الارض... تحرثها عجولها

بقلم: خالد معالي

قد يستخف ويقلل البعض من حجة وقوة تأثير المقاطعة على الاحتلال؛ ولكن بالنظر لحجم ردة الفعل من قبل الاحتلال، والخسائر قد يصوب نظرته للأمر.

صحيح ان الاحتلال يتحكم في مفاصل كثيرة ومعقدة ومتشعبة في حياة الشعب الفلسطيني بفعل قوته المحتلة، لكنه في المحصلة لا يعتبر قدر الشعب الفلسطيني.

قيس سعيد مرشح تونس للانتخابات اثلج صدور الشعب العربي والفلسطيني وهو يعتبر التطبيع والتعامل مع الاحتلال خيانة عظمى في تصريح مباشر له على الفضائيات، وتناقله رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطيني بكثرة.

سارع رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطيني لابراز تهديدات "المنسق "بوقف ادخال المنتجات الزراعية من الضفة الغربية الى الاراضي المحتلة عام 48 ، في حال اصرار السلطة الفلسطينية على مواصلة منع ادخال العجول من الاحتلال للضفة.

فعل صائب وقرار صحيح، يصب في مقاطعة منتجات الاحتلال والمستوطنين أيا كانت، فاصل العلاقة مع الاحتلال هو رفضه ولفظه وليس التعايش معه، وهذا  لا ينفي  القول ان قرار استيراد الاف اطنان من ثمار الزيتون هو قرار خاطئ،  ولا يصح الخجل من القول للمحسن: أحسنت وللمخطأ: أخطأت.

الحديث عن عدم وجود بنية تحتية قوية للاقتصاد الفلسطيني لا يبرر التعامل مع منتجات الاحتلال، حتى لو كانت في حالات اضطرارية، فمن يريد الحرية لا يهمه الثمن على ان يكون الثمن مدروس ومخطط له بشكل جيد وليس تضحيات مجانية غير مدروسة.

بعيدا عن المناكفات وحالات الشد والشحن المؤسفة في حالتنا الفلسطينية، فكل خطوة تزعج وتقلق الاحتلال هي مطلوبة، ولا يصح النظر للثمن المطلوب، فالثمن يقدره قادة الشعب الفلسطيني، وهم يحملون امانة غالية، فان احسنوا السباحة وسط الامواج العاتية، فحتما سيقودون السفينة الى بر الامان.

مقاطعة الاحتلال داخليا وخارجيا وفي مختلف المجالات الاقتصادية وغيرها هو واجب إنساني ووطني واسلامي؛ يمليه عليه كل من عنده ضمير حي ونقي، سواء كان فلسطينيا أو غير ذلك؛  كون دولة الاحتلال هي دولة قائمة على الظلم بحق الشعب الفلسطيني، احتلت أراضيه وشردته وطردته في منافي الأرض بغير وجه حق.

لا ننسى ان المواجهة والمقاطعة الاقتصادية أيضا؛ مارسها الاحتلال بحق منتجات فلسطينية  حيث منعت من الوصول إلى الأسواق في القدس المحتلة ومدننا المحتلة في الداخل، بهدف محاربة المنتجات الفلسطينية، لإجبارهم على التعامل مع المنتجات "الإسرائيلية".

المطلوب دوما ،دعم ومد قرارات وحