على مقربة من الانتخابات الاسرائيلية، استخدم نتنياهو في خطابه الاستيطاني، مفردات أراد بها "دغدغة" مشاعر الناخب الاسرائيلي من جهة، وأكد على السياسة الاستعمارية الاستيطانية الاسرائيلية، ومن أهم تلك المفردات "الديمقراطية، الضم، القوة العسكرية"، بالإضافة الى تذكير الناخب الاسرائيلي بأولوية الأمن الاسرائيلي واعادة مفهوم الخطر المحدق بإسرائيل.
عن الديمقراطية الاسرائيلية المزعومة التي تحدث عنها نتنياهو، فإنه لا يجوز لأي "دولة" تتدعي الديمقراطية أن تستمر في إحتلال شعب آخر وسرقة ارضه ومقدراته ومستقبله، أو أن تنزع او تبرر التنصل من أولوية إحترام مباديء العلاقات الدولية والاتفاقيات الموقعة والقرارات والمواثيق الدولية، وكما أن الأحزاب الاسرائيلية في قراءة المشهد الانتخابي الحالي، ترفض الدولة الفلسطينية، وعودة اللاجئين، وكافة الملفات التي أعدمتها الحكومات الاسرائيلية السابقة، وغير خافي على أحد أن السياسة الاسرائيلية تعتمد على الابارتيد والضم والطرد والتزييف و ترفض وجود الفلسطيني، وتعمل على بقائه في كانتونات معزولة عن العالم الخارجي ويهيمن عليها ويخضعها له أمنيا واقتصاديا.
ان الانتخابات الاسرائيلية والعدائية ضد الشعب الفلسطيني، توسع الهوة الملتهبة، وتمنح مزيدا من الاشتعال في بقعة ساخنة جدا، وتصادم لا محال واقع، وتعمق الكراهية، والصراع الى أبعد الحدود، وهذا ما دعا الرئيس الفلسطيني أبومازن للتصريح أن ضم الضفة الغربية يعني الانفكاك الكامل عن الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، أي العودة الى المربع الأول.
ان نتنياهو الذي يتحدد مصيره إما الى رئاسة الحكومة او السجن، يعتلي اليوم أعلى سلم التطرف، ويطالب بمنحه تفويض كامل لضم الاغوار والمستوطنات "الضفة الغربية"، ويتوعد باستخدام القوة العسكرية من أجل تحقيق ذلك، وهذا التهديد ليس بجديد كونه يصاحب كل عملية انتخابية والمقصود به شن عدوان عسكري على الشعب الفلسطيني، وهذا يؤكد النوايا المسبقة لدى نتنياهو لتنفيذ تهديداته وتفجير الأوضاع وسواء من خلال حكومة يمينية متطرفة أو حكومة وحدة وطنية بشرط أن يكون هو الرئيس، ويبدو هنا أن نتنياهو مصاب بإحباط شديد، ولم يعد قادرا على انقاذ مستقبله السياسي.
ان مستقبل المنطقة سيكون تتويجا لسياق من التراكمات التي تؤدي الى الانفجار في وقت ما، والأسوأ هو موقف الادارة الامريكية الذي لا يختلف مع نتنياهو في عدوانه وتهديداته ضد الشعب الفلسطيني واستباحة وجوده وارضه ومستقبله، مما يعني أن المنطقة ستذهب للحرائق ما لم يتدخل المجتمع الدولي ويفرض أرادته قبل فوات الأوان.
بقلم/ د. مازن صافي