أولا: الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2020
لقد تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الاعلام التصريحات التي أدليت بها على مدى السنتين السابقتين بشأن الأزمة الاقتصادية المتوقعة عام 2020، وأود أن أؤكد أنني ما زلت على موقفي. وقد أثبتت الأحداث والأوضاع خلال الفترة المذكورة ان الأمور تتدحرج وبسرعة نحو ما توقعته من أزمة اقتصادية خانقة، وأصبحت أكثر قناعة بأنها قادمة العام القادم خصوصا وأن العقوبات التجارية انتقلت من مرحلة الرسوم الى الحرب التجارية، بمعنى مقاطعة منتجات دول معينة وهو ما يعرف بالحرب التجارية. بالتزامن مع ذلك بدأنا نقرأ ولأول مرة وعلى لسان خبراء مثل الأستاذ جيفري ساكس أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، بأننا في حالة حرب باردة. وهذه حالة لا يمكن الخروج منها الا باتفاق بين العملاقين الاقتصاديين والتقنيين، الصيني والأمريكي، على صياغة نظام عالمي جديد، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بعد افتعال حرب حقيقية يكون لها هدف واحد وهو إجبار الجانب الصيني على الجلوس على طاولة المفاوضات. وأود أن اكرر هنا ما ركزت عليه سابقا من أن الأزمة هي أيضا فرصة وبإمكاننا كل من موقعه دراسة طرق الاستفادة ودرء آثارها السيئة وتحقيق الفوائد منها.
ولقد أوضحت في تقريري المنشور على مواقعنا في شهر مارس 2019 ان هذه الأزمة سيتبعها فترة ازدهار تكون بدايتها من منطقتنا نتيجة التوافق العالمي على إعادة اعمارها مما سيكون له الأثر الإيجابي على جميع اقتصاديات العالم.
ثانيا: استقالتي من مجلس الأعيان
لقد كرمني جلالة الملك للمرة الثانية بعضوية مجلس الأعيان، وانا أدين له بهذا الفضل ما دمت حيا. ولما كان جلالته قد علمنا احترام سيادة القانون، فلقد وجدت في صدور قرار التفسير رقم 1 لسنة 2019 الصادر عن المحكمة الدستورية بشأن حظر التعاقد بين أعضاء المجلس واي مؤسسة رسمية، وجدت أن الأمانة تقتضي على ضوء هذا التفسير الذي أوضح أسباب تعارض المصالح أن أتقدم بالاستقالة من موقعي في المجلس. وغني عن البيان أنني سوف أستمر بتقديم خدماتي المهنية والتعليمية وجلها خدمات مجتمع (ولكنها تعتبر تعاقدات بموجب التفسير الصادر المذكور، وإن كانت في حقيقتها خدمات مهنية وبرامج بناء قدرات، ومنها على سبيل المثال تقديم الأجهزة والأثاث والأنترنت المجاني بموجب عقود لمراكز معرفة على امتداد الوطن يزيد عددها عن 106 وغير ذلك كثير) وذلك أداء لمسؤوليتنا الاجتماعية وخدمة لهذا الوطن الذي نفخر بالانتماء اليه في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.
ثالثا: التكهنات بشأن ترشيحي لمنصب حكومي
إن خدمة الوطن هي واجب وشرف، وانا أؤدي هذه الخدمة من خلال طلال أبوغزاله العالمية التي اتخذت من الأردن مكتبا دوليا لها ومركزا لإدارتها المالية، وغني عن البيان أن أهم وأجل الخدمات للوطن هي في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وفي القضاء كما في قطاع التعليم والأعمال شاملا المهن والنشاطات الاقتصادية وفي القطاع العام. وكل منا يخدم الوطن من موقعه. وفي الأردن الكثير من الشخصيات الهامة التي تملك الخبرة في العمل الحكومي والذي لا خبرة لي فيه على الإطلاق، وبالتالي هم أكثر مني قدرة وكفاءة على تولي شرف العمل الحكومي. ناهيك أنه لا يمكنني قبول شرف أي منصب حكومي، وذلك لنفس السبب الذي أجبرني على الاستقالة من مجلس الأعيان.
رابعا: حراك المعلمين ومطالبهم
صحيح أن رواتب المعلمين هي من أدنى الرواتب بين المهن، ويتضح ذلك عندما تقارن مستوى الرواتب مع الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين والصيادلة وغيرهم. هنالك حاجة لتثبيت وضع ممارسة التعليم كمهنة وتنظيم قانون مهني للمعلمين ينصفهم باعتبار انهم يتعاملون مع العقول ويجب أن يكون لهم نفس أهمية الأطباء الذين يتعاملون مع الأجساد، وهذا يشتمل على معلمي المدارس الحكومية والخاصة وأساتذة الجامعات. في الوقت ذاته لقد صرحت سابقا وأكرر أنه في عصر المعرفة يجب أن ينتقل دور المعلم من التلقين إلى دور الموجه التقني لأن كامل المعرفة البشرية موجودة على الإنترنت ويستطيع أن يتناوله الطلبة كما المعلم، والحاجة هي أن يكون المعلم موجها للطلبة في كيفية الحصول على المعلومة وتحويلها إلى معرفة أو ابتكار. وهذا يتطلب بطبيعة الحال وضع برامج لتطوير قدراتهم التقنية المعرفية وحصولهم على المؤهلات المهنية والتعليمية والتقنية اللازمة بالتزامن مع تعديل أوضاعهم بناء على تقييم أدائهم بعد تلقيهم التدريب والتأهيل اللازمين.
خامسا: تشريعات وأنظمة التعليم
لقد نشرت لي جريدة الدستور بتاريخ 10/7/2019 مقالا حول هذا الموضوع وأوردت فيه رأيي بالحاجة لإعادة دراسة جميع التشريعات والأنظمة والإجراءات المتعلقة بالتعليم لتتواكب مع متطلبات ثورة المعرفة وأن تشمل هذه الدراسة النظر في إلغاء "هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها" لأن دورها الذي تمارسه حاليا أثبت عدم الفعالية المطلوبة، لا سيما وأن مرجعيتها هو الوزراء بدلا من مجلس التعليم العالي مما يجعلها بمثابة وزارة تعليم عالٍ أخرى.
سادسا: التعليم في عصر المعرفة
أنا شخصيا نتاج نظام التعليم في الخمسينات وما قبلها والذي كان الهدف منه تخريج متعلم ليحصل على وظيفة، وأنا أحد الأمثلة على ذلك. في عصر المعرفة وفي ثورتها، أي الثورة الصناعية الرابعة أصبح الهدف والطريق إلى صنع الثروة هو الابتكار لدرجة أن من أهم المخترعين في العالم من لم يكملوا دراساتهم الجامعية بل حتى الأساسية. وغني عن البيان أن أغنى أغنياء عصرنا هم المخترعون المعرفيون، وبالتالي أصبح واضحا أن دور المدرسة والجامعة هو أن تكون حاضنة للابتكار والإبداع (وكنموذج لذلك الهدف أنشأنا كلية طلال أبوغزاله الجامعية للابتكار). إن اختراعا واحدا هو بحجم الناتج القومي لعدة دول ومثال ذلك أمازون/أبل/هواوي/فيسبوك/علي بابا/جوجل والقائمة تطول. ذلك هو المستقبل. علماً بأنني عندما أتكلم عن الابتكار، أقصد التطوير والتحسين في أي عمل يقوم به المواطن وليس بالضرورة اختراعا جديدا.
سابعا: أجهزة تابليت ولابتوب الإنتاج الأردني العربي الأول عالميا
بداية أقول انني أفخر بأن أكون مواطنا في دولة ملكها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي غمرني بفضل دعمه وتوجيهاته والذي أدين له بالفضل على هذا الإنجاز لما أتاحه للمؤسسات الوطنية من بيئة استقرار وأمان وإنتاج وإبداع. (وأفخر بأنه رغم مسؤولياته العظام والهائلة وعلى كل الأصعدة يجد لحظة من وقته الثمين ليبارك الإنجازات الوطنية). واليوم نباهي العالم بأننا دخلنا في تقنية صناعة أجهزة التابليت واللابتوب بأعلى المواصفات الدولية وبأفضل التقنيات لدى الشركات الكبرى في العالم وبأسعار تنافسية جدا (بسبب تمويل هذا المشروع من قبل TAG Foundation لخدمة المجتمع) وللتسويق على مستوى العالم كله.
ثامنا: وجهة نظري في العطل الإضافية
قال افلاطون: أنا أحب سقراط ولكنني أحب الحقيقة أكثر. والحقيقة في هذه الحالة هي أنني عندما أطالب بالعمل وزيادة الإنتاجية أتكلم بصفة مواطن يدرك أن نمو اقتصادنا وتحسن أوضاعنا العامة مرتبط بإنتاجيتنا. وكذلك قدرة الدولة وجاهزيتها لتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين وخصوصا في حالات الضرورة. وأقول لمن لم يعجبهم رأيي، أنا أحترم رأيكم وأتقبل اختلافكم معي وأود أن أكرر أن من يعمل فإن ذلك لصالحه أولا قبل صالح المؤسسة التي يعمل بها سواء كانت هيئة حكومية أو خاصة، لأنه بالعمل يختزن الخبرة والقدرة ويصبح مؤهلا لتولي مهام ومناصب أعلى وبسرعة أكبر. وغني عن البيان أن الخبرة هي ثروة لمن اختزن تلك الخبرة، وعندما يغادر المؤسسة التي خدمها يأخذ خبرته معه ولا يتخلى عنها، فهي ملكه إلى الأبد.