في الوقت الذي تتغنى فيه الدول الغربية بحرية الرأي والتعبير، وتدعي انها تريد نشر الحرية والديمقراطية في الدول العربية كي تتحضر وتواكب الحضارة الحديثة، تقوم بحظر مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها ال"فيسبوك"، لصحفيين عرب فلسطينيين او نشطاء ومن بينهم صفحتي على ال"فيسبوك".
قلب في المفاهيم، وقلب للحقائق، والا كيف نفسر تحول منصة فيسبوك المهمة من منصة للوعي والتبادل المعرفي ونشر الحضارة والرقي والتطور بين الافراد والشعوب، إلى منصة أمنية بحتة، تحت مظلة الهوس الامني للاحتلال.
الاصل كما جرت العادة وبحسب القانون، انه في الشركات متعددة الجنسيات مثل فيسبوك، عليها الالتزام أدبيا، بالضوابط الأخلاقية الخاصة بها والتي تدعو إلى تعزيز حرية التعبير ورفض الكراهية والعنف واحترام كرامة الإنسان وحياته.
واضح جدا ان شركة "فيسبوك" تعمل بسياسة الكيل بمكيالين، فالاحتلال لا حظر ولا تقييد له، وهو ما يؤكد أن ما تقوم به إدارة "فيسبوك" يخالف كل القوانين والأعراف وتنتهك بشكل واضح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
كيف نفسر اصرار إدارة شركة" فيسبوك" بالتضييق على المحتوى الفلسطيني، ضاربة عرض الحائط كل المعايير والأخلاقيات المهنية والحقوقية في تعاملها مع المحتوى الفلسطيني وخصوصيته كشعب واقع تحت الاحتلال!؟
صحيح ان الاحتلال يضغط ويوظف علاقاته مع شركة "فيسبوك" في "محاربة" المحتوى الفلسطيني في الفضاء الالكتروني الأزرق، لكن هل يصح قمع حرية الرأي والتعبير بحجج ومزاعم واهية!؟
بخبث ومكر ودهاء، استضافت دولة الاحتلال مقرًا إقليميًا لشركة "فيسبوك"، مما أتاح لها التأثير بشكل متصاعد على المحتوى الفلسطيني ووصل حد اعتقال عشرات فلسطينيين بسبب ممارستهم لمجرد حقهم في حرية التعبير، وكنت قد اعتقلت عام 2016 وصودرت اجهزتي، واجبرت على دفع 7000 شيكل – قرابة 2000دولار.
تكرار شكاوى منصات التواصل الاجتماعي الفلسطينية "مرارًا وتكرارًا" من تقييد المحتوى الفلسطيني على فيسبوك، "وهو ما يمكن ربطه بضغوط "إسرائيل" على الشركة العالمية"لن يثمر ما لم يصحبه خطوات عملية من قبيل رفع قضايا حقوقية جدية.
بدعوى محاربة التحريض، راحت دولة الاحتلال نعقد اتفاقيات مع شركة "فيسبوك"، ما أسفر عن تقييد شديد للمحتوى الفلسطيني ليكون ضحاياه بالجملة من نشيطين او صحفيين ونحن واحد منهم، او حتى مواطنين عاديين.
لا يوجد عدالة، ففي الوقت الذي يحارب المحتوى الفلسطيني، فانه نادراً ما تم التعامل مع المحتوى" الإسرائيلي" الذي يدعو إلى نشر الكراهية والدعاية ضد الفلسطينيين، بل ويدعو ويبث ويروج للقتل احيانا كثيرة.
عام 2019 ومنذ مطلعه وحتى الان، جرى تقييد وحظر لعشرات الصفحات، لإعلاميين ونشطاء فلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أن "معظم الصفحات التي أُغلقت تحظى بمتابعات واسعة، ولم يتلق أصحابها أي إنذارات مسبقة.
رقم صادم ما كشفته وزارة القضاء "الإسرائيلية" أن إدارة موقع فيسبوك استجابت عام 2017 لما يقرب من 85% من طلبات "إسرائيل"، لإزالة وحظر وتقديم بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل الاجتماعي.
محزن ومثير ما نشرته هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية التي ذكرت أن دولة الاحتلال، اعتقلت ما يزيد عن 350 فلسطينياً خلال العام 2018، بينهم صحفيون وكتاب بسبب منشورات وشعارات أو نشر ملصقات وصور قتلى وأسرى على صفحات" فيسبوك"، وأحيانا بسبب مشاركة وتسجيل إعجاب لمنشورات آخرين.
ونحن نيام، ولا نتقن الا فن الشجب والاستنكار، وشق الجيوب ولطم الخدود، راحت دولة الاحتلال، وبحسب ما نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية ،عن استثمار كبير لشركة فيسبوك في عمليات الذكاء الاصطناعي في دولة الاحتلال، من خلال مركز جديد للبحث والتطوير مصمم لمساعدة عمل المهندسين والمبرمجين في الشركة الأمريكية وخارجها، حيث أن "فيسبوك" تعد من بين أكثر من 300 شركة متعددة الجنسيات فتحت منشآت للبحث والتطوير في دولة الاحتلال، ونحن لا نحرك ساكنا ،ومكانك قف.
د. خالد معالي