كشف الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تطويرها لمنظوماتها الصاروخية المتنوعة والقادرة على استهداف أعدائها في حال تعرضها إلى أي عدوان سواء أمريكي أو من قبل الكيان الصهيوني . كانت في مرحلة سابقة موضع استخفاف وتشكيك من قبل أعداء إيران ، على قدرتها التمكن من تصنيع تلك المنظومات من الصواريخ . وذهب بعضهم إلى وصفها أنها مجرد ألعاب لا وجود لها في الواقع ، على الرغم أن تطوير تلك المنظومات قد ظهرت في أكثر من مكان ، وفي أكثر من حرب شنها الكيان الصهيوني على كل من لبنان 2006 وقطاع غزة في حروب 2008 – 2009 و 2012 و 2014 ، وخلال المواجهات التي شهدتها خلال عامي 2018 و2019 . مضافاً إلى اليمن في مواجهة التحالف بقيادة السعودية ، من مجاهدي حركة أنصار الله والجيش اليمني .
مع ما تعرضت له السعودية من ضربة موجعة ومؤلمة في درتها الاقتصادية " شركة آرامكو " ، من خلال الهجوم التي شنتها الطائرات المسيرة اليمنية ، " راحت السكرة واجت الفكرة " على حد تعبير المثل العربي ، لدى كل من أركان البيت الأبيض الأمريكي ، والكيان الصهيوني ، ناهينا عن السعودية ، بأن هذه الطائرات ومع ما أضيف إليها من قبل أمريكا والسعودية ، أن صواريخ بالستية قد استخدمت في الهجوم ، تشكل خطراً إيرانياً جدياً على المنطقة عموماً والخليج خصوصاً ، من خلال تعريضها إمدادات النفط العالمي إلى ما أسموه الخطر الشديد ، على اعتبار أن شركة آرامكو التي استهدفت أكبر مورد للنفط في العالم .
المعسكر المعادي اليوم وضع أمام حقيقة لا تقبل النقاش ، بأن السعي المتواصل منذ سنوات بهدف تشكيل تحالف من الدول المسماة بالاعتدال + الكيان الصهيوني ، من أجل مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، والحد من تمددها في المنطقة ، في استبدال فاضح لأولويات الصراع مع العدو وكيانه الصهيوني . هذه الجهود تبددت برمتها . فلا الولايات المتحدة وإدارة رئيسها ترامب في نية الذهاب إلى الحرب كرمى عيون السعودية ، وهي لا زالت على قناعتها بأن حربها الاقتصادية في مواجهة إيران هي الأجدى حسب وزير الخزانة االأمريكية ، الذي صرح أن العقوبات على إيران بدأت تؤتي ثمارها . واليوم حذرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي ، الرئيس دونالد ترامب ، من توجيه ضربات عسكرية إلى إيران رداً على هجوم “ آرامكو ” . مضيفة في مقابلة مع الإذاعة العامة الأمريكية : " لا أعتقد أننا نتحمل أي مسؤولية عن حماية السعودية والدفاع عنها . هل هناك أي اتفاقية تنص على ذلك ؟ ” . مضافاً لذلك ، التطور مفاجئ ، حيث أعرب الرئيس الأمريكي ، دونالد ترامب ، عن استعداده للإطلاع على خطة إيران الخاصة بضمان الأمن في منطقة الخليج . جاء ذلك في تصريح أدلى به في ولاية تكساس ، رداً على سؤال حول استعداده للاطلاع على هذه الخطة : " أنا دائما منفتح " .
أما الكيان الصهيوني ، فقد أجمع العديد من المحللين والصحف ومراكز الأبحاث والقنوات التلفزيونية ، أن الهجوم على شركة آرامكو ، تحمل رسائل مباشرة إلى الكيان ، وأن استهدافه قد يتحقق في أية لحظة ، وهو ليس بمنأى عنها . فقد اعتبر " ايهود يعاري " المحلل في " القناة 12 " العبرية : " إذا كانت إيران قد نفذت ذلك ضد السعودية ، فبإمكانهم محاولة تنفيذ ذلك ضد إسرائيل " . وتابع " يعاري " : " أن كل صاروخ وطائرة مسيرة قدمها فيلق القدس للحوثيين في اليمن سوف تصل، في نهاية المطاف ، إلى حزب الله والميليشيات في سورية والعراق ، وربما إلى حركة حماس " . أما " معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب ، فقد أعدّ دراسة نشرته صحيفة " هآرتس " العبرية ، كان قد رأى فيها : " أن الهجوم ضد منشأت آرامكو ، يحمل تلميحاً غير مباشر إلى إسرائيل أثر استمرار الهجمات الإسرائيلية في سوريا والعراق، وهذا تلميح أيضا لاحتمال حدوث تدهور عسكرى بين إسرائيل وحزب الله في لبنان " .
أما السعودية ، وعلى الرغم من عرضها لتقرير متلفز حول استهداف شركة آرامكو النفطية ، ظهر فيه بقايا لحطام طائرات مسيرات ، وصواريخ بالستية ، من المرجح أن هذه البقايا قد جمعت في أوقات سابقة لهجمات قد وقعت قبل استهداف الشركة . فإن المملكة حتى اللحظة لم توجه اتهام مباشر لإيران ، وإن هي قد قالت ، أن هذه الأسلحة والطائرات هي إيرانية ، وبين هلالين ، أليست كل الأسلحة التي تستخدمها السعودية ضد اليمن ، مصدرها الأساسي الولايات المتحدة االأمريكية .
استهداف آرامكو من قبل قوات أنصار الله والجيش اليمني ، قد غيرّ قواعد اللعبة ، وثبتّ خطوط حمراء ، على الرغم مما تمتلكه الولايات المتحدة وحلفائها من قدرات وإمكانيات عسكرية ، تفوق أضعاف ما تمتلكه إيران وحلفائها ، إلاّ أن الفارق هو في ثبات الإرادة لدى محور المقاومة ، المصمم على استمرار المواجهة مع محور الشر والطغيان الأمريكي ، إلى أن تسقط مشاريعه العدوانية في عموم المنطقة ، وقاعدته المادية الكيان الصهيوني .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني