اقامت منظمة "عطيرت كوهانيم " الاستيطانية دعوى ثانية للمطالبة بإخلاء عائلة الدجاني المستأجرين المحميين لفندق الامبريال في باب الخليل من البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وكشف ابو الوليد محمد الدجاني مدير الفندق عن تحركات مريبة ومحاولات خطيرة تقوم بها المنظمات والشركات الاستيطانية للاستيلاء على الفندق تمهيدا لتهويد ساحة عمر بن الخطاب في مدينة القدس .
وقال أبو الوليد لصحيفة "القدس" الفلسطينية ان هناك تطورات خطيرة في الصفقة التي ثبتها قرار العليا الإسرائيلية، والمستوطنون والجمعيات والشركات الاستيطانية مازالت تتردد على المنطقة وتصور وتمسح وتضع علامات الامر الذي لا يبشر بخير ويشكل خطرا ويبقينا تحت التهديد الدائم.
واكد الدجاني ان المحكمة المركزية والعليا تواطأت مع المستوطنين، وقال ان من الملاحظات على الاتفاقية الموقعة ما بين مالك العقار بطريركية الروم الأرثوذكس وجمعية المستوطنين "عطيروت كوهانيم" وتمثلها شركة ريتشاردز البريطانية:ان هذه الاتفاقية وقعت في جنح الظلام ما بين البطريركية وشركة هي واجهة تمثل جمعية استيطانية، ثم كونها اتفاقية ايجارة وليس اتفاقية بيع مما يثير اشكالية قانونية اذ لا يصح تأجير ما هو مؤجر أصلا ودون علم وموافقة المستأجر. ولذا نجد البند 12 من الاتفاقية ينص على انه يقع على عاتق المالك أي البطريركية اخلاء المأجور ولو بالقوة ان طلب منها ذلك.
وتابع يقول:ايضا نجد أن فندق الامبريال تم تأجيره بمبلغ مليون و250 الف دولار امريكي لمدة 99 عاما مع إمكانية تمديد العقد لمدة 99 سنة أخرى، وتأجير فندق البتراء بمبلغ 500 الف دولار، وتأجير بيت المعظمية الواقع بالقرب من باب حطة المؤدي مباشرة إلى المسجد الأقصى المبارك بمبلغ 50 ألف دولار فقط. وهذه مبالغ تافهة نسبة لقيمة هذه العقارات التاريخية في موقع استراتيجي في المدينة. فعلى سبيل المثال، المبلغ الذي دفعته الجمعية الاستيطانية للتصرف بحقوق الايجارة لفندق الامبريال يعتبر متدنيا جدا مقارنة بقيمة العقار. فهم دفعوا مبلغ خمسة ملايين شيكل عن 99 عاما ويطالبوننا بدفع مبلغ عشرة ملايين شيكل عن 15 عاما مقابل الايجارة.
وعبر الدجاني عن قلقه من استغلال المستوطنين لقرار المحكمة العليا الاسرائيلية وقال لقد تلقينا من الجمعية دعوى تطالبنا بسداد ما ترتب من إيجارات للسنوات 2004-2019، بقيمة عشرة ملايين شيكل إسرائيلي بواقع 650 ألف شيكل سنويا وهي ثلاثة أضعاف الايجار الذي ندفعه. بادعاء أن قرار المحكمة أكد قانونية الاتفاقية وأصبحت بذلك "عطيرت كوهانيم" هي المتصرف الجديد بالحقوق والالتزامات المتعلقة بالعقار.
كما قامت عطيرت كوهانيم بالحجز على حسابات الفندق البنكية مما شل قدرتنا على ادارة الفندق ودفع الرواتب للموظفين والمصاريف اليومية. كما تم الحجز على اموالنا وممتلكاتنا الشخصية للضغط علينا.
وقال الدجاني: لقد تقدمنا بالتماس قانوني ردا على دعاوى "عطيرت كوهانيم" لمنعها من اخلائنا والاستيلاء على الفندق، فاستيلاء عطيرت كوهانيم على ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل سيؤدي الى محو الطابع التسامحي في التعايش بين الاديان وطمس الهوية الاسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة واضعاف الوجود المسيحي في المدينة. مؤكداً ان هذه الاجراءات احادية الجانب التي تسعى لتغيير الوقائع على الارض تتعارض والقانون الدولي واتفاقية اوسلو التي وقعتها الحكومة الاسرائيلية ورعتها الحكومة الامريكية.
وعن طبيعة التحرك في هذه المرحلة قال الدجاني: ان استراتيجية خطة العمل المستقبلي لمنع استيلاء المستوطنين على ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل، كما حصل في دير مار يوحنا عام 2000 الملاصق لكنيسة القيامة في حارة النصارى والتي تمكنت عطيرت كوهانيم من الاستيلاء عليه، فان ادارة الفندق بصدد فتح حساب بنكي لجمع تبرعات الهدف منه ما يلي:
1- تغطية التزامات ومصاريف العملية التشغيلية للفندق لتسديد ما قد يطرأ في حالات استثنائية نتيجة ظروف خارجة عن ارادتنا.
2- دفع مصاريف المحامين والخبراء والمستشارين الذين سيقومون بالدفاع عن عقارات باب الخليل.
وأشار الدجاني الى ضعف التجاوب مع كل المناشدات السابقة التي اطلقها بشكل مباشر وغير مباشر للحفاظ على الحقوق الدينية والوطنية والسياسية وحماية العقارات في باب الخليل، وقال: للأسف، كانت النتيجة مخيبة للآمال ولم نكن نتوقع هذا الصمت الرهيب، ومن خلال منبركم هذا نكرر مناشدتنا وقبل فوات الآوان لطلب الدعم قضائيا وسياسيا.
وأضاف ان انقاذ هذا العقارات أمانة في اعناقنا وواجبنا الديني والاخلاقي ان نحافظ عليها. وتقع علينا مسؤولية الحفاظ على هذا التراث الهام الذي يعكس ثقافة حية تلعب دورا هاما في إلهامنا وتأكيد هويتنا وانتمائنا. كما أن المبنى قبلة للسياح مما يشكل مصدرا مهما للدخل لكل القطاعات الاقتصادية المقدسية.
ونوه الى أن مدخل البطريركية الكاثوليكية يقع على يسار الفندق ومدخل الكنيسة الارثوذكسية وكنيسة الروم الكاثوليك على يمين الفندق ولذا ناشد العالم المسيحي القيام بواجباته بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبطال هذه الصفقة حتى يتسنى للإخوة المسيحيين القيام بشعائرهم الدينية دون عقبات وحفاظا على الإرث المسيحي في مدينة السلام.
وقال:ليس باستطاعتنا خوض هذه المعركة الشرسة وحدنا. والمطلوب أن يكون هناك جهد مشترك وموحد واسع النطاق من قبل الغيورين على هذه المدينة. ونأمل خيرا وايماننا بالله سبحانه وتعالى انه يسند المظلوم على الظالم. عسى ان يوفقنا الله سبحانه وتعالى لما فيه الخير والبركات لنا ولهذه الامة.
ووصف الوضع بانه الهدوء قبل العاصفة وقال ان باب الخليل يعتبر أهم أبواب المدينة القديمة وبوابة باب الخليل اول ما تشاهده على الحائط الداخلي للبوابة حجرا منقوش عليه: "لا اله الا الله وابراهيم خليل الله". ولذا سميت تلك البوابة باب الخليل نسبة الى سيدنا إبراهيم، اضافة الى كون هذه البوابة كانت تستخدم للتوجه الى يافا والخليل ومن هنا جاء اسمها باللغة الانجليزية "باب يافا".
ولفت الدجاني الى رمزية وتاريخ هذه المنطقة وهذا الباب العريق وسبب تسمية الساحة بساحة عمر وقال : ساحة عمر بن الخطاب نسبة للخليفة العادل الذي دخل المدينة دون اراقة اي دماء وأعطى تلك العهدة التاريخية التي تسمى بـ(العهدة العمرية ) التي أسست لمرحلة تاريخية مهمة من التعايش بين المسيحيين والمسلمين في هذه المدينة "مدينة السلام "وبنى فيها المسجد الاقصى المبارك ، فما يخطط له من قبل المستوطنين والجمعيات الاستيطانية هو ضرب تلك الصورة وتهويد تلك الساحة عبر زرع المستوطنين وتغيير اسم الباب والساحة في فصل جديد من التهويد الذي نشاهده في المغاربة وفي سلوان.
وأوضح:"عندما دخل الخليفة العادل عمر بن الخطاب مدينة القدس عام 638 ميلادي سمح للطائفة المسيحية بالاستمرار في العيش والصلاة بحرية في المدينة ومنح الطائفة اليهودية حق العودة للصلاة والسكن في المدينة بعد ان كانوا محرومين من ذلك في عهد الرومان. مشيراً الى الصورة التي كانت تشكل (موزيك / بنوراما ) تضم كافة الطوائف المسيحية والإسلام وبعض اليهود عاش الجميع تحت الحكم الاسلامي وتعاون الجميع لتجميل المدينة التي كانت معمورة التعايش والسلام حتى وقعت النكبة ثم النكسة عام ١٩٦٧ حيث تجلت السياسة الاستيطانية التي تريد فرض رؤيتها وروايتها وصورة المدينة الأحادية التهويدية.
ولفت الدجاني الى انه من باب الخليل دخل الجنرال البريطاني اللنبي بعد انسحاب الجيش العثماني في عام 1917 عقب الحرب العالمية الاولى ليبدأ عهد الانتداب البريطاني مشيا على الاقدام احتراما للمدينة المقدسة.
وأوضح الدجاني ان الفنادق والقلعة في باب الخليل من المعالم الوطنية في القدس إذ ما ان تدخل باب الخليل حتى يحتضنك مبنى فندق الامبريال على اليسار وقلعة داوود على اليمين وهما من معالم المدينة التاريخية والأثرية، ومنها على اليمين الحي الارمني وعلى اليسار حي النصارى وفي المقابل الحي الإسلامي.
وتدير عائلة الدجاني فندق الإمبريال منذ عام 1949 بموجب عقد إيجارة محمية وقّعته مع بطريركية الروم الأرثوذكس، المالك الأصلي لمبنى الفندق.
واكد الدجاني انه تم بناء الفندق في الاعوام ما بين 1884-1889.
وقال ان الجمعيات الاستيطانية والشركات المرتبطة بها والتي تزعم شراء الفندق تزعم ان المنطقة المجاورة وأجزاء من الفندق مقام على موقع البركة التاريخية المذكورة في العهد القديمة (أسطورة Bath-Sheba) وهو اسم واحدة من أجمل نساء اليهود التي تزوجها الملك داود.
وأضاف الدجاني ان هناك بئرا يقع تحت الفندق. وخلال اعمال البناء تم اكتشاف صخرة من العهد الروماني نقش عليها تكريما للإمبراطور الروماني ماركوس جونيوس ماكسيموس وهي حاليا منصوبة امام مدخل الفندق. مؤكداً ان الفندق يقع في منطقة اثرية وتاريخية مهمة تنوي المنظمات والشركات الاستيطانية استغلالها لتمرير الرواية التوراتية وبعض الاساطير التي يروجونها.
ولا يخفي الدجاني قلقه من المرحلة المقبلة ويقول الفندق جزء من حياتي وحياة عائلتي تبيت فيه ولا اتخيل يوم الخروج او التخلي عنه. وناشد الدجاني اليونسكو لحماية هذا التراث الثقافي والحفاظ عليه كونه مبنى تاريخي ذو قيمة أثرية وثقافية هامة.
وأشار الى ان من المشاهير الذين نزلوا في الفندق القيصر الالماني ويلهلم الثاني، خلال زيارته للاراضي المقدسة عام 1898. كما اقامت في الفندق الكاتبة السويدية المشهورة سلمى ليجرهوف في الاعوام 1902-1903 والفت كتابها المشهور وعنوانه "القدس" الذي كان وراء حصولها على جائزة نوبل للاداب عام 1908 فكانت بذلك اول امرأة تحوز على هذه الجائزة. كما كان من نزلاء الفندق رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح في اوائل الخمسينيات.
وذكر الدجاني ان الفندق عند افتتاحه سمي "فندق جراند الجديد" ثم بعد عدة عقود استأجرته عائلة مرقص المقدسية واطلقت عليه اسم "فندق مرقص". ثم استأجره والدي محمد طاهر الدجاني عام 1949 بعد ان كانت حرب عام 1947-1948 قد تركته في حالة يرثى لها. فعمل على اصلاحه وترميمه واستورد له المفروشات والسجاد من دمشق وأصبح من الفنادق الفلسطينية الأشهر والاحدث والمرموقة في المدينة يستضيف السياح وكبار الشخصيات وأصبح قبلة اهل المدينة في الاعراس والمناسبات الاجتماعات الهامة. وبقي ارث يعتز به منذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا.
وعن بداية الصفقة بين عطيرت كوهانيم وبطريركية الروم الارثوذكس وكيف تطورت أحداثها، قال الدجاني : فوجئنا في العام 2005 عندما كشفت الصحف العبرية من بينها صحيفة "معاريف" عن صفقة تأجير وتسريب عدد من العقارات في باب الخليل في البلدة القديمة لمدينة القدس لصالح جمعية عطيرت كوهانيم الاستيطانية ومنها فندق الامبريال وفندق البتراء وعدد من المحلات التجارية أسفل الفندقين. وتمت اتفاقية الإيجار عام 2004 في عهد البطريرك إيرينيوس، ومسؤوله المالي نيكولاس باباديماس مع شركة ريتشاردز ومقرها في جزر فيرجين البريطانية وتملكها الجمعية الاستيطانية عطيرت كوهنيم. وتم خلع البطريرك إيرينيوس آثر الصفقة من سدة البطريركية. واقام البطريرك الجديد ثيوفيلوس دعوى لإلغاء الصفقة استمرت مدة 14 عاما في المحاكم الاسرائيلية.
وتابع الدجاني يقول : وللأسف حكمت المحكمة المركزية الإسرائيلية عام 2017 لصالح الجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهانيم"، وثبتت المحكمة العليا ادعاءات الجمعية الاستيطانية بالفندق وحقوق التصرف به على الرغم من شبهات الغش والرشى والفساد، وهذا لا عدل وحكم غير منصف ".