قال مدير موقع "فلسطين خلف القضبان" المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن السجن في المفهوم الإسرائيلي لم يكن يوماً أداة لتطبيق العدالة المجردة، أو مكاناً لإعادة تأهيل المواطنين وإصلاحهم، وإنما جعلت منه دولة الاحتلال ساحة للتعذيب ومكانا لإلحاق الأذى المتعمد والقتل البطيء، وتحويل المعتقلين الى معاقين أو جثث مؤجلة الدفن.
واستطرد قائلا: أن (221) فلسطينيا سقطوا شهداء بعد اعتقالهم منذ العام 1967، بينهم (66) استشهدوا نتيجة الاهمال الطبي. بالإضافة الى عشرات آخرين توفوا بعد خروجهم من السجن بفترات وجيزة نتيجة لأمراض ورثوها عن السجن وجراء الاهمال الطبي.
واضاف: أن ادارة السجون الإسرائيلية أمعنت في اجراءاتها وصعدّت من قمعها للأسرى عموما خلال السنوات الأخيرة، واستمرت في استهتارها بحياتهم، وتجاهلت سوء الأوضاع الصحية للمرضى منهم وواصلت اهمالهم طبيا ولم تقدم لهم الرعاية الطبية اللازمة، فارتفعت قائمة أعداد المرضى في السجون، وكذلك قائمة "شهداء الحركة الأسيرة"، وسقط منذ مطلع العام 2018، أي خلال عشرين شهرا مضت (12) اسيرا نتيجة الاهمال الطبي، بينهم (4) اسرى استشهدوا خلال العام الجاري 2019 وهم: فارس بارود، عمر يونس، نصار طقاطقة، وبسام السايح الذي استشهد قبل يومين.
وأوضح فروانة ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد إلحاق الأذى بصحة وحياة الأسرى والمعتقلين عبر منظومة من الاجراءات في إطار سياسة ممنهجة، وأن أكثر من(1500) معتقل فلسطيني يعانون من أمراض مختلفة، وأن قرابة (700) منهم بحاجة الى تدخل علاجي عاجل، فيما هناك أكقر من (150) معتقل يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة وأن العشرات منهم يحتضرون دون ان يتلقوا الرعاية الطبية اللازمة. هذه بالإضافة الى عشرات آخرين يعانون الإعاقة الجسدية و النفسية، أو الحسية (السمعية أو البصرية).
وكشف فروانة بأن عدد الأسرى المرضى لا يقتصر على هذا، فهذا العدد يشمل فقط من ظهرت عليهم أعراض المرض فتم تشخيصهم. فيما لو أجريت فحوصات شاملة على الآخرين، فلا شك أن الرقم الحقيقي سيرتفع. فيما هناك من المرضى من يجهلون طبيعة مرضهم جراء السرية والكتمان التي تفرضها ادارة السجن على ملفهم الطبي.
وأشار فروانة بان أن الخطر لا يقتصر على هؤلاء المرضى، وانما على باقي الأسرى الذين يعتبرون ضمن الأصحاء، حيث من الممكن أن يتعرض هؤلاء إلى الإصابة بالأمراض بفعل استمرار وجود العوامل المسببة للأمراض وهي كثيرة وكفيلة بإلحاق الأذى بهم.
وأوضح فروانة بان الخطورة لا تكمن بالإهمال الطبي فقط، أو بطبيعة الظروف فحسب. وانما كذلك في مشاركة الأطباء والممرضين العاملين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث أن جميعهم يتلقون تعليماتهم من الأجهزة الأمنية التي يقول لسان حالها: إما أن يموت الأسير الفلسطيني فورا، وإما أن تستمر معاناته ويتحول الى عالة على أسرته وشعبه ويموت تدريجيا.
ودعا فروانة كافة الجهات المختصة الى اجراء تقييم شامل للمرحلة السابقة واعادة النظر في الأدوات المستخدمة والبحث عن آليات جديدة تكون أكثر ضغطا وتأثيرا على الاحتلال من جانب، وعلى المؤسسات الدولية من جانب آخر.
وناشد فروانة منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية الى التحرك وتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية والقانونية والضغط على سلطات الاحتلال بما يضمن حماية الأسرى من خطر الاصابة بالأمراض جراء الظروف القائمة والعوامل المسببة، وبما يكفل إنقاذ الأسرى المرضى من خطر الموت بفعل الاهمال الطبي.