ردّت ثلاث دول أوروبية على خطابات وجهها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشأن قرارها وقف التمويل الإضافي لوكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط (أونروا) على خلفية التحقيق بقضايا فساد في المنظمة الأممية.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان اليوم إنه تلقى ردودًا على خطابات وجهها في أغسطس/ آب الماضي إلى ثلاث دول أوروبية هي سويسرا وهولندا والسويد، إذ أوضحوا أن قرارهم بوقف التمويل الإضافي مؤقت، ومجرد مسألة روتينية مرتبطة بالتحقيق الذي ينفّذه مكتب خدمات الرقابة الداخلية بالأمم المتحدة على خلفية اتهامات بتورط مسؤولين بقضايا فساد في المنظمة الأممية.
وأضاف أنّ وزير الخارجية السويسري "إجناسيو كاسيس" بيّن في رسالة ردًا على خطاب المرصد الأورومتوسطي أن قرار بلاده إجراء إداري معياري يعكس واجب وزارة الخارجية السويسرية في التأكيد على إدارتها المسؤولة للمال العام.
ووفق رسالة "كاسيس" فإنّ (أونروا) شريك متعدّد الأطراف مهم لسويسرا في الشرق الأوسط، ودعمت ميزانية أونروا بـ 19 مليون فرنك سويسري مطلع كانون الثاني 2019، كما دفعت مساهمتها السنوية في ميزانية الوكالة (مليونا فرنك سويسري).
وجاء في رسالة "كاسيس" أيضًا أنه في يونيو/ حزيران الماضي خصّصت سويسرا مليون فرنك سويسري لبرنامج (أونروا) الغذائي في غزة، على إثر الوضع الإنساني المتأزم في القطاع.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ سويسرا أبلغت الأمم المتحدة بأملها في إنجاز التحقيق بأقرب وقت ممكن بشكل شفاف، وأنّها على تواصل مستمر مع المتبرعين الآخرين لـ(أونروا)، وسوف تقرّر الإجراءات التي ستتخذها بناء على نتائج التحقيق، أو تبعًا لأيّة إجراءات من الأمم المتحدة.
وفي السياق، أشار المرصد الأورومتوسطي أنّه تلقى ردًا من سكرتير عام وزارة الخارجية البلجيكية "برونو فان دير بلويم" أكّد فيه أنّ بلاده تعتبر (أونروا) شريكًا مهمًا لها، وأنّ الوكالة تقدّم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتساعد مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية في عدّة مجالات كالتعليم والصحة.
وقال سكرتير عام وزارة الخارجية البلجيكية في رسالته للمرصد الأورومتوسطي "إنّ انقطاع خدمات (أونروا) يمكن أن يكون قاتلًا بالنسبة لآلاف الفلسطينيين، ونحن ننتظر نتائج التحقيق الداخلي من مكتب خدمات الرقابة الداخلية للأمم المتحدة، والذي نأمل أن يوضح على المدى القريب طبيعة الادّعاءات".
وأشار المسؤول البلجيكي إلى أنّ بلاده دفعت مساهمتها الثابتة لعام 2019 والتي تبلغ (6,25) ملايين يورو، كما قدّمت مبلغًا إضافيًا (5,35) ملايين يورو للوكالة لكنّه لم يُصرف بعد، لافتًا إلى أن بلاده تواصل التشاور مع الجهات المانحة الأخرى لـ(أونروا)، للحصول على معلومات مطمئنة حول إدارة الوكالة الدولية الشفافة على المدى القصير.
وفي الإطار ذاته، أوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ هولندا عبّرت عن اهتمامها البالغ بعمل "أونروا" الإنساني، وأنّها تراقب باستمرار إذا كان دعمها يستخدم على الوجه الاكثر كفاءة ويستهدف المهام الإنسانية الجوهرية لاحتياجات اللاجئين الفلسطينيين واستقرار المنطقة.
وبيّن المرصد الحقوقي الدولي أنّ مدير إدارة المنظمات المتعددة الأطراف وحقوق الإنسان الهولندي "جيرارد ستيجس" أكد في رسالته أنّ من مصلحة (أونروا) والمستفيدين منها توضيح حقيقة الادعاءات المتعلّقة بسوء الإدارة، واستئناف التركيز الكامل على تنفيذ عمل الوكالة الدولية المهم.
وكان المرصد الأورومتوسطي حذّر في وقت سابق من تداعيات جسيمة إثر تصاعد تقليص الدعم الدولي لـ(أونروا) التي تعتمد على التبرعات الطوعية في موازنتها.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ الخطر لا يقتصر فقط على توقف الخدمات الإغاثية للاجئين الفلسطينيين، بل يمثّل مساسًا بحقهم في العودة، إذ ارتبط وجود الوكالة منذ نشأتها بتقديم الخدمات للّاجئين الفلسطينيين حتى إيجاد حل عادل لقضيتهم وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، والذي ينص على حقهم بالعودة إلى الأراضي التي هُجّروا منها إبان النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948، وقيام دولة إسرائيل.
يشار إلى أنه يوجد أكثر من 5.2 ملايين لاجئ فلسطيني مسجّلين، يعيش غالبيتهم في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة، وترفض إسرائيل الاعتراف بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هُجرّوا منها، حسبما يملي القانون الدولي.
ووفق توثيق المرصد الأورومتوسطي فإن ثلثي اللاجئين الفلسطينيين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات التي تقدمها (أونروا).
وأشار المرصد الحقوقي الدولي إلى أن (أونروا) مرت بالعديد من المراحل التاريخية وصدرت العديد من التقارير الإيجابية حول عملها فيما يتعلق بتطبيق معايير السلامة المهنية، كونها تقدم خدمات لأكثر من خمسة ملايين لاجئ.