نظم مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان بغزة اليوم لقاء حول " الدين والدولة" وذلك في قاعة فندق الرينتو بمدينة رام الله أمس، وذلك بمشاركة العديد من النخب الفكرية الثقافية والأكاديمية ونشطاء من المجتمع المدني وطلبة الجامعات.
افتتح اللقاء الناشط المجتمعي محمد السعافين موضحاً أن قضية الدين والدولة في الدول العربية تشكل احدى القضايا الاشكالية في علاقات الانظمة الحاكمة مع شعوبها، وهو ما يتطلب البحث في هذه الاشكالية في إطار محاولة الخروج الذي تمر الدولة العربية عقب المتغيرات الاخيرة وما اعتلى المشهد من تناقض واضح بين كافة التيارات السياسية في المشهد العربي.
بدوره أشار زهير الدبعي مدير عام أوقاف نابلس سابقاً، إلي أن القضية المثارة حول العلاقة بين الدين والدولة، علي أهميتها بذاتها، إلا أنها تكتسب زخماً خاصاً في أوقات الأزمات والانكسارات، بحيث يبدو الرجوع إلى مناقشتها، كما لو كان هروباً من هذه الأزمات، أو محاولة لملء فراغٍ سياسي، أنتجته السلطوية العربية بقمعها وتفريغها المجال العام من النقاش المجتمعي الأوسع حول قضايا الحقوق والحريات، ومشاركة الشعوب في حكم نفسها. وهي القضية التي لم يتوقف الجدل حولها، منذ رحل الاستعمار الأجنبي عن بلاد العرب قبل قرن، وسقوط الدولة العثمانية التي نظمت العلاقة بين الأمرين من خلالها تجسيدها في أطر قانونية وتشريعية واجتماعية، جرى قبولها والعمل بها قروناً. مطالبا بإعادة تقديم قراءة إصلاحية للدين في إطار العلاقة مع الدولة، وتصحيح مسار التشوه الذي اعتلته طبيعة العلاقة بين الطرفين.
فيما نوه الباحث والناشط الحقوقي محمد النجار، إلي ضرورة مواجهة الواقع والاعتراف بأصل المشكلة باعتبار أن العلاقة بين الدين والدولة هي اشكالية كبرى تواجه الدولة العربية، وأن الخروج من هذا المأزق لا يتم إلا عبر الدولة المدنية التي تقوم على قاعدة المساواة والاحترام لكل مواطنيها، أي دولة المواطنة، وهذه الدولة لا تتحقق إلا بفصل الدين عن الدولة. وأن التجربة أخبرتنا بالتوظيف السئ للدين في مجال الحكم، مما انعكس سلباً على الدين وموقف الناس منه، لذلك فإن تصويب المسار لا يتأتى إلا من خلال منع هذا الاستخدام السلبي للدين في الدولة.
وأشار إلي أنه ثمة حاجة لتأطير العلاقة بين الدين والدولة، ليس من خلال إخضاع أحدهما للآخر كما يعتقد بعضهم، ولكن الصحيح أيضا هو تأطير العلاقة بين الدولة والمواطن، وبين الحاكم والشعب، وبين المجتمع ونفسه في ضوء منظومة القيم الإنسانية التي مرجعها الدين والأخلاق، كالحرية والعدالة والمواطنة والتسامح والتعدّدية. وهي قيم كفيلة بتحويل العلاقة الصراعية بين الدين ومن يدّعي تمثيله من قوى وحركات وتيارات، والدولة ومن يدّعي تمثيلها من سلطة وأجهزة ومؤسسات. فعلى مدار القرن الماضي، كان الجدل حول هذه المسألة بمثابة "قميص عثمان" الذي تستخدمه كل القوى السياسية والدينية في صراعها مع بعضها، من أجل تحقيق شرعية وقبول لدى مناصريها.