تمر المنطقة بلحظات حرجة وفي غاية من الحساسية والتعقيد، حيث يعمل الغرب والاحتلال واخرون، جاهدين على تغيير قسري وقهري ل #الثقافة_الاستراتيجية من خلال تحويل (الاحتلال) إلى صديق أو حليف أو جار حمائمي للعرب، رغم ولوغه الدموي و الإجرامي خصوصا في دماء اطفال فلسطين ومصر والأردن وسورية ولبنان وغيرها في اعتداءات وحروب عديدو، ومما لا نعلم لا شك هناك كثير . وفي المقابل تحويل (الأخوة في العروبة والوطن والارض والدين) إلى الاخوة الاعداء . فهل ينجح هؤلاء في تحقيق ما لم يتم تحقيقه خلال أكثر من سبعين سنة من الجهود السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستخباراتية والأمنية والعسكرية، ولكن دون جدوى حتى الآن ؟
هل ينجحون في تغيير الثقافة الاستراتيجية للشعوب الواعية الأصيلة عربا ومسلمين !!!
كل التجارب التاريخية وفي محطات عديدة أثبتت فشل تغيير الثقافة الاستراتيجية للأمم ذات الأصول الحضارية والقيمية والأخلاقية. فهذه المحاولات إنما تتم في حالة ضعف سياسي و تيه فكري وضياع نخبوي، وهي حالات طارئة لا تدوم طويلا لأن يقظة الشعوب أقوى مرات كثيرة من حالات النعاس الذي يغشاها أحيانا كاستراحة المحارب .
ما يجري اليوم هو عملية جراحية وهمية معقدة لا تزيد في وصفها عن #اضغاث_احلام ، كتلك التي وصف بها حاشية الملك رؤياه في عهد نبي الله يوسف عليه السلام . وهي حالة معهودة ومعروفة لدى علماء النفس السياسي، إذ يتوهم بعض الساسة والقادة، انهم يمارسون عملا حقيقيا وواقعيا، وهو في حقيقته المكشوفة مجرد أوهام صيغت، بأهداف غير قابلة للتحقيق، بسبب غياب البعد الحضاري والثقافي لدى صياغتها، ربما بوجهين، الوجه الأول فقدان هؤلاء لهذا البعد، والوجه الثاني عدم ادراكهم ووعيهم لاصالة هذا البعد لدى هذه الشعوب ذات الامتدادات الحضارية اللانهائية في الماضي والمستقبل معا.
وأحدث التجارب ما اعترف به الأميركان، بعد غزوهم العراق، حيث أدركوا وبعد فوات الأوان، وحسب بعض مراكزهم الفكرية والاستراتيجية، أنهم صاغوا أهداف حرب العراق بطريقة عالية المهنية، آخذين بعين الاعتبار توفر كافة الموارد والإمكانيات والتحالفات، لكنهم بعد سنوات وخلال تقييمهم للحرب، اكتشفوا أن العامل الأهم الذي غاب عنهم هو : البعد الحضاري والثقافي لدولة عريقة بنت اروع الحضارات الإنسانية على مدار التاريخ . اكتشفوا يومها كأن هناك جينات حضارية متوارثة ومنذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، أنجبت لهم مقاتلين من نوع جديد لم يأخذوه باعتبارهم أثناء تخطيطهم للحرب .
كل المحاولات الهادفة إلى تغيير الثقافة الاستراتيجية إنما هي محاولات شكلية، لم تدرك تماما المشكلة ولم تشخصها بدقة، فتغيير المورثات الجينية ما زال أمرا صعب المنال للشعوب، رغم مئات التجارب في المختبرات الاستخبارية والاجتماعية الغربية ، و التي حاولت وتحاول ممارسة عملية التغيير -هذه- باستراتيجية الصدمة. قد يظن هؤلاء في عمرهم القصير أن التجربة نجحت : وهي تماما منسجمة مع حالة الوهم التي تحدثنا عنها اعلاه.
صحيح التجربة نجحت وهميا، ولكن مصمم التجربة مات قبل انقضاء المائة عام أو مئتين اللازمة للتأكد من نجاح أو فشل التجربة وقبل استكماله رصد النتائج.
ا. د. محمد رمضان الأغا