عقدت اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين دورة إجتماعات كاملة، برئاسة الأمين العام نايف حواتمة، ناقشت فيها القضايا والتقارير المدرجة على جدول أعمالها، واتخذت بشأنها القرارات اللازمة، وأصدرت في ختام أعمالها بلاغاً سياسياً، إستعرضت فيه الأوضاع الفلسطينية والإقليمية، ورسمت المواقف الواجب إتخاذها إزاءها، على الصعيد الوطني.
أكدت اللجنة المركزية انسداد أفق التسوية السياسية إنسداداً تاماً، ومدى الضرر الذي تلحقه بالقضية والحقوق الوطنية سياسات الرهانات الفاشلة والمراوحة في المكان، والتفرد بالقرار السياسي، وتعطيل قرارات الإجماع الوطني، وحالة الإنقسام المدمر. ودعت للخروج من إتفاق أوسلو، ولحوار وطني، والعمل على إنهاء الإنقسام.
كما دعت إلى تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني، وأكدت أنه يترتب على هذه القرارات نتائج سياسية، تندرج في إطار النضال من أجل انتزاع حق دولة فلسطين في ممارسة سيادتها على كامل أرضها المحتلة.
كما توقفت أمام ملف القدس، ودعت إلى سلسلة خطوات من أجل تعزيز صمود المدينة المقدسة في وجه الاحتلال والحصار والتهويد.
كما عالجت بالعمق المطلوب ملف الأسرى، وحركةB.D.S. ، ومسيرات العودة وكسر الحصار، وقضايا اللاجئين وحق العودة، وسياسات الحرمان والحصار والتهجير التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وتصاعد الحركة الشعبية في الضفة والقطاع، والقيود التي تعيق تحولها إلى انتفاضة شاملة، وختمت بمعالجة العلاقات الوطنية داخل م. ت. ف، وفي الإطار الوطني العام، مؤكدة على معيار موقفها من أية تشكيلات أو أطر، متمثلاً بالتالي:
1- م. ت. ف. هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.
2- الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران(يونيو) 67، والتمسك بحل قضية اللاجئين وفقاً للقرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948].
وفيما يلي النص الكامل للبلاغ:
(1)
صفقة ترامب – نتنياهو
رغم التقارب الملحوظ لمواقف فصائل العمل الوطني، في رفضها "الصفقة" ومخرجات ورشة المنامة، فإن القيادة الرسمية مازالت تراوح في المكان، ولم تخطُ حتى الآن الخطوات العملية والميدانية في مواجهة "الصفقة" ومخرجات الورشة، ولا في تصويب العلاقات الوطنية، ولا في السلوك السياسي اليومي، ولا في استعدادها للحوار لأجل بلورة رؤية واستراتيجية وطنية على قاعدة الشراكة الوطنية في القرار السياسي. ومازالت القيادة الرسمية تنظر إلى قرارات المجلسين المركزي والوطني على أنها مجرد توصيات، ليست ملزمة لها، تناور فيها في إطار سياسات ما زالت تراهن على الإنتخابات الإسرائيلية، وإمكانية قطع الطريق على عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة في ائتلاف يجمع بين الليكود وباقي أطراف اليمين واليمين المتطرف.
ومع أن الإنتخابات الأخيرة [آذار (مارس) 2019] لم توفر الفرصة لبدائل لنتنياهو، إلا أن القيادة الرسمية مازالت تراهن على استئناف العملية السياسية وفقاً لـ"رؤية الرئيس"، بوظيفة تقطيع الوقت، لافتقار مركز القرار لأية رؤية سياسية تقوم على الإقدام على تحقيق خطوات، رسمتها قرارات المجلس الوطني في دورته الـ23، ولافتقاره بشكل خاص إلى الإرادة السياسية المطلوبة.
بالمقابل تتقدم "الصفقة" بخطوات حثيثة في تطبيقاتها، إنطلقت من الإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الإحتلال، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، والإعتراف بشرعية الإستيطان على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن، وقطع التمويل عن السلطة الفلسطينية [ماعدا ما هو مخصص من دعم مالي لجهاز الإستخبارات في السلطة الفلسطينية في إطار ما يسمى "التنسيق الفلسطيني - الأميركي في مكافحة الإرهاب" (!)] وقطع التمويل عن وكالة الأونروا، وشن حملة مسعورة ضدها بذريعة الفساد، والدعوة لإعادة تعريف اللاجيء، بما ينزع الصفة القانونية عن ملايين اللاجئين، وحصر التعريف بمواليد فلسطين ما قبل 1948، والدعوة لتحويل المخيمات إلى أحياء مدينية، وإلغاء دورها الوطني في حفظ الكيانية والهوية الوطنية والمجتمعية للاجئين، وتحويل تمويل وكالة الغوث لصالح مشاريع ورشة المنامة. وأخيراً، وليس آخراً، إبداء ما يسمى "تفهم" الولايات المتحدة "لحاجة" دولة الاحتلال لضم أجزاء واسعة من الضفة الفلسطينية (أكثر من 50% من مساحة الضفة ماعدا القدس المحتلة).
على الصعيد السياسي، ما زال الفريق الثلاثي الأميركي المعني بالصفقة [جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، وديفيد فريدمان] يوضح، بلغة صريحة ودون أي التباس، أن السقف السياسي للصفقة، لن يتجاوز تشكيل حكومة (وليس دولة) فلسطينية، على رأس حكم إداري ذاتي، تحت الولاية والهيمنة السياسية والأمنية والتبعية الإقتصادية لدولة الإحتلال.
أما على الصعيد الإسرائيلي، فقد كشف نتنياهو عن "مبادئه الستة" القائمة كلها على ضم أوسع المناطق في الضفة الفلسطينية (من المنطقة ج وسواها) والحفاظ على المستوطنات باعتبارها بلدات ومدناً، وليست مستوطنات، وفرض السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية الإسرائيلية الكاملة على الضفة، والطلب من الأردن إدخال تعديلات على معاهدة وادي عربة بما يلبي مشروع "إسرائيل الكبرى". وقد أعاد التأكيد على ذلك في تصريحاته الفجة حول ضم الغور ومناطق شمال البحر الميت لدولة إسرائيل.
ويبدو واضحاً، أن حكومة نتنياهو، تعمل بكل جهد على استثمار الوقت والزمن، لفرض المزيد من الوقائع الميدانية، في أنحاء الضفة الفلسطينية، بما يخدم مشروعها الإستعماري الإستيطاني، مستفيدة من التأييد التام لإدارة ترامب لمشروع "دولة إسرائيل الكبرى"، القائم على فرض الوقائع على أنها حقائق سياسية معترف بها.
أما على الصعيد الإقليمي، فقد خطت "الصفقة" خطوة ذات مدلول، بانعقاد ورشة المنامة تحت عنوان "السلام من أجل الإزدهار"، شكلت بالنسبة لدولة الإحتلال، وإدارة ترامب، فرصة لإحداث إختراق في العلاقات الإسرائيلية مع بعض الأنظمة العربية، إنتقلت من الحالة السرية أو شبه السرية، إلى ترسيم العلاقات مع إسرائيل، بدأت نتائجها تطل برأسها في الزيارات الإسرائيلية لعواصم الخليج، والحديث عن مشاريع تنموية وتقنية ودفاعية مشتركة، في إطار تعزيز ما بات يسمى "الحلف الإقليمي" العربي – الإسرائيلي - الأميركي، في مواجهة "الخطر الإيراني" على مصالح المنطقة، وبدأت دولة الاحتلال مؤخراً تمهد لهذا الأمر بالدعوة إلى تحالف عسكري استراتيجي – إسرائيلي - أميركي يشكل المحور للحلف الإقليمي.
لقد شكلت ورشة البحرين، إلى جانب ما كشفت عنه من آفاق سياسية، تقوم على شطب الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، عن إختراق لمبادرة السلام العربية ، حيث نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في إعادة صياغة آلياتها، لصالح "التطبيع" [بوجهة ترسيم العلاقات بين الحكومات] أولاً، ثم يأتي الحل السياسي للقضية الفلسطينية لاحقاً.
كخلاصة مما سبق، نخرج بما يلي:
أولاً - تواصل سلطة الإحتلال، في تقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية وتهميش دورها، وفي المقابل يتوسع دور الإدارة المدنية على حساب دور وصلاحيات السلطة، لتترك لها مهام الخدمات البلدية وغيرها. وتتسع في الوقت نفسه القرصنة على أموال المقاصة، بعضها في ظل رضوخ من قبل السلطة الفلسطينية، كما جرى مؤخراً مع ديون شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية رغم أنها شركة خاصة، ولا تتبع للحكومة. ويدور الحديث عن اقتطاع تعويضات لعائلات قتلى إسرائيليين قضوا في عمليات عسكرية فلسطينية، وكذلك إقتطاع ملايين الشواكل "لتعويض" عملاء إسرائيل الذين اعتقلوا في سجون السلطة والمقاومة. أما على صعيد المفاوضات فقد أكد نتنياهو في أكثر من فرصة رفضه العودة إلى أية مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مستفيداً من عامل الزمن للتقدم على طريق تحقيق أهدافه في إقامة "دولة إسرائيل الكبرى".
ثانياً - على الصعيد الفلسطيني الرسمي، مازال مركز القرار في السلطة الفلسطينية يلتزم الإتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وأقصى ما يذهب إليه هو التلويح بوقف العمل بها، [وليس بإلغائها] لاستحضار ضغوط دولية على إسرائيل للعودة إليها. ومازال مركز القرار في السلطة الفلسطينية يراهن على استئناف المفاوضات باعتبارها خياره السياسي الوحيد. ولا يفوَّت فرصة إلا ويؤكد هذا الخيار تحت شعار "أيدينا ممدودة للسلام". كذلك مازال رهانه على تغيير محتمل للخارطة السياسية داخل إسرائيل، في انتخابات الكنيست الـ 22، عبَّر عنها بمحاولاته الفاشلة، لتشكيل "لائحة عربية – يهودية" في مواجهة نتنياهو وائتلافه الحكومي.
ثالثاً - كل هذا يؤكد انسداد أفق التسوية السياسية انسداداً تاماً، كما يؤكد مدى الضرر الذي تلحقه بالقضية والحقوق الوطنية الفلسطينية سياسة الرهانات الفاشلة، وسياسة المراوحة في المكان والتفرد بالقرار السياسي، وتعطيل قرارات الإجماع الوطني، وحالة الإنقسام المدمر.
إن هذا يملي علينا وعلى عموم فصائل العمل الوطني والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني وفعالياته مواصلة النضال من أجل:
1- الخروج من إتفاقيات أوسلو لصالح البرنامج الوطني، عبر تطبيق قرارات المجلسين المركزي (الدورة 27-3/2015 + الدورة 28- 1/2018) والوطني (الدورة الـ 23- 5/2018). وفي هذا الإطار تأكيد المطالبة بمواصلة الضغط لأجل التنفيذ الفوري للقرارات التي لا تحتاج سوى لقرار سياسي: تعليق الإعتراف بدولة إسرائيل.. وقف التنسيق الأمني.. مقاطعة البضائع الإسرائيلية.. مد ولاية القضاء الفلسطيني على كامل أرض دولة فلسطين...الخ.
2- الدعوة لحوار وطني حقيقي وجدّي، داخل م. ت. ف لتصويب وتصحيح العلاقات بين فصائلها، وإعادة بناء العلاقات الوطنية بينها على أساس الشراكة الوطنية، ووضع حد لسياسة الإنفراد والتفرد، وإعادة الإعتبار للجنة التنفيذية، واستعادتها الدوائر الفاعلة التي انتزعت منها [الدائرة السياسية + المغتربين..]
3- تشكيل مجلس إدارة مستقل للصندوق القومي الفلسطيني، والإفراج عن الحقوق المالية للجبهتين الديمقراطية والشعبية، ووقف سياسة الحصار المالي كأداة من أدوات حسم الخلافات السياسية.
4- مواصلة العمل لإنهاء الإنقسام، وتحميل الطرفين (فتح وحماس) مسؤولية تعطيل تنفيذ إتفاقيات المصالحة ■
(2)
قرار 25/7/2019 بوقف العمل بالإتفاقيات مع إسرائيل
■ إستقبل الرأي العام الفلسطيني هذا القرار بالشك، في ضوء سياسة المماطلة والتلكؤ في تنفيذ القرارات المماثلة الصادرة تكراراً عن المركزي والوطني. وبخاصة أنه يكرر الدعوة إلى تشكيل لجنة لدراسة آليات تنفيذ وقف العمل بالإتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، ما دعا لطرح العديد من الأسئلة حول مغزى القرار، وآفاقه، ومدى جديته، وفيما إذا كان تكراراً لمواقف سابقة، شُكلت في سياقها لجان، ما لبثت أن إختفت دون أن تترك أثراً لأعمالها وتوصياتها، خاصة وقد رافقت صدور القرار تعليقات لمصادر مقربة من القيادة الرسمية، تتحدث عن صعوبة تنفيذ القرار، أو تدعو إلى الإكتفاء بتنفيذ "الممكن" منه، كإلغاء التحويلات الطبية للمرضى الفلسطينيين إلى إسرائيل، أو العمل على استيراد الوقود والمحروقات من الأردن والعراق. وبقدر ما يمضي الوقت على تشكيل اللجنة، دون الكشف عن أعمالها، ودون رسم سقف سياسي وزمني لإنهاء دراساتها، يتعزز الشك بجدية القرار.
من هنا دعوة الجبهة الديمقراطية لإكساب القرار بعداً جدياً، من خلال تطبيق القرارات ذات الطابع السياسي المباشر، التي لا تحتاج سوى لإرادة سياسية تتحمل مسؤولية الإعلان عنها، باعتبارها قرارات ذات مفعول نافذ، وهي لا تحتاج إلى لجان للدراسة، ولا إلى آليات تطبيقية، وهي:
1- تعليق الإعتراف بدولة إسرائيل إلى أن تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، ووقف الاستيطان وقفاً تاماً.
2- وقف التنسيق الأمني مع سلطات الإحتلال [يذكر أن اللجنة التنفيذية سبق لها، إبان أزمة وهبة القدس وبوابات الأقصى في شهر 7/2017، أن اتخذت قراراً بوقف التنسيق الأمني في محيط القدس، دون العودة إلى لجان، ودراسة آليات مسبقة].
3- وقف التنسيق الأمني مع وكالة المخابرات الأميركية.
4- مقاطعة البضائع الإسرائيلية، بقرار ملزم يصدر عن حكومة السلطة، خاصة تلك البضائع التي لها بدائل وطنية وعربية وأجنبية، وتوفير الدعم اللازم لحركة المقاطعة (B.D.S).
5- مد الولاية القانونية للقضاء الفلسطيني على جميع المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67، بما يضع المستوطنين وسلطات الاحتلال تحت طائلة القانون الفلسطيني، مستفيدين من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 (2012)، الذي اعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، ومن عضوية دولة فلسطين في منظمة الإنتربول الدولية.
6- إعادة الإعتبار إلى قرارات المجلس الوطني، التي أوقف مركز القرار العمل بها، ومن شأنها أن تعيد الإشتباك الميداني مع السياسة الأميركية، منها تنسيب دولة فلسطين إلى الوكالات الدولية ذات الإختصاص، كالدولية للطيران، وحقوق الملكية الفكرية، وغيرها. وهي وكالات يتعذر على الولايات المتحدة مقاطعتها، نزولاً عند تهديدها، إذا ما انتسبت لها دولة فلسطين، على غرار موقفها من منظمة الأونيسكو، فانسحابها من هذه الوكالات من شأنه أن يلحق الضرر البالغ بالمصالح الأميركية.
إن تطبيق هذه القرارات وغيرها تترتب عليها نتائج سياسية، تندرج في إطار النضال من أجل انتزاع حق دولة فلسطين في ممارسة سيادتها على كامل أرضها المحتلة، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 19/67. وبغض النظر عن القدرة الحقيقية والفعلية لممارسة هذا الحق، فإنه يشكل مدخلاً للعودة إلى الإشتباك السياسي والميداني، مع الإحتلال، ومع صفقة ترامب - نتنياهو، بكل ما يتطلبه هذا الإشتباك من أدوات وآليات وأساليب، في مقدمها استنهاض المقاومة الشعبية بكل أشكالها، وإنهاء الإنقسام المدمر.
(3)
القدس ومعارك التهويد والأسرلة
تحت غطاء سياسي كثيف، وفره لحكومة نتنياهو، قرار إدارة ترامب الإعتراف بالمدينة عاصمة لدولة الإحتلال، تتواصل في القدس المحتلة أعمال التهويد والأسرلة والحصار والضم على أكثر من محور:
1)- مواصلة طرد المقدسيين من منازلهم، وإحلال مستوطنين بدلاً منهم، في إطار إغراق المدينة المحتلة بالسكان اليهود.
2)- نزع الصفة المقدسية عن أبناء المدينة، عبر تشريعات جائرة ومستبدة، تقود إلى إبعاد مئات المقدسيين عن المدينة بذرائع مختلفة.
3)- حفر الأنفاق في أسفل المدينة، وتهديد بعض المناطق السكنية العربية كحي سلوان، في إطار تأكيد أسطورة الهيكل المقدس والخرافة الصهيونية عن أصول المدينة ويهوديتها.
4)- شق الطرق، ومد خطوط السكة الحديدية، لإزالة الحدود والفوارق بين قسمي المدينة شرقها، وغربها.
5)- فرض الحصار على المؤسسات المدنية الفلسطينية، الصحية والتربوية والثقافية والتنموية والشبابية، في إطار إضعاف المجتمع الفلسطيني وتجريده من عناصر قوته المجتمعية.
6)- تعميق عزلة المدينة عن محيطها الفلسطيني لإحداث التحول المطلوب إقتصادياً وديمغرافياً، بما يحوِّل إقتصاد المدينة إلى جزء لا يتجزأ من إقتصاد القسم الغربي للمدينة، أو التوجه نحو العمق الإسرائيلي.
7)- فرض الضرائب على المؤسسات الإقتصادية والتجارية والصناعية الفلسطينية في المدينة، وفرض الحصار عليها بهدف شلِّها، والقضاء عليها، أو إلحاقها بالإقتصاد الإسرائيلي.
8)- إنتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، بما في ذلك الإقتحامات المتكررة للمستوطنين اليهود للمسجد الأقصى، وأداء الصلاة في باحته، لتكريس التقاسم الزماني والمكاني للمسجد على طريق الإستيلاء عليه وتهويده، والتطاول على الأملاك الكنسية، بدواعي ملفقة، كالضرائب وغيرها من الذرائع، التي تستهدف مقدسات شعبنا الفلسطيني.
9)- قمع وحظر الأنشطة السياسية والثقافية والنشاطية الأخرى على إختلاف أنواعها، بما في ذلك المؤسسات المضيفة لها، بحجة كونها منظمة، أو ممولة، من قبل السلطة الفلسطينية.
في الوقت نفسه: مازالت المدينة المحتلة تشكو من إهمال السلطة الفلسطينية:
1)- فلم يتم العمل على توحيد المرجعيات الوطنية في المدينة، ووضع حد لسياسة التنافس اللامبدئي بينها، بعيداً عن مصالح المدينة ومصالح المقدسيين.
2)- عدم رصد موازنة خاصة بالمدينة تستجيب لحاجاتها، في ظل آليات صرف مدروسة، منعاً للهدر، وبما يخدم مشاريع مدروسة تهدف تعزيز صمود المقدسيين، وصمود مؤسساتهم، على اختلاف وظائفها.
3)- إفتقار السلطة الفلسطينية إلى رؤية سياسية، وخطط عملية مدعومة مالياً، لمواجهة سياسة التهويد والضم، بما في ذلك دعم أصحاب الدور والمنازل المهددة بالمصادرة، تحت ذرائع مختلفة.
4)- وفي السياق نفسه تفتقر السلطة إلى الدور السياسي والدبلوماسي النشط، في مواجهة سياسات الإحتلال، بما في ذلك عدم تنشيط دورها السياسي في تفعيل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، خاصة القرار 2334، الذي جدد التأكيد على أن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران (يونيو) 67. إن تحاشي السلطة إشتباكها الميداني مع الإدارة الأميركية وسلطات الإحتلال، واكتفاءها بالمواقف اللفظية، يشكل واحداً من الأسباب الرئيسية التي مازالت تعطل بناء سياسة ميدانية فعَّالة لصمود القدس، وصون موقعها عاصمة لدولة فلسطين■
(4)
الحركة الأسيرة .. رافعة نضالية
■ تشكل الحركة الأسيرة في زنازين الاحتلال رأس حربة في المقاومة الشعبية، ورافعة من روافعها الرئيسية، وفي نضالها ضد إجراءات وسياسات إدارات السجون، والقوانين الجائرة، التي تبيح لسلطات الإحتلال شن حملات الإعتقال الفردية والجماعية، والتوقيف الإداري الإعتباطي، ضاربة عرض الحائط بمباديء القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وشرعة حقوق الإنسان، والسلسلة الطويلة من قرارات الشرعية الدولية.
تخوض الحركة الأسيرة على الدوام معارك شبه يومية، دفاعاً عن كرامة الأسرى والمعتقلين، وعن حقوقهم في الحد الأدنى من الحياة الكريمة، إلى أن ينبلج فجر الحرية لهم، لعموم شعبنا وأرضنا، والفوز بالحقوق الوطنية.
في هذا السياق، لابد من الإقرار بتراجع درجة إهتمام الهيئات الرسمية الفلسطينية، المعنية بقضايا الأسرى والمعتقلين، منذ أن شهدت تغييراً في المسؤوليات الأولى، ما انعكس سلباً على أوضاع الأسرى وحالتهم المعنوية، وعلى عموم الحالة الشعبية، التي مازالت تتحمل مسؤولياتها الوطنية في دعم الأسرى والتضامن معهم، في محنتهم خلف الزنازين.
إن معركة الأسرى لا تنفصل البتة عن باقي المعارك الوطنية، خاصة وأن الهدف الرئيس للأسر والإعتقال، هو شل دور القيادات الوطنية الميدانية، وإضعاف دور الحركة الشعبية، وإبقاء الإعتقال سيفاً مسلطاً على الرقاب، على وهم أن يشكل ذلك أداة قمع وترهيب، للحد من إتساع دائرة المشاركة الشعبية في المقاومة، ما يضع قضية الأسرى والمعتقلين، وملف الحركة الأسيرة في مجموعه، على الدوام على جدول أعمال الحركة الوطنية والمقاومة الشعبية، الأمر الذي يقتضي:
1)- توسيع دائرة المشاركة الشعبية في دعم الأسرى وإسنادهم في معاركهم الساخنة، ضد إدارات السجون وقوات الإحتلال.
2)- إعادة الإعتبار للدور النشط للهيئات الفلسطينية الرسمية، المعنية برعاية شؤون الأسرى والمعتقلين وعائلاتهم، والدفاع عنهم أمام محاكم سلطات الإحتلال، وإصدار التقارير الدورية عن أوضاعهم إلى الرأي العام.
3)- النضال من أجل تدويل قضية الأسرى والمعتقلين، وفضح إنتهاكات سلطات الاحتلال، وتجاوزاتها للقوانين الدولية والدولية الإنسانية، وشرعة حقوق الإنسان، وقرارات الشرعية الدولية.
4)- مواصلة النضال مع الجاليات الفلسطينية، خاصة في أوروبا والأميركيتين، لتحويل قضية الأسرى والمعتقلين إلى قضية رأي عام، مستفيدين من إمكانية التعاون مع اللجان والمؤسسات الحقوقية المعنية بقضايا حقوق الإنسان.
5)- مواصلة تعبئة الحركة الشعبية في الإلتفاف حول الأسرى والمعتقلين، ودعمهم في معاركهم، بما في ذلك إقامة أنشطة موسمية في الجامعات والمعاهد والمدارس، دعماً للأسرى والمعتقلين، وتكريماً لعوائلهم.
6)- إحالة قضايا الأسرى الشهداء في سجون الإحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية، باعتبارها جرائم حرب ومقاضاة الأفراد والجهات المسؤولة عن هذه الجرائم ■
(5)
حركة B.D.S ... أوسع من مقاطعة إقتصادية
■ تقدمت حركة المقاطعة وسحب الإستثمارات وإنزال العقوبات بإسرائيل (B.D.S ) أشواطاً في مسارها، ما أرغم حكومة الإحتلال على إدراجها على لائحة الأعداء، ورصدت لمواجهتها موازنات طائلة، وحاولت جاهدة أن تلصق بها زوراً وبهتاناً تهمة "اللاسامية"، مستفيدة من بعض القوانين الأوروبية.
ومع ذلك تواصل الحركة نشاطها في صمود ملموس، تدعمها في هذا الميدان الجاليات الفلسطينية وعديد القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.
لم تعد حركة الـ (B.D.S.) مجرد حركة تدعو لمقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية ومنتجاتها، بل تحوَّلت إلى دعوة لمقاطعة أكاديمية، وإلى قضية رأي عام، في فضح سياسات الإحتلال وسلوكياته، وكشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة، وتأطير الدعم للقضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، ونزع الشرعية عن الإحتلال، وعزل دولة إسرائيل، الأمر الذي يعني أن حركة الـ B.D.S أصبحت ذراعاً مهماً وفعالاً من أذرع الحركة الوطنية الشعبية والفلسطينية، والقوى الصديقة الداعمة لنضال شعبنا وقضيته وحقوقه.
إن هذا يستدعي العمل والنضال الدؤوب لتطوير هذه الحركة وإغنائها ورفدها بالعناصر النشطة، الأمر الذي يتطلب:
1)- أوسع مشاركة من الجاليات الفلسطينية والعربية، خاصة في الدول التي تقيم علاقات مع دولة الإحتلال، وتشكيل اللجان في المدن والأحياء، وتطوير أشكال التحرك الجماعي والفردي، باللجوء إلى وسائل التواصل الإجتماعي، وغيرها من الأدوات، بما في ذلك نسج العلاقات مع البرلمانات والحكومات لشرح أهداف الحركة، والإنخراط في صفوف الأحزاب المحلية الصديقة.
2)- عقد المؤتمرات الدورية باسم الحركة، بما يمكنها من تنظيم التظاهرات السياسية والشعبية، وتوسيع دائرة الإنحياز لصالح القضية الوطنية.
3)- توسيع الأطر النظيرة في المناطق المحتلة، وتنشيط دورها، وأساليب عملها، وتوسيع نطاق المقاطعة لتطال المنتجات الإسرائيلية كافة، واللجوء إلى معاقبة التجار والمؤسسات المتمردة على الإرادة الشعبية، بإدراجها على جدول المقاطعة الشعبية.
4)- مواصلة الضغط على السلطة الفلسطينية وقيادتها، لإصدار القرارات والقوانين اللازمة لتحريم إستيراد البضائع الإسرائيلية، ووضع الخطط السريعة، لاستبدالها بالبضائع العربية والأجنبية، عملاً بقرارات المجلس الوطني بفك الارتباط ببروتوكول باريس الإقتصادي ■
(6)
مسيرات العودة وكسر الحصار وموقعها في البرنامج الوطني
■ تكتسب مسيرات العودة وكسر الحصار أهميتها، كونها أحد الجسور الرئيسية الذي يربط بين القطاع وبين مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، في مواجهة الإحتلال والإستيطان، وصفقة ترامب – نتنياهو، ومخرجات ورشة البحرين، كما في مواجهة الإنقسام.
وهو ما يوجب أن ترتبط مسيرات العودة برؤية سياسية، أبعد من عملية تحويلها إلى وسيلة ضغط محدودة التأثير، بحدود تخفيف شروط الحصار. إذ أن تقتصر أهداف المسيرة على قضايا التهدئة، وما يقابلها من إجراءات تخفيفية لإجراءات الحصار، فهذا معناه الدخول في تفاصيل وجزيئات، كالتمييز بين الأعمال "الخشنة" والأعمال "الناعمة" وغيرها، ما يقود عملياً إلى تهبيط السقف السياسي للمسيرات، وحرفها عن مسارها السياسي، أي تعزيز إنخراط قطاع غزة، من الباب الأوسع، رغم الإنقسام، في العملية الكفاحية لعموم الشعب الفلسطيني، في المناطق المحتلة وفي الشتات.
في هذا السياق، بات من الضروري مطالبة حركة حماس، باعتبارها سلطة الأمر الواقع، أولاً، والطرف الأكثر نفوذاً في القطاع، ثانياً، أن تشارك في تبني رؤية سياسية لمسيرات العودة وكسر الحصار، أبعد مما هو قائم حالياً.
إن هذا يتطلب الربط بين مسيرات العودة والحالة السياسية لعموم الوضع الفلسطيني، وإلا تحوَّلت المسيرات إلى مجرد حالة مطلبية، بكلفة دموية عالية. وفي مقدمة مطالب مسيرات العودة، يأتي مطلب إنهاء الإنقسام، باعتباره العامل المعيق الأهم للمسيرة الكفاحية، عبر الضغط على طرفي الإنقسام، للإلتزام بالتفاهمات بينهما، وآخرها تفاهمات القاهرة في 12/10/2017، لتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها وتحمل مسؤولياتها، والنهوض بواجباتها حيال قطاع غزة، على قاعدة المشاركة الوطنية؛ علماً أن القوى الفلسطينية المجتمعة في إطار الحوار الوطني الشامل في 22/11/2017، أعادت التأكيد على الإلتزام بتطبيق تفاهمات 12/10/2017، بعد أن طوَّرت مضمونها سياسياً ومؤسساتياً، وأخرجتها من إطارها الإجرائي الغالب، ما يترتب عليه دحض وكشف محاولات التملص من إستحقاقات إنهاء الإنقسام، من أية جهة كانت.
كما أن هذا يتطلب – من جهة أخرى – أن تتمسك مسيرات العودة بثبات بمطلب "التهدئة مقابل فك الحصار"، دون الإنزلاق إلى تفاصيل من شأنها أن تقود القطاع إلى الخضوع لإملاءات الإحتلال وشروطه الأمنية، بذريعة "التفاهمات الأمنية"؛ وبما ينسجم أيضاً، مع ما سبق أن تمسك به وأصرَّ عليه الوفد الفلسطيني الموحد في القاهرة (2014)، أثناء مباحثاته غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي، إثر توقف حرب الـ 51 يوماً التي خاضتها إسرائيل ضد القطاع في إطار عدوان "الجرف الصامد".
إلى هذا، تدعو الجبهة الديمقراطية إلى تطوير صيغة اللقاء الرباعي (حماس، الجهاد، الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية) لجهة تعميق مفهوم الشراكة، بما في ذلك الدعوة لتوحيد الإدارات والمؤسسات والقدرات بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، بما يُمَكِّن الحكومة الفلسطينية من تحمل واجباتها ومسؤولياتها نحو القطاع، دون المساس بما تحقق من مكتسبات، بما في ذلك عدم المساس بواقع سلاح المقاومة وتشكيلاتها، والفصل بين بندقية القوى الأمنية الفلسطينية، المعنية بصون الأمن الداخلي للمجتمع، وبين بندقية المقاومة الموجهة ضد الإحتلال، ودون الإنزلاق إلى ما يندرج تحت عنوان التنسيق الأمني وما شاكله، من واقع الخضوع لإملاءات الإحتلال.
كما تدعو الجبهة الديمقراطية إلى تشكيل اللجان الشعبية في مخيمات القطاع، بالإنتخابات الديمقراطية، وبنظام التمثيل النسبي الكامل، بديلاً لسياسة التعيين الفوقية والبيروقراطية، التي تشكل مدخلاً للفساد، وتهميشاً لإرادة أبناء المخيمات ودورهم في المشاركة الحقّة في إدارة شؤونهم الحياتية اليومية.
(7)
قضايا اللاجئين وحق العودة
■ يحتدم الصراع حول حق العودة وقضايا اللاجئين، ويأخذ أشكالاً مختلفة، تلتقي كلها عند الهدف الإستراتيجي لصفقة ترامب – نتنياهو، وهو شطب ملف اللاجئين، وإخراجه من طاولة "التسوية"، وإسقاط حق العودة، لصالح البدائل الأخرى.
وباتت الولايات المتحدة تتبع استراتيجية سياسية جديدة، تقوم على تفكيك العناصر المختلفة التي تشكل فيما بينها ملف قضية اللاجئين وحق العودة. في هذا الإطار دعت واشنطن إلى إنهاء تفويض وكالة الغوث، وأوقفت تمويلها، على طريق تجفيف مصادرها وشلها، ونقل خدماتها إلى الجهات المضيفة، بذريعة أن وكالة الغوث تشكل عقبة أمام حل قضية اللاجئين.
كما خطت الولايات المتحدة خطوة أخرى حين دعت إلى إعادة تعريف اللاجئ، ليقتصر على اللاجئين من مواليد فلسطين، ما قبل عام النكبة، ما يفضي إلى نزع الصفة القانونية عن الملايين من ذُريتهم. وفي ورشة البحرين، دعت الوثيقة الأميركية إلى إزالة المخيمات وتحويلها إلى أحياء مدينية، وتحويل موازنات وكالة الغوث إلى الصندوق الدولي، الذي دعت الورشة لإقامته لهذا الغرض، بسقف 50 مليار دولار. وأخيراً وليس آخراً، دعت الولايات المتحدة إلى عدم تجديد ولاية وكالة الغوث في الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
هذه الخطوات مجتمعة تؤدي إلى تفكيك عناصر قضية اللاجئين، ما يؤدي عملياً إلى إلغاء الإلتزام الدولي بحق العودة، أو إضعافه إلى حدود بعيدة، ويفتح الطريق أمام طرح الحلول البديلة، كحلول "واقعية"، باعتبارها الحلول الوحيدة ممكنة التحقيق، على غرار " الحلول الواقعية" للجولان السوري المحتل، والقدس، وتشريع الاستيطان، وضم الضفة الفلسطينية ... الخ.
وبالتالي، تبقى قضية اللاجئين، وحق العودة، محوراً رئيسياً، من محاور التصدي لصفقة ترامب – نتنياهو، من خلال حركة اللاجئين وتفعيل دورها، وتطوير دور جميع المؤسسات المعنية في منظمة التحرير، ومن اللجنة التنفيذية ابتداءً، وبالتعاون مع الدول العربية المضيفة، والتنسيق مع الدول الصديقة وغيرها، لخوض معركة حق العودة، من خلال:
1)- تجديد تفويض وكالة الغوث في الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والحرص على نيل موافقة العدد الأكبر من الأصوات، خاصة دول الإتحاد الأوروبي، لما تلعبه من دور في تمويل "الوكالة"، بكل ما يتطلبه ذلك من تحرك رسمي، وشعبي في أماكن تواجد اللاجئين، في الدول المضيفة، ودول المهجر، خاصة في أوروبا.
2)- رفض المشروع الأميركي لتعديل تعريف اللاجيء، كما صاغته وكالة الغوث منذ إنشائها، والتأكيد أن الصفة القانونية للاجيء يتوارثها الأبناء والأحفاد ولا تسقط عنهم مع مرور الزمن.
3)- صون الوجود الفلسطيني في المخيمات، باعتبارها حاضنة الكيانية السياسية والوطنية والمجتمعية للاجئين الفلسطينيين.
وفي هذا الإطار إيلاء الأهمية القصوى لمسألة رجوع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى مخيم اليرموك (وباقي المخيمات المنكوبة) لمَ لهذا المخيم من أهمية في المعادلة الوطنية للوجود الفلسطيني في سوريا.
وفي هذا السياق؛ ينبغي التأكيد على ضرورة تطوير الأطر الأهلية الناشطة في المخيمات، من لجان شعبية، وأندية شبابية ولجان تنمية، وجمعيات نسائية وشبابية ومراكز ثقافية وسواها.
4)- الدعوة لتطوير عمل دائرة شؤون اللاجئين في م.ت.ف، لتفيض في مسؤولياتها على حدود وجودها في القطاع، نحو باقي تجمعات اللاجئين، الأمر الذي يتطلب توفير الأدوات والآليات التي تفتح الأفق أمام دور نشط وأكثر فاعلية للدائرة.
5)- تعزيز دور الرقابة الأهلية على خدمات ومشاريع وكالة الغوث وموازناتها، وتكريس مبدأ التشاركية بينها وبين المجتمع المحلي.
6)- أوسع حركة سياسية نحو الدول والجهات المانحة، لتتحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية نحو واجب تمويل وكالة الغوث، كمؤسسة معنية بتخفيف معاناة اللاجئين، التي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية النكبة الوطنية التي حَلَّت بهم.
(8)
اللاجئون في لبنان وسياسات الحرمان والحصار والتهجير
■ كان واضحاً، منذ اللحظة الأولى، أن قرار وزارة العمل في الحكومة اللبنانية، مساواة العامل الفلسطيني اللاجيء إلى لبنان، بالعمال الأجانب، وإلزامهم بما يُلزم العمال الأجانب من إجازة عمل وتوابعها ومرفقاتها، ورسومها، كان في حقيقته قراراً سياسياً، وإن تذرع الوزير المختص، بأن قراره يندرج في إطار مكافحة العمالة الأجنبية وتنظيمها، حتى لا تنافس اليد العاملة اللبنانية، فقد فشل في إخفاء الأهداف الحقيقية للقرار.
وإذا ما ربطنا بين القرار الأخير، باقي السياسات الرسمية حيال حقوق اللاجئين الفلسطينيين، والتي يمكن إجمالها بعنوان "الحقوق المدنية والإنسانية والاجتماعية"، وسياسة فرض الحصار على مخيمات الجنوب، بذرائع أمنية واهية، وبين التوقيت السياسي، المرتبط بالكشف التدريجي عن صفقة ترامب – نتنياهو، لتبيّن لنا، أن هذه الإجراءات، بتضييقها الخناق على الوضع المعيشي الصعب أصلاً للاجئين في لبنان، إنما تصب في مجرى زيادة معدلات المغادرة نحو الخارج، أي ما يسمى بخطط التهجير بدعوى درء مخاطر التوطين.
ردة الفعل الجماهيرية، على قرارات وزارة العمل في الحكومة اللبنانية، شكلت مشهداً متقدماً للواقع المتماسك للوجود الفلسطيني في لبنان، وإدراكه لحقوقه، ولأبعاد قضيته وأبعاد ما يحاك لها، وعبّرت عن جاهزية عالية لدى الحالة الشعبية للتحرك المنظم، والواعي، دفاعاً عن حقوقها السياسية والمطلبية المحقة، وقدرتها على تجاوز السقف المنخفض الذي حاولت السلطة الفلسطينية، عبر مبعوثها إلى بيروت، أن ترسمه لها، وقدرتها كذلك على التفلت من لعبة التجاذبات السياسية الداخلية.
إن معركة اللاجئين في لبنان، ليست مجرد معركة محلية، بل هي تندرج في السياق العام لقضية اللاجئين، والتمسك بحق العودة، ورفض الحلول البديلة، الأمر الذي يتطلب توفير كل أشكال الدعم لهذا الحراك، من قبل عموم التجمعات الفلسطينية، وتأييد القوى المحلية، وخاصة المؤسسات الحقوقية ولجان حقوق الإنسان والنقابات العمالية والمهنية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.
ما يجب التأكيد عليه أن اللاجئين في لبنان، في تحركاتهم ضد سياسات الظلم والإجحاف، أسقطوا عملياً فزاعة التوطين، التي لا أساس مادياً ولا سياسياً لها، لا من جانب الدولة ولا من جانب الفلسطينيين أنفسهم، باعتبارهم هم العامل الرئيسي في رفض كل الحلول البديلة لحق العودة.
(9)
الحركة الشعبية الفلسطينية: في تصاعد.. ولكن!
■ تتصاعد الحركة الشعبية الفلسطينية، في المناطق المحتلة وفي شتات المخيمات والمهاجر، وتطور في آلياتها، محكومة بخصوصية أوضاعها الإجتماعية والقانونية، والجغرافية. وتحوَّلت في الضفة الفلسطينية والقدس إلى سلسلة من الهبّات والإنتفاضات المتنقلة، وأصبحت بعض المدن البلدات عناوين لهذه الإنتفاضات، كالقدس والعيساوية وأبو ديس، وكفر قدوم، وخان الأحمر، وغيرها من مناطق الصدام مع الإحتلال والإستيطان، كما أصبحت "مسيرات العودة وكسر الحصار" عنواناً رئيساً من عناوين صمود قطاع غزة في مواجهة الحصار والعدوان الإسرائيلي. أما في لبنان، فقد تحولت إحتجاجات المخيمات الفلسطينية على قرارات وقوانين الإقصاء والتهميش والحرمان التي تقود إلى التهجير، إلى هبّة شعبية، رفعت عالياً، إلى جانب مطالبها الإجتماعية – المعيشية المباشرة، قضية اللاجئين وحق العودة، وفتحت جبهة أخرى من جبهات التصدي لصفقة ترامب – نتنياهو، الهادفة، لتصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية.
أما في بلدان المهجر، خاصة في أوروبا والأمريكيتين، فتواصل الجاليات الفلسطينية العمل على تنظيم أوضاعها في أطر ومؤسسات ديمقراطية، تستنهض طاقات الجاليات في محاور نضالية وطنية عامة، متعددة المحاور والعناوين، أو ذات محور واحد كالمقاطعة أو دعم الأسرى، أو دعم حق العودة .
■ بالمقابل مازالت قيود أوسلو، في الضفة والقدس، تعطل نهوض الحركة الشعبية لتتحول إلى مقاومة شعبية شاملة، ضد الإحتلال، على طريق التحول إلى إنتفاضة شعبية، تطوي مشاريع التسوية الهابطة، وترفع عالياً المشروع الوطني الفلسطيني، متمثلاً في برنامج العودة وتقرير المصير والإستقلال والحرية وبسط السيادة.
وفي قطاع غزة، تهيمن حالة الإنقسام بسلبياتها على أجواء العمل السياسي، ما يعطل قيام إستراتيجية وطنية، توحد القوى السياسية والحركة الشعبية، في إطار المشروع الوطني الموحد.
أما في المهاجر، فمازالت دائرة شؤون المغتربين، تحاول التدخل بفظاظة في شؤون الجاليات، وأن تفبرك مؤسسات واجهة، محكومة بالسقف المخفوض لمرجعيات السلطة السياسية.
إن استنهاض الحركة الشعبية الفلسطينية يبقى عنواناً رئيسياً، بل هو العنوان الرئيسي لبرنامج عمل القوى الوطنية، الأمر الذي يستوجب مواصلة النضال من أجل:
1)- تحرير الحركة الشعبية في المناطق المحتلة من قيود إتفاق أوسلو، وقيود التنسيق الأمني، عبر تصعيد النضال ضد الاحتلال والاستيطان في المحاور المختلفة، ومواصلة الضغط على السلطة وقيادتها، للعمل على تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني، ومغادرة سياسة الرفض اللفظي الخالية من الخطوات التنفيذية، سياسياً وعملياً.
