من يقرأ خبر معاناة الاسير بسام السايح من نابلس جراء المرض، حيث ان 15% فقط تعمل عضلة القلب، عدا عن السرطان، وبقية الاسرى المرضى وكبار السن الذي بعضهم مضى على اعتقاله 37 عاما، يصاب بسخط وامتعاض وحالة قهر.
أيها الأسرى الأبطال الذين تذوب زهرة شبابهم خلف الأسلاك، يا من تخطون للأجيال طريق العزة والكرامة وتكتبون بالدم على جدران الزنازين، و تحملون معكم بقايا "الابراش" وتطرقون خلايا دماغنا وأوردة قلوبنا، ويا من صبرتم حتى عجزت الكلمات عن وصف ثباتكم، ويا من تضرعون إلى الله " رب مسني الضر وأنت ارحم الراحمين". تفاءلوا خيرا فهناك في الخارج من لا ينامون لفك أسركم وعودتكم سالمين إلى أهاليكم.
الاف الاسرى وعشرات الاسيرات ، قابعون خلف القضبان كالأسود في سجون وباستيلات الاحتلال ، هم فخر هذه الأمة من المغرب العربي حتى أندونيسيا المسلمة، بل هم فخر البشرية جمعاء ينوبون عنها في مقارعة الباطل وقوى الظلم والطغيان، هم مغيبون بأجسادهم ومع ذلك يواصلون دورة الحياة خلف جدران الصمت يعزة وكبرياء وصبر وصمود قل نظيره في العصر الحالي.
الاسرى الابطال لا يعبئون ولا ينكسرون رغم القيد والسجن والسجان، بثباتهم يرسمون خطوط الصمود وحدود الوطن المغدور.
ايها الاسرى الابطال على اختلاف الوانكم وفصائلكم، غدا ستخرجون بصفقة مشرفة، عندها تخرجون رافعي الرؤوس أفواجا أفواجا، تسجدون شكرا لله عند خروجكم على بوابات السجون، وعند وطوئكم لبوابات بلداتكم وقراكم وشوارع وأزقة مخيماتكم المؤقتة ،نحو القدس وحيفا وعكا ويافا.
قلوبهم تنبض بالحياة وتنثر الورد بكل الاتجاهات عبر حب الوطن مهما كان الثمن، يحفرون أسمائهم على صخور الزنازين لتنشق ولو بعد حين ،وينساب منها الماء الطهور السلسبيل، هم جوعى للوطن، ويحدوهم الشوق والحنين لشوارع وحارات وأزقة المخيمات والقرى والبلدات، هم الوطن، كل الوطن بجباله ووديانه وينابيعه وذكرياته.
آيات الفجر القادم، تلوح وتلوح رويدا رويدا، بعد طول مسير ومسير، نراها في عيون حسن سلامة ومروان البرغوثي وسعادات، وعباس السيد، والنتشة وعبد الله البرغوثي وعبد الناصر عطا الله، وغيرهم مما لا يتسع ذكرهم.
أنتم أيها الأسرى سواء في سجن مجدو أو عسقلان أو النقب، أنتم أمل وفخر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، أنتم الحصن المنيع والأخير في الذود عن كرامة وشرف الأمة المغتصب.
ايها الاسرى، لا تدعو اليأس يدخل إلى قلوبكم وعقولكم فالنصر صبر ساعة، وإنما هي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وأقوى من كل طواغيت الشر، فأنتم الأشواق في حلوق الظالمين الغاصبين المعتدين، فهم ما عادوا يقدروا على لفظها وما عادوا يقدروا على بلعها.
أنتم وجعنا ووجع كل غيور وشريف لا ينام على ضيم في الوطن المأسور، أنتم يا من مع كل زيارة ينزف الجرح من جديد ليوقظ النائمين والمتقاعسين ويقرع باب قصار النفس ليقول لهم أنهضوا وسيروا على الطريق الذي رسمتوه نحو الأقصى .
ايهال الاسرى، نعلم أنكم صابرون مرابطون تتحملون وزر سكوت امة المليار مسلم على عذاباتكم ، أمة المعتصم التي كانت تحرك الجيوش الجرارة لوجع أسيرة واحدة، ومع ذلك حملتم راية الأمة وآلامها وأوجاعها، علكم تحركون المياه الراكدة ويخرج من بين حبيباتها وقطراتها الخير والبشائر، والذي هو آت... آت ...عن قريب بعز عزيز وذل ذليل.
لن ننساكم، ولن نترككم خلف القضبان التي افترست وأكلت من لحومكم، ونعترف بتقصيرنا ولا عذر لنا نحوكم، ولن تصيروا لقطاء في زمن القطب الواحد المفترس.
أسرانا، لا تيأسوا فسوف تعود البسمة لوجوه الأمهات شوقاً وتسري الدماء ضاحكة بعروق الآباء ويعود الأطفال إلى أحضان آبائهم وأمهاتهم الأسيرات.
بقلم/ د.خالد معالي