سعيد عبد الهادي، هكذا كان اسمه المتداول منذ التحاقه بالعمل الوطني الفلسطيني عام 1971، عندما كان على مقاعد الدراسة في بلجيكا، متحلقاً مع المجموعات اليسارية العربية التي كانت قد "هب هبوبها" في تلك الفترة الزمنية، خاصة مع الانطلاقة الشاملة لحركة المقاومة الفلسطينية.
اسمه الحقيقي سليمان رياشي، الزحلاوي اللبناني، عاشق الفكرة التي آمن بها، وسار عليها، منذ سنوات فتوته وشبابه، فكانت دواخله أكبر من أي انتماءٍ محلي ضيق. فكان في تكوينه ومشاعره ووجدانه فلسطينياً حتى نخاع العظم. تابع عمله الدؤوب في المسيرة الفلسطينية، قافزاً فوق الفصائلية والحزبية المقيتة. فاستطاع بناء جسور المحبة والتواصل مع منهم في الخندق الوطني ذاته، في اطر العمل الوطني على مدى قوسها الأوسع.
عملت معه في مفاصل معينة، وبفتراتٍ زمنية في لجان العلاقات السياسية والدولية، وفي لجنة الاعلام التي اصبحت هي والعلاقات الدولية لجنة واحدة بعد انقسام 1990. فكان الأخ والصديق، قبل أن نُطلق عليه كلمة رفيق، صاحب الموقف المحترم، المتفهم غير الموتور، حتى في ظل الظروف التي رافقت الإنقسام الداخلي والذي انتهت فصوله بدايات العام 1990.
غادر سعيد عبد الهادي، موقعه نهاية النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، نتيجة توالد الهزات الإرتدادية التي وقعت بُعيد انقسام 1990 داخل التنظيم، حين بات موقع القرار بيد ثلاثة أشخاص فقط، وكان السبب إياه، في المغادرة وحيثياتها، قد دفع بأخرين للمغادرة : نبيل حماده (أبو أدهم)، ساجي سلام خليل، تيسير الزبري ..... دون اصطفافٍ مع الطرف الأخر الذي اطلق على نفسه "حزب الإتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)"، والتفاصيل كثيرة ومتشعبة.
تواصلت معه عندما عمل في مركز بحثي في بيروت وزرته في مكتبه مع بعض الأصدقاء اكثر من مرة. وانتقل بعد ذلك لصحيفة المستقبل، والتي تركها نتيجة تفاقم اوضاعه الصحية. رحمه الله، ترك خلفه انطباعاً طيباً عند كلِ من عمل معه.
بقلم علي بدوان