قال ماتياس شمالي، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، إن إدارة وكالته قلقة من البيئة السياسية التي تمر بها المنظمة الأممية، بشكل يفوق تخوفاتها من الأزمة المالية.
وأضاف، شمالي، خلال لقاء صحفي: " الوضع السياسي الذي تمر به الوكالة مخيف، بدءا من قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ومرورا بتقليص الأموال الواصلة للوكالة".
ورغم تلك المؤشرات، إلا أن شمالي يرى أن الأمور تسير باتجاه وصفه بـ"الجيد"، سيما في ظل وجود دول داعمة لتجديد تفويض أونروا.
وأوضح أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستفتتح جلستها الدورية للنظر في تجديد التفويض الذي يمنح للوكالة كل 3 سنوات.
وتابع مستكملاً: " هذه الجلسة ستبدأ في منتصف نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل، ومن المتوقع اتخاذ القرار في أول شهر ديسمبر/ كانون أول القادم".
وشدد على أنه، حتى اليوم، لم تطرح أي دولة من الدول الأعضاء بالجمعية العمومية للأمم المتحدة، أي ملف له علاقة بالتفويض.
وعن طرح قضية تعريب "أونروا"، ونقل مسؤوليتها للدول العربية، قال شمالي إن تقديم مبلغ يقدّر بـ 200 مليون دولار، العام الماضي، من دول عربية للوكالة لا يعتبر أنها أصبحت عربية.
وقال في هذا الصدد: " كانت أمريكا أكبر داعم لنا ورغم ذلك لم نكن مؤسسة أمريكية، حصلنا على دعم من الاتحاد الأوروبي ولم نصبح مؤسسة أوروبية، وهكذا الحال مع الدعم العربي".
ورحّب شمالي بأي دعم يصل إلى وكالته من الدول العربية، والذي من شأنه أن يساهم في حل المشكلة.
وعن الاتهامات بوجود شُبهات فساد داخل الوكالة، قال شمالي: " تم تشكيل فريق للتحقيق والاستقصاء ولم ينته من عمله بعد".
وبيّن أن وكالته تتعاون بشكل "حثيث مع لجنة التحقيق"، داعيا الجميع للتروي إلى حين انتهاء عملها، لمعرفة الحقائق.
الأزمة المالية
بلغت الفجوة المالية في الميزانية العامة للأونروا، وفق شمالي، حوالي 120 مليون دولار، منها 30 مليون دولار متعلّقة ببرنامج المساعدات الغذائية المقدّمة فقط لقطاع غزة.
وقال: " استطعنا تأمين المساعدات الغذائية في الفترة الأخيرة، على الرغم من الأزمة المالية الكبيرة والمخاطرة، لكننا قلقون على مستقبل هذه المساعدات خلال نهاية العام الجاري".
وبيّن أن عدم تغطية هذا العجز، قد يجعل من تقديم دفعة جديدة من المساعدات الغذائية أمر "ضبابي".
ودعا المجتمع الدولي لتغطية العجز المالي الذي تعاني منه "أونروا" كي تستمر في تقديم خدماتها؛ خاصة الغذائية والتي تعتبر من أهم الخدمات.
ومن جانب آخر، لفت إلى أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ستطرح في جلستها، التي بدأت اليوم بمدينة نيويورك الأمريكية، نقاشا حول وضع أونروا.
وأعرب عن آماله في نجاح هذه الجلسات "بسد الفجوة المالية الكبيرة".
الخدمات بغزة
رغم التحديات المالية التي تواجهها "أونروا"، إلا أن الوكالة نجحت في افتتاح العام الدراسي الجديد، بحسب شمالي.
ويبلغ عدد الطلبة المسجّلين في المدارس التابعة لوكالة "أونروا" نحو 280 آلف طالب وطالبة، في 276 مدرسة، وفق شمالي.
وقال إن الوكالة افتتحت، هذا العام، مدرستيْن من المدارس الصديقة للطفل.
وبيّن أن نحو 22 مركزا صحيا لـ"أونروا" لا زالت تقدم خدماتها لسكان قطاع غزة.
ولفت إلى أن تلك المراكز تسجّل نحو مليون زيارة كل 3 شهور.
وذكر أن هذه المراكز قدّمت أيضا خدماتها لمصابي مسيرة العودة وكسر الحصار، رغم الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها الوكالة.
إلى جانب ذلك، افتتحت الوكالة مؤخرا، مستودع المخازن الكبرى بمدينة رفح، جنوبي القطاع، والذي يضمّ نحو 26 مخزنا، معتبراً ذلك إنجازات حققته الوكالة.
انفجار وضغوطات
وأعرب شمالي عن تخوفاته من الوضع العام في قطاع غزة، لافتا إلى أنه قد ينفجر في أي لحظة.
وقال في هذا الصدد: " رغم الهدوء النسبي، إلا أن حالة من الغليان تسري بغزة نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية".
وذكر أن تقارير تصل إدارته عن المراجعين الذي يترددون للمراكز الصحية، تشير إلى وجود ارتفاع في حالات الأزمات النفسية بين المواطنين.
وبيّن أن حوالي 30% من المراجعين لعيادات الوكالة يشكون من ضغوطات نفسية، والكثير منهم يعاني من الإحباط والضغط النفسي.
واعتقد شمالي أنه عدم تحسّن الأوضاع الداخلية بغزة، قد يؤدي إلى ارتفاع في نسب تلك الحالات.
كما بيّن ارتفاع معدلات العنف خاصة ضد الأطفال والنساء في قطاع غزة، مرجعا ذلك إلى خطورة الأوضاع التي يعيشها السكان.
وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وتقدم خدماتها حاليا لما مجموعه 5.4 ملايين لاجئ.
ولا تخفي واشنطن وتل أبيب رغبتهما في إلغاء الوكالة الأممية، حيث دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في يونيو/حزيران 2017، إلى "تفكيك أونروا، ودمج أجزائها في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين".
كما أوقفت واشنطن، التي كانت الداعم الأكبر لـ"أونروا"، كامل دعمها للوكالة، والبالغ نحو 360 مليون دولار؛ مما تسبب بأزمة كبيرة للوكالة.