من الأراضي المصنفة أراضي دولة، سواء كانت مسجلة باسم الخزينة أو باسم ما يسمى المندوب السامي بالنيابة عن حكومة عموم فلسطين في تلك الفترة".
وقال الغانم إن أملاك الدولة بشكل عام هي ثابت من ثوابت الموازنة العامة لأي دولة، والرصيد المتبقي للشعب في كل دول العالم لإتمام مصالحه ومنافعه العامة.
وحذر أنه حسب التقديرات، فإنه في العام 2020 من المتوقع ألا نجد أي دونم أرض لنقيم عليه مدرسة، وقد جاء ذلك في أحد تقارير الأمم المتحدة حول الوضع العام في غزة والاكتظاظ في المدارس هناك، مشيرا إلى الحاجة الماسة لـ189 مليون دولار لبناء مدارس، ولكن لم نجد مكانا لبنائها حاليا".
وأوضح أن التخصيصات التي تمت في غزة جزء بسيط جدا غلف في "المنفعة العامة"، وجزء آخر غلف بما يسمى "المنافع الخاصة"، والقرارات التي تمت بشأن الأراضي هي مخالفة لكل القرارات الفلسطينية حتى التي صدرت في وقت الحكومة العاشرة أي حكومة "حماس"، التي أصدرت قرارا رقم "9" في العام 2007، والذي بموجبه لا يجوز التصرف بأراضي الدولة إلا بقرار من مجلس الوزراء وبتنسيب من رئيس الدولة، ونص على الوقف الفوري لأي تخصيص من اراضي الدولة للمنفعة العامة أو الخاصة إلا بناء على قرار يصدر من مجلس الوزراء، وهذه التخصيصات خالفت كذلك القرار "7" للعام 2006، الذي يؤكد منع قبول تعديل أو تغيير قيود الأراضي المملوكة للحكومة.
وأكد الغانم أنه لم يحدث في التاريخ أن تمنح دولة موظفيها أراضي عامة كبديل عن رواتبهم.
وأضاف: "كان هناك مشروع لحماية اراضي الدولة وتفعيل الوجود الفلسطيني على اراضي الدولة، خاصة المناطق "ج"، وتم تفعيل هذا المشروع بتعزيز وجود المواطن للتصدي للسياسيات الاسرائيلية، والاستيطان، فكان لدينا مشروع بتخصيص جزء من اراضي الدولة في مناطق "ج" للموظفين، ولكن الهدف كان مرتبطا بتمكين الزراعة، بينما قامت حماس بتسليم الاراضي وتخصيصها دون قرارات حقيقية ومن دون شرعية قانونية، فالتخصيص له أصول وأسس قانونية نص عليها المشرع في القانون الأساسي المعدل في العام 2003".
ولفت إلى أن منح "حماس" لموظفيها أراضي دولة لم يتوقف حتى تتمكن سلطة الأراضي من إحصاء مساحة الاراضي التي خصصت، وأن مساحة هذه الأراضي نشرت في الصحيفة التي تصدرها "حماس" وسمتها "الوقائع الفلسطينية" في عام 2007 وحتى 2011، حيث جرى نشر 189 قرارا خاصا بالأراضي، وفي إطار التحليل، 52 قرارا بتخصيص الأراضي لجهات حكومية أي ما نسبته 27.5% من القرارات، في حين أن النتائج تشير إلى أن الحكومة ذاتها أصدرت 13 قرارا خاصا بتخصيص الاراضي العامة المملوكة للدولة لجهات غير حكومية بنسبة 72.5% من القرارات الصادرة بين عامي 2007-2011، وغطت القرارات البالغة 189 قرارا خاصا ما مجموعه بالمتر، 2.518.583 مترا مربعا، بما مجموعه 902.296 ألف متر مربع موزعة على القطاع الحكومي ولصالح المنفعة العامة، وما تبقى مليون 616.287 مترا مربعا أسموه للقطاع الخاص أي ما نسبته نحو 68%.
وبين أن 47 قراراً منها صدر لصالح البلديات، في حين صدر لصالح المستشفيات قرار واحد بمساحة 1086 مترا مربعا، وخمسة دونمات لصالح قناة حزبية تابعة لـ"حماس" و500 متر مربع لصالح صحيفة حزبية وهي صحيفة الرسالة، و1200 متر مربع لصالح مسجد.
وأكد الغانم مبدأ منع المبادلة أي مبادلة أرض حكومية بأرض خاصة، مشيرا للقانون الساري في القطاع وهو قانون رقم "5" لسنة 60 ساري المفعول والذي يقول: "عدم جواز تملك الأموال الدولة بالتقادم أو التعدي على تلك الأموال، وأعطى القانون الجهة صاحبة الاختصاص حق إزالة التعديات"، أي أن هناك جهة خاصة بتخصيص هذه الأراضي وفقا لآلية يجب أن تصدر بتنسيب من سلطة الاراضي إلى رئيس الوزراء، وثم إلى رئيس الدولة ويصدر بها مرسوم ينشر، لكن الرئيس لم يصادق على أي تخصيص صدر في القطاع منذ العام 2007.
وأضاف: غزة تعاني من اكتظاظ ونمو سكاني عال وسريع، وتوجد مدارس تعمل على الفترتين الصباحية والمسائية، ونحن نحتاج إلى وقفة كبيرة بما يسمى مشروع إزالة التعديات في غزة المسؤولة عنه سلطة ما تسمى بسلطة الاراضي في غزة حاليا، الا اننا لا نجد فعليا إزالة تعديات تتعلق بمؤسسات تابعة لحكومة "الأمر الواقع".