منذ أحد عشر عاماً وصناديق الاقتراع مغلقة في فلسطين على آخر ما أفرزته من نتائج مكنت حركة حماس من تولي تشكيل الحكومة الفلسطينية وسرعان ما حدث الانقسام الأسود وما آلت إليه نتائجه التي ألحقت الضرر الجسيم على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني، ومنذ ذاك اليوم المشؤوم والشعب الفلسطيني يتجرع ويلات التمزق والفرقة بين أبناء الوطن الواحد الممزق جغرافياً أيضاً بفعل الاحتلال الاسرائيلي، فتدخلت دول وطُرحت مبادرات وَوُقعت اتفاقيات بين حركتي فتح وحماس وكل هذه الاتفاقات كانت تحمل بنداً أساسياً ألا وهو اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وافساح المجال أمام الشعب ليقول كلمته ويحدد من الذي سيقوده ويتحمل مسؤوليته ويوفر له الحياة التي يحلم بها حتى أصبح مصطلح الانتخابات يتردد في قاموس الشعب الفلسطيني بشكل يومي أملاً بأن يكون الخلاص والنجاة من طوق الانقسام البغيض.
من المتعارف عليه دولياً أن الانتخابات تجري في الدول المتحررة والمستقلة وليس لدي شعب ما زال يعيش تحت الاحتلال ويخوض حالات النضال بكافة أشكالها وفقاً لبرامج الفصائل الوطنية والتي تتبني كلاً منها أيدلوجيا مختلفة عن الأخرى فمنها من يؤمن بالنضال السياسي وفقاً لطبيعة المرحلة والمتغيرات السياسية على المستوى الاقليمي والدولي ومنها من يزال يؤمن بالمقاومة المسلحة رغم سلوكه حالياً المقاومة السلمية، ولكن ما دفع الحالة الفلسطينية إلى الحاجة للانتخابات هو الصراع الفصائلي على السلطة وأن كل فصيل وتحديداً حركتي فتح وحماس تران بأن كلاهما الأقدر على قيادة الشعب الفلسطيني، وبما يخص الاتفاقات التي تم التوقيع عليها بين حركتي فتح وحماس نجد أن معظم الفصائل الفلسطينية تطالب بإجراء انتخابات عامة تفرز قيادة جديدة للشعب الفلسطيني، ولكن ضمن اتفاق فصائلي، فالرئيس محمود عباس قال في خطابه الأخير امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أنه سيدعو لانتخابات عامة فور عودته إلى أرض الوطن؛ فهل ستوافق الفصائل الفلسطينية على دعوته للانتخابات في الوقت الذي طرحت فيه مبادرة لإنهاء الانقسام؟
أرى أن مبادرة الفصائل لم تأتِ بجديد سوى تضييع الوقت رغم أن الانتخابات جاءت ضمن بنودها، والمخرج الوحيد هو الحوار في كيفية ترتيب واجراء هذه الانتخابات وتأمينها سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بمراقبة جهات يتوافق عليها جميع الاطراف الفلسطينية للخروج بالشعب الفلسطيني من مربع الانقسام وهذا أمر من المعجزات بسبب عدم توفر الثقة بين جميع الأطراف فحركة حماس على سبيل المثال لم تسمج بإجراء الانتخابات على مستوى الجامعات فقط وبالمقابل السلطة الفلسطينية سمحت بإجرائها في جامعات الضفة فكيف ستكون طبيعة الانتخابات في قطاع غزة وهل ستكون الأجهزة الامنية فيها في موقف الحياد؟ وفي حال تحققت معجزة الانتخابات هل ستكون نتائجها مرضية وسيكون الالتزام بها؟
من جهة أخرى هل سيسمح الاحتلال بإجراء الانتخابات في القدس سيما أنه يعتبرها عاصمة لدولة الاحتلال وأن اجراء الانتخابات فيها سيعطي الفلسطينية حق سياسي فيها الأمر الذي لن يقبل به الاحتلال، وهذا أمر غاية في التعقيد لان الاحتلال سيفعل كل ما يعيق اجراء الانتخابات وهذا لن يقبل به أي فلسطيني لأنه بمثابة التخلي عن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وفي المحصلة نجد أن الانتخابات أمر صعب حتى لو توافقت جميع الفصائل عليها بسبب نوايا الاحتلال ببقاء الانقسام كونه المستفيد الاول منه.
بقلم/ أحمد يونس شاهين