2)- العمل على تشكيل الأطر الوطنية الجامعة في الميدان، لتوفر الغطاء السياسي للهبّات والانتفاضات الشعبية، وتطوير آليات تأطيرها وأساليبها الكفاحية.
3)- مواصلة النضال لوضع حد للإنقسام، بما يحرر قطاع غزة من قيود السياسات والمصالح السلطوية، ويوحد المؤسسات والإدارات والحركة الشعبية، في أطر وطنية وبرنامجية متكاملة.
4)- مواصلة النضال لصد محاولات التدخل البيروقراطي الفظ من دائرة شؤون المغتربين في شؤون الجاليات، عبر تعزيز آليات البناء الديمقراطي لمؤسسات الجاليات وأطرها، وتسليحها ببرامج العمل في الميادين السياسية والإجتماعية والثقافية، وتحصينها ضد نزعات الهيمنة الفاسدة .
(10)
في العلاقات الوطنية
ما زال الإنقسام يشكل عائقاً رئيسياً في طريق استنهاض الحالة الجماهيرية، في مواجهة مشاريع صفقة ترامب – نتنياهو، وخطواتها الميدانية؛ الأمر الذي يتطلب من القوى كافة، والحالة الجماهيرية بكل اتجاهاتها، مواصلة الضغط على طرفي الإنقسام لمساعدتهما على الخروج من هذه الحفرة، لصالح وضع جديد، يفرج عن المأزق السياسي للحالة الفلسطينية؛ ومن هنا:
1- دعوة طرفي الإنقسام إلى الإلتزام ببيان 22/11/2017 الصادر عن الحوار الفلسطيني في القاهرة، بمشاركة جميع مكونات الحالة الفلسطينية، الذي وضع ضرورة الإلتزام بتطبيق تفاهمات حركتي فتح وحماس، بتاريخ 12/10/2017، في إطارها السياسي الأشمل، بما في ذلك تحمل الحكومة الفلسطينية مسؤوليتها كاملة حيال القطاع، وصون المكاسب التي حققتها مسيرات العودة وكسر الحصار، والفصل بين البندقية الشُرَطية لصون الأمن الداخلي للمجتمع، وبين بندقية المقاومة الموجهة ضد الإحتلال.
2- دعوة الإطار القيادي المؤقت [هيئة تفعيل وتطوير م.ت.ف] للإجتماع، وإجراء حوار وطني شامل لإنهاء الإنقسام، وتوحيد المؤسسات، والوصول إلى رؤية سياسية وطنية موحدة، بديلاً لإتفاق أوسلو وإلتزاماته.
3- دعوة اللجنة التحضيرية التي انعقدت في بيروت (2017) لاستئناف أعمالها، والتحضير لانتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية، للمجلسين التشريعي والوطني، بنظام التمثيل النسبي الكامل، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ما زالت الأوضاع داخل م.ت.ف، تعيش حالة من الإنقسامات السياسية، تعكس نفسها على العلاقات بين أطرافها، نتيجة لسياسة القيادة المتنفذة في التفرد بالقرار، وإدارة الظهر لمباديء الإئتلاف الوطني والشراكة الوطنية، وعدم إحترام قرارات الهيئات الوطنية، ومواصلة تعطليها، وتهميش دور المؤسسات الوطنية، وفي مقدمها، اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، والمجلس الوطني؛ من هنا نجدد الدعوة إلى:
1)- العمل على تصويب وتصحيح العلاقات داخل م.ت.ف، على أسس إئتلافية، ومباديء الشراكة الوطنية.
2)- إعادة الإعتبار للجنة التنفيذية، بما في ذلك إستعادتها للدوائر التي انتزعت منها، والتي من خلالها تمد خطوط العلاقة مع التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات. وفي هذا الإطار أيضاً تشكيل مجلس إدارة مستقل للصندوق القومي، وتسليحه بقرارات، تلحظ العدالة النضالية، وتضع حداً لسياسة مصادرة حقوق الجبهتين الديمقراطية والشعبية.
3)- العمل على تنفيذ قرارات المجلس المركزي والوطني، لتحديد العلاقة مع دولة الإحتلال، والخروج من إتفاق أوسلو.
إنطلاقاً من أهمية الدور الذي يفترض أن تلعبه الإتجاهات الديمقراطية واليسارية في صفوف الحركة الجماهيرية، نؤكد على أهمية الدور الذي نأمل أن يلعبه التجمع الديمقراطي في العمل على كسر حدة الإستقطاب الثنائي، الذي يفسد الحياة السياسية الفلسطينية، ويشكل البيئة الحاضنة لاستمرار الإنقسام، ونؤكد ضرورة تسريع وتيرة الحوار المعمق بين أطرافه من أجل تطوير أرضيته السياسية، وتوضيح آلية اتخاذ القرار، بما يمكن من تجاوز العثرات التي اعترضت مسيرته مع بداية انطلاق أعماله.
نرحب باستعادة منظمتي الصاعقة والقيادة العامة موقعهما الطبيعي، والتاريخي المؤسس في م. ت. ف، على قاعدة الائتلاف الوطني البرنامجي والتنظيمي، والشراكة الوطنية في مسعانا المشترك، لإحلالها قاعدة أساسية ناظمة للعلاقات بين مختلف الأطراف الوطنية، في م. ت. ف.
كما نرحب بأي إطار يخدم المصلحة الوطنية، ولا يشكل محوراً في الحالة الوطنية الفلسطينية، أو يخدم سياسة الإنقسام، أو يشكل بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، كاللقاء الرباعي في قطاع غزة، وإطار الـ14 في سوريا، كأطر تشاورية تنسيقية محلية وفي خدمة المصالح الوطنية. وفي الإطار نفسه أيضاً نؤكد على أن معيار موقفنا في العلاقات الوطنية يتلخص بالتالي: 1- م. ت. ف هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني؛ 2- الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وضمان حل قضية اللاجئين، وفقاً للقرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.