المذكرات الشخصية : وسرد التاريخ بموضوعية ...!!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

المذكرات الشخصية: غالبا ماتكون قراءة شخصية لأحدات خاصة بالشخصية، ويضاف إليها رؤية صاحب المذكرات لأحداث عامة يرويها من خلال فهمه الخاص لتلك الأحداث ذلك مايحرفها عن الموضوعية .. ويفقدها صفة العلمية لما تغرق فيه من شخصنة الحدث العام وتكريس وجهة نظر احادية الجانب عنه .. حيث يسجل الاحداث انتصارا لروايته ووجهة نظره الخاصة التي يسوقها كوجهة نظر عامة (ازاء الحدث وموضوعيتة) في غياب وتغييب متعمد لوجهة نظر الطرف أو الاطراف الأخرى ... وفرض رؤيته وروايته على القارىء وعلى سجل الحدث التاريخي .. ...

ولذا من الخطأ المنهجي والموضوعي أن يعتد بمثل هذه المذكرات الشخصية كمرجع تأريخي موضوعي لتلك الأحداث مالم يتم لها عملية فحص وتمحيص ومحاكاة مع وجهات النظر الأخرى المعاصرة والمشاركة في تلك الاحداث التاريخية .....

قد يخطئ الباحثون في التاريخ والسياسة عندما يستندون في أبحاثهم إلى مثل تلك المذكرات واعتمادها كمراجع ومصادر للبحت التأريخي السياسي العلمي ... وكمثال على ذلك ماتنشره جريدة الشرق الاوسط وعلى حلقات من (مذكرات الشريف زيد بن شاكر) والتي كتبتها ارملته رزاد الساطي والتي ستنشر في كتاب سيصدر في بيروت الشهر القادم ...

فقد اطلعت على الحلقات الأربع التي تم نشرها في أعداد أيام ٢٦و٢٧ و٢٨ و ٢٩ و٣٠ آب ٢٠١٩م فقد اثقلت رواياتها بشخصنة الاحدث التي تعرضت فيها لوجود المقاومة الفلسطينية بين أعوام ٦٧ و ٦٨ و٦٩ و٧٠ من القرن الماضي في الاردن .. فقد جانبها الصواب في عرض الاحداث وتفاصيلها بموضوعية منتصرا من البداية لرؤيته الشخصية لتلك الأحداث ومغيبا لرؤية الطرف أو الاطراف الأخرى مما حاد بها عن الموضوعية وأفقدها صفة العلمية واسقط عنها صفة تسجيل الاحداث والمواقف السياسية والتاريخية بموضوعية وبالتالي من الصعب اعتمادها كمرجع علمي لفهم احداث تلك المرحلة وما طبع العلاقات الاردنية الفلسطينية خلالها ..... لقد اخفقت مذكرات المرحوم الشريف زيد بن شاكر في تقديم رؤيا واضحة ودقيقة وعلمية عن جميع عناصر تلك الاحداث في تلك الفترة التاريخية العصيبة في حياة الأردن وفلسطين التي اعقبت هزيمة عام ١٩٦٧م واحتلال القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء .... ذلك الحدث الذي هزَّ الأمة العربية وفجر ردة الفعل الشعبية العربية والفلسطينية والتي تمثلت بظهور وإنطلاق فصائل المقاومة الفلسطينية ..... وما قامت به من اعمال فدائية مشرفة ردت الإعتبار والكرامة للمواطن العربي عامة ومنه الأردني والفلسطيني خاصة والذي احتضن فصائل المقاومة..

هذا لا يمنع من تقييم التجربة بموضوعية والوقوف على عناصرها ومكوناتها وتفاعلاتها ايجابا وسلبا بموضوعية وعلمية منصفة لتقديم الصورة الحقيقية لتلك الفترة وتلك التجربة التي أصبحت مُلك التاريخ ... وذلك لأخذ العبرة والعظة منها وتلافي تكرار ما تضمنته من سلبيات واخطاء سواء كانت مقصودة أو عفوية ...

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نترحم على الشريف زيد بن شاكر الذي اجتهد وسجل لنا وللأجيال وجهة نظره كشاهد ومشارك في القرار والحدث في تلك الفترة الزمنية من خلال هذه المذكرات الشخصية ..!

بقلم/ د. عبدالرحيم جاموس

الرياض 31/8/2019م