بدعوة من الحزب الشيوعي البرتغالي شاركت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مهرجان " آفنتي" السنوي الثالث والأربعين والذي عُقد في الفترة ما بين 6 إلى 8 أيلول الحالي في العاصمة البرتغالية لشبونة بمشاركة واسعة من حوالي عشرات الأحزاب من مختلف أنحاء العالم، حيث يقدر الأفراد المشاركين في فعاليات المهرجان حوالي 600 ألف وعدد الوفود 52 وفداً. وللجبهة الشعبية جناح خاص ثابت في هذه المهرجان، يُعرض فيه صوراً ومقتطفات من أدبياتها وبعض المواد التراثية الفلسطينية، كما تنظم فيه العديد من الندوات.
وأكد القيادي في الجبهة الشعبية فايز البدوي أن جناح الجبهة ركز هذا العام على قضية الأسرى من خلال رفع يافطة كبيرة بعنوان "الحرية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال"، وصورة للأمين العام للجبهة ورمز المقاومة أحمد سعدات، ودعم نضال المرأة الفلسطينية التي تناضل على كافة الصعد، بالإضافة إلى عنوان المقاطعة bds باعتبارها من أهم الأسلحة الناجعة في مواجهة الاحتلال، والعنوان الأخير هو التأكيد على دولة فلسطين الديمقراطية العلمانية على كامل التراب الوطني الفلسطيني " من الميه للميه" من نهر الأردن حتى البحر المتوسط، باعتباره الحل الواقعي والوحيد لحل القضية الفلسطينية.
وأضاف القيادي البدوي أن أهمية هذه التظاهرة الدولية، أنها وضعت على جدول أعمالها سبل مجابهة الامبريالية والصهيونية، ودعم نضال الشعوب الحرة من الاحتلال والاستعمار والاستغلال وفي مقدمة هذه الشعوب الشعب الفلسطيني، مشيراً أن الجبهة الشعبية على رأس المشاركين في هذا الحفل السنوي إضافة إلى العديد من الأحزاب الفلسطينية والعربية خاصة الحزب الشيوعي اللبناني وأحزاب تقدمية بحرينية ومغربية.
وأكد البدوي أنه كما كل عام شهد جناح الجبهة في الحفل اقبالاً كبيراً من المتضامنين اليساريين مع القضية الفلسطينية، والذين يعتبرون الجبهة رأس حربة مواجهة الامبريالية والصهيونية، كما شاركت الجبهة في الكثير من اللقاءات والزيارات لأجنحة الأحزاب التقدمية الصديقة.
وأضاف البدوي أن الجبهة عقدت اجتماعاً مركزياً مع أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي البرتغالي، استعرضت خلاله مع الرفيق مختلف القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وخاصة في فلسطين، وكذلك الوضع الحالي في البرتغال، حيث أكدت الجبهة في الاجتماع على أن الهجمة الامبريالية والصهيونية في المنطقة العربية ستفشل على صخرة صمود المقاومة.
وأكد البدوي خلال اللقاء على أن الجبهة لا تعترف إلا بدولة فلسطينية ديمقراطية علمانية على كامل التراب الوطني الفلسطيني " من الميه للميه" من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، وأنه لا تنازل عن شبر واحد من أرضنا، مضيفاً أننا لن نتنازل عن اللد والجليل وحيفا والمثلث وكل بقعة في فلسطين، ولن يكون هناك أي سلام في المنطقة إلا بدحر هذا الكيان الصهيوني الغاصب.
كما أجرى البدوي لقاءً صحافياً مع صحيفة " آفنتي" الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي البرتغالي، حيث أجاب خلالها على العديد من الأسئلة والتي كان من أهمها كيفية مواجهة الامبريالية الممثلة بالإدارة الأمريكية الحالية ومؤامراتها على الشرق الأوسط وخصوصاً على القضية الفلسطينية.
وعلى هامش المهرجان شارك البدوي في ندوة مركزية بحضور ممثلين عن الحزب الشيوعي الإيراني واللبناني وممثل عن أحزاب بحرينية، توجه فيها بالشكر إلى الحزب الشيوعي البرتغالي على استضافتهم هذه التظاهرة الدولية المنددة بالامبريالية والصهيونية.
وتحدث البدوي في الندوة حول الهجمة الامبريالية والصهيونية الشاملة على المنطقة وعلى القضية الفلسطينية، موضحاً أن مفاعيل هذه المؤامرات والمخططات التي تستهدف المنطقة والقضية الفلسطينية تحديداً لم تبدأ منذ النكبة عام 1947 بل منذ سايكس بيكو.
وتطرق البدوي في كلمته إلى وعد بلفور المشئوم والذي أعطى فيه الاحتلال البريطاني أرضاً لمن لا يملك، مؤكداً أن لا شرعية ولا قانونية ولا وجود لهذا الكيان الصهيوني على أرضنا وأنه لا يحق لأي دولة في العالم أو الأمم المتحدة أن تهدي أي جزء من أرضنا للصهاينة، وأن الشعب الفلسطيني سيواصل مقاومته ولن يتنازل عن شبر واحد من ارضه.
واستعرض البدوي تاريخ مقاومة شعبنا ضد الاحتلال، مؤكداً أن شعبنا لم يترك البندقية قط ضد الاحتلال، مشيراً إلى بعض النقاط المضيئة من تاريخ نضال شعبنا مثل مقاومة الثورة الفلسطينية للغزو الفلسطيني للبنان عام 1982، إلى انتفاضة الحجارة الكبرى، والانتفاضة الثانية المسلحة.
وتحدث البدوي عن النتائج الكارثية التي تسبب بها التوقيع على اتفاقية أوسلو من قبل اليمين الفلسطيني، والتي شكلّت تنازلاً خطيراً عن الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة، وتم من خلالها تغييب دور منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا لصالح سلطة التنسيق الأمني، التي تلعب نفس الدور الذي لعبته حكومة فيشي في فرنسا إبان الاحتلال النازي.
وأضاف البدوي أن هذه السلطة وبرامجها تخدم الرجعية الفلسطينية والكمبرادورات وطبقة الرأسمال المرتبطة بالاحتلال، وهي شكّلت على الدوام خدمة للاحتلال من خلال استمرار التنسيق الأمني واعتقال وملاحقة المقاومين، مستعرضاً الدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية والجنرال دايتون في تدريب أجهزة أمن السلطة على استهداف المقاومة.
وجدد البدوي تأكيده على أن الجبهة الشعبية لم تخطئ يوماً في تحديد معسكر الأعداء والمتمثل في الامبريالية الأمريكية، واللوبي والكيان الصهيوني، والرجعية العربية.
وحول آخر التطورات السياسية، أكد البدوي بأن هناك مؤامرة كبيرة تستهدف القضية الفلسطينية تقودها الإدارة الأمريكية والتي تحاول تمرير صفقة القرن، لافتاً أن ورشة البحرين التي نُظمت قبل عدة شهور تأتي في سياق تمرير هذه الصفقة ومن أجل ضرب المقاومة في المنطقة وفي فلسطين، مؤكداً أن هذه الورشة فشلت فشلاً ذريعاً بسبب حالة الإجماع الفلسطينية الرافضة لها.
وشدد البداوي على أهمية استمرار مقاومة شعبنا وتصديه لجرائم الاحتلال، مشيداً بمسيرات العودة وبالتصدي الأسطوري لشعبنا في غزة والضفة والقدس والداخل المحتل وفي الشتات وفي داخل قلاع الأسرى لكل المخططات الصهيونية والأمريكية الهادفة للانقضاض على حقوقه وخاصة حق العودة، مؤكداً أن شعبنا أثبت للعالم أنه شعب حي لا يعرف الاستسلام، وقادر على افشال كل المؤامرات التي تستهدفه وفي مقدمتها صفقة القرن، مردداً أبياتاً من قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم ( يا عدو الشمس لكن لن أساوم... وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم).
وفي ختام الندوة توجه البدوي بالتحية باسم الأمين العام للجبهة الرفيق أحمد سعدات وقيادة الجبهة، باسم الأسرى وفي مقدمتهم الأسير حذيفة حلبية الذي انتصر على الجلاد بعد اضرابه المفتوح عن الطعام أكثر من 67 يوماً، باسم جماهير شعبنا في الوطن والشتات، معاهداً الحضور بأن تستمر الجبهة الشعبية بالمقاومة حتى تحقيق أهداف شعبنا في العودة والحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على كامل التراب الوطني.