طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السلطة الفلسطينية بفتح تحقيق جدي وفوري لكشف ملابسات وفاة شابة في الضفة الغربية وما يثار حول مقتلها على خلفية ما يسمى "قضايا الشرف"، والعمل على التصدي للمفاهيم المغلوطة الرامية إلى "لوم الضحية" نفسها وإنقاذ "القاتل" من العقاب.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيان أصدره اليوم الجمعة إنه رصد تسجيلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى تعرض "إسراء ناصر غريب" (21 عامًا) من بلدة بيت ساحور قضاء بيت لحم لحالة تعنيف شديد من أسرتها، وصور لها تؤكد ذلك.
وذكر المرصد الحقوقي الدولي أنه ومنذ وفاة الضحية في 22 أغسطس/آب 2019، برزت روايتان، الأولى تمحورت حول كون الوفاة طبيعية إثر اضطرابات عقلية، والثانية أكدت على أن أخاها قتلها عمدًا بعد تعذيبها.
وأوضح الأورومتوسطي أنه بينما أعلنت عائلة الضحية أنها توفيت جراء تعرضها لنوبة قلبية إثر حادث سقوط بفناء المنزل جراء معانتها من اضطرابات عقلية، كشف أصدقاء إسراء أن جريمة قتلها بدأت عندما تقدم شابا لخطبتها، قبل أن تخرج برفقة شقيقتها وبعلم والدتها للتعرف عليه بشكل أوسع بإحدى مطاعم المدينة، وقاموا بالتقاط فيديو قصير نشرته عبر حسابها على موقع "إنستجرام"، لتقوم إحدى قريباتها التي شاهدت الفيديو بإخبار والدها وأشقائها.
ووفق إفادات جمعها المرصد الأورومتوسطي من أصدقاء إسراء ومقربين من عائلتها فإن والد الضحية وأشقائها ضربوها بشكل مبرح، ورفضوا خطبتها للشاب المذكور.
ونقل المرصد الأورومتوسطي عن إحدى صديقات إسراء قولها: "قد تكون إسراء فارقت الحياة أثناء محاولتها الهرب من العنف الذي تعرضت له حين قفزت من منزلها، لكن ثمة من أوقف قلبها بالاعتداء عليها والتحريض عليها منذ فترة طويلة".
يشار إلى أن الضفة الغربية شهدت خلال العام 2018 بحسب إحصائيات رسمية اصدرتها الشرطة الفلسطينية 24 جريمة قتل منها 12% ضد نساء على خلفية ما يسمى قضايا الشرف.
وفي آذار/مارس 2018 قررت الحكومة الفلسطينية إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الساري في الضفة الغربية، التي تعفي مرتكب جريمة الاغتصاب من العقوبة في حال زواجه من الضحية، وتعديل المادة 99 منه التي باتت تحرم مرتكب "جريمة الشرف" من الاستفادة من العقوبات المخففة.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه وبالرغم من انضمام دولة فلسطين في العام 2014 للعديد من المواثيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وبدون تحفظات، والتي كان من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق للمدنية والسياسية، والعهد الدولي الخلاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، إلا أن وضعية المرأة وحقوقها في فلسطين لازالت بشكل أو بآخر تراوح مكانها.
وأشار إلى أنه لازالت التشريعات الفلسطينية السارية تمييزية وغير متوائمة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والالتزامات القانونية المترتبة على دولة فلسطين بعد انضمامها لهذه الاتفاقيات، ولازالت العادات والتقاليد الموروثة تلعب دورا أساسيا في تعزيز ظاهرة تعنيف النساء وقتلهن تحت مبررات ومسوغات عديدة تبرر ذلك بمسميات لها علاقة بمفاهيم سائدة مثل "شرف العائلة"، أو "سلوكيات المرأة" والمفاهيم التي تدور في فلك "لوم الضحية" نفسها، وإنقاذ "القاتل" من العقاب.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بضرورة مواءمة التشريعات الفلسطينية القائمة تجاه المرأة مع التزامات دولة فلسطين وتعهداتها في الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها.
كما أكد ضرورة العمل على برامج تثقيف وتوعية مجتمعية؛ بغرض التأثير في المفاهيم والعادات والتقاليد والسلوكيات التي تعزز دونية المرأة على الرجل والتمييز ضدها على أساس الجنس، وبناء ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني وحق المرأة التمتع بجميع حقوقها دون أي شكل من أشكال التمييز.