ثمة ماهو مهم في موضوع التوقعات وردود الافعال لحزب الله الذي يقود المقاومة اللبنانية في الجنوب اللبناني ، ومن الاهمية ايضا ان نبتعد عن التصنيفات المذهبية وما ينتج عنها من صراعات سياسية وامنية في المنطقة وبين الاستقطاب والمناكفات بين هذا وذاك ومنهم من يقول اذا قال السيد نصر الله ووعد قد اوفى ، ومنهم من يشكك في ذلك .. وكلا المقولتين المتضادتين ناتجة عن عواطف مذهبية او مواقف سياسية تخضع لهذا الطرف او ذاك في المنطقة التي يحاول اكثر من طرف فيها ان يرسم خطوط امنية جديدة ومراكز قوى اقليمية جديدة بدأت ملامحها بتدخلات اجنبية منذ عام 2011 .
ولكن كما قلت من المهم وبعد خطابين متتاليين للسيد حسن نصر الله وما يتوقع الجمهور المؤيد والجمهور المعارض والمشكك ايضاً في ردود الافعال لحادث الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية بطائرتين مفخختين وقعتا على مركز من مراكز حزب الله .
بعد تجربة حزب الله في سوريا ودوره الرئيسي في التصدي لتيارات مختلفة اكتسب حزب الله خبرة كبيرة وواسعة في مجال المواجهات الميدانية والتخطيط العسكري فلم يعد حزب الله حزب تحكمه تقاليد حرب العصابات واطرها التنظيمية بل هو اقرب الى جيش نظامي لديه من الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ، ولديه قدرات مدربة من نفس المدرسة الايرانية ولذلك يعتمد حزب الله على طوبوغرافيا الارض في الجنوب اللبناني التي تسمح له ببناء عسكري وان كان وجهه وجه نظامي ولكنه من خلال مجموعات متفرقة وباوامر وسلوك تقتضيه المركزية في ذلك .
البعض حدث بان حزب الله لن يرد والبعض الاخر وبعد ان مضى خمس ايام على الخطاب الاول لنصر الله شكك في مصداقية الامين العام لحزب الله ، اما اليوم والساعة الثانية ظهرا ً فقد كان الرد بثلاث صواريخ كورنيت على ناقلة جند اسرائيلية دمرتها تماما ً وانطلق البعض يتحدث على ان من كان في الناقلة هي " دمى" مشككا ً في جدوى العملية وصرح نتنياهو في مؤتمر صحفي بان هناك مدرعة استهدفت ولكن لا خسائر لديه ولو خدش ! ومصادر حزب الله تقول ان تم القضاء على من فيها ، في كل الاحوال وكما اعلن نتنياهو بان العمليات قد توقفت تماما ً والجولة توقفت وسمح لسكان الشمال بالتجول وفتح الطرق وبدأ حزب الله يستخدم نشاطاته المعتادة في الجنوب .
هنا حدث لغط من طرف كل من المشكك والمؤيد وفي الحقيقة ان حزب الله لا تمتلكه نزعة ردود الفعل العشوائية وخاصة عندما نتذكر كلمة حسن نصر الله بعد حرب 2006 عندما قال لو كنت اعلم اننا سنصل الى تلك النتائج لما توسعنا في تلك الحرب .. اذا ً من يتحكم في حسن نصر الله وقراره هي تلك الحرب التي يمكن ان تشتعل وهي حرب مدمرة لكل الاطراف بما تمتلك من وسائل تدمير مع كل الاطراف والذين ينتظرون ان يحرر حسن نصر الله فلسطين والشمال الفلسطيني المحتل فعليهم ان يكونوا هم طليعة المعركة وهم من يفعلوا مثل ما يفعل حزب الله لخلق على الاقل توازن في الرعب يفرض معادلات سياسية جديدة ، فماذا تنتظرون من حزب الله! اليس حزب الله هو ممثل في الدولة للبنانية وفي الشرعيات الثلاث ؟ اذا حزب الله ليس لديه من الغباء ان تكون له ردة فعل تفتح حرب مفتوحة مع اسرائيل وكذلك الاسرائيليين ليسوا بحاجة بان تتلقى الارض المحتلة عشرات الالاف من الصواريخ الدقيقة والتي تخشى ان يصيب احدها المفاعلات النووية ومصانع البتروكيماويات ، ولكن اريد ان اوضح هنا ان من يحكم حزب الله هو غطاء الدولة اللبنانية ومن يحكمه ايضا المعادلات الاقليمية الكبرى في سوريا والعراق والخليج ، اي ان اي حرب قادمة والتي يرهبها الجميع ويبتعد عنها الجميع هي حرب هالكة للجميع ، فاذا ما قررت القوى الاقليمية الكبرى تلك المواجهة التي بدات تخف بين ايران وامريكا وانتهجت سلوك اخر بعد ما ذهبت تهديدات ترامب الى ذر الرياح يعني ان المنطقة تعود الى السلوك الدبلوماسي وتقاسم المصالح في المنطقة .
اذا ً حزب الله مرتبط ايضا بتطورات العلاقات الاقليمية والدولية مع ايران ، فهو لم يخفي علاقته بايران بل يعتبر نفسه هو احد اعمدة النظام الايراني في الجنوب اللبناني ، اذا ً ليس لحزب الله حرية كاملة في فتح معركة مفتوحة مع اسرائيل من عدمه ، بل هذا يخضع للتوازنات الاقليمية والقوى العظمى في المنطقة ايضا ً ، فالعواطف هنا ليست في مكانها ولا في ابجدياتها فلكل له تقييم موقف سواء عند حزب الله او عند اسرائيل .
المنطقة بكل قواها لاتريد حرب مدمرة بل ممكن مواجهات تكتيكية تغير من خطوط العرض والطول الامنية.
حزب الله يتصرف من خلال قواعد الدولة اللبنانية مع احتفاظه بالعمل من خلال المعادلات الاقليمية ايضا فلا داعي للمناكفات والسجال الذي لا يسمن ولا يغني من جوع .
بقلم / سميح خلف