في اليوم الدولي للديمقراطية، ينظر مركز "شمس" بخطورة إلى جملة التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الدراماتكية التي يمر بها الشعب الفلسطيني والمرحلة التصفوية الأخطر في تاريخه الحديث، وما يعانيه النظام السياسي الفلسطيني من مشاكل مركبة ومتعددة، أفرزها استمرار الانقسام الداخلي سواء على المستوى السياسي أو التشريعي أو المؤسساتي ، فضلاً عن حل المجلس التشريعي الفلسطيني بقرار تفسيري من المحكمة الدستورية حمل الرقم (10/2018) بتاريخ 12/12/2018 والذي اقترن بدعوة الرئيس محمود عباس إلى إعلان إجراء انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر من تاريخ نشر قرار الدستورية التفسيري في الجريدة الرسمية، وهو ما لم يتم بعد مرور أشهر عديدة على انتهاء المدة التي حددتها المحكمة، ومع استمرار المجلس التشريعي في غزة بمهامه التشريعية وإصدار القوانين على الرغم من عيوب دستورية جوهرية، والأزمة الاقتصادية التي لا يتضح أفق حلها وانعكست سلباً على آلاف الأسر التي يعيلها موظفات/ين . جاء ذلك عبر بيان صحفي أصدره مركز "شمس" بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية .
ونتيجة للمؤشرات الواضحة التي رصدها مركز "شمس" على تداعي أسس الديمقراطية في النظام السياسي الفلسطيني، بدءاً من تعطيل المشاركة السياسية، وهو ما أدى حرمان جيل بأكمله من ممارسه حقوقه السياسية الانتخابية، وبقاء سن الترشح عند 25 للهيئات المحلية و 28 عاماً للمجلس التشريعي بشكل لا يلبي طموح الشباب الفلسطيني، ووجود أقل من 1% من الشباب في مراكز وظيفية عليا في المؤسسة الرسمية، والقصور الذي يشوب التمثيل النسوي الطلابي في الجامعات الفلسطينية رغم أن نسبتهن هي الأعلى، وتشكيل المرأة الفلسطينية نسبة 20% فقط من مجالس الهيئات المحلية ، ومع تراجع الفضاء المدني الحر، بحكم مجموعة من التشريعات المضيقة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، بصدور قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وتعديلاته في الضفة، واستحداث تهمة إساءة استعمال التكنولوجيا بتعديل قانون العقوبات لسنة 1936 في غزة، في تجلٍ واضح لمشهد الصراع على الحيز العام.
لقد أدى الانقسام الداخلي إلى تعطيل العملية الانتخابية ، وما نتج عن ذلك من آثار سلبية على العمل المدني، تمثلت في تفويت فرصة صدور القوانين المستجيبة لبيئة إيجابية للعمل المدني مثل قانون الحق في الحصول على المعلومات وقانون الأرشيف الوطني، مقابل صدور قوانين تمس مباشرةً بعمل منظمات المجتمع المدني، مثل قرار بقانون المعدل لقانون الجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية لعام 2011 وقانون النقابات رقم 2/2013 في غزة وقرار مجلس الوزراء 8/2015 بشأن نظام الشركات غير الربحية، فإن مركز "شمس" يحذر من استمرار حالة حقوق الإنسان في التدهور بالرغم من توقيع فلسطين على جملة من اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، ومنها انتهاكات الحرية على خلفية الانتماء السياسي، والتوقيف على ذمة
المحافظين في الضفة الغربية ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في غزة، والاستمرار في اعتماد شرط السلامة الأمنية أو حسن السلوك، ما يحرم بعض المواطنين من حقهم في تقلد الوظائف والمناصب العامة، مع تكرار لحالات سوء المعاملة أو التعذيب في مراكز التوقيف والتي شملت صحفيين/ات، وارتفاع جرائم قتل النساء، واستمرار اصدرا وتنفيذ أحكام الإعدام بشكل في غزة.
وعليه يحذر مركز "شمس" من تزايد المؤشرات على تراجع مبدأ الفصل بين السلطات إلى مستويات غير مسبوقة، وتزايد الشبهات حول وجود فساد داخل القضاء رغم العديد من المبادرات لإصلاحه، واستمرار انتهاكات الحق في التجمع السلمي، التي توزعت ما بين اعتقال المشاركين في التجمعات السلمية، أو استدعائهم، أو احتجازهم، من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة في الضفة الغربية ومن قبل جهازي الشرطة والأمن الداخلي في غزة، وضرب وسحل المشاركين في عدد من التجمعات السلمية، ومنع عقد عدد من التجمعات السلمية الأخرى في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
وتوقف التداول السلمي للسلطة نتيجة لتعطيل الانتخاب وعدم تحكيم صناديق الاقتراع رغم مضي أشهر عديدة على المهلة التي منحها قرار المحكمة الدستورية التفسيري الذي أدى إلى حل المجلس التشريعي وربط ذلك بإجراء الانتخابات، وعليه ورسماً على ما سبق، يشدد مركز "شمس" على ضرورة تحمل الأطراف كافة لمسؤولياتها والتوجه فوراً ودون تأخير إلى ما يلي:
1. الإعلان موعد إجراء الانتخابات العامة والشاملة والمتزامنة على أساس قانون انتخابي ومحكمة لقضايا الانتخابات، احتراماً لمبدأ التداول السلمي للسلطة، وإعادة القرار للشعب صاحب القرار، وأن يتم ذلك بتوافق وطني واسع، بعد تهيئة بيئة انتخابية حرة نزيهة للعملية الانتخابية واستعادة العملية الديمقراطية، وأن تقبل الأطراف كافة بنتائج الانتخابات أيا كانت وتمتثل لقرارات الناخبين ورغبات المواطنين التصويتية.
2. دعوة السلطة الوطنية الفلسطينية ، إلى احترام التزامات فلسطين الدولية بموجب الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق التي انضمت إليها، والتراجع عن كل التشريعات التي تعارضت مع الديمقراطية وحقوق الإنسان، والعمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية دون تباطؤ.
3. دعوة مؤسسات المجتمع المدني إلى إدراك اللحظة المفصلية والتكاتف والتوافق على رؤية موحدة لسبل إصلاح النظام السياسي، وآليات تحقق ذلك، والبدء بجهود مدنية واسعة منظمة ومستمرة تقود إلى استعادة العملية الديمقراطية، وإجراء الانتخابات العامة والمتزامنة بما يشكل أول الحل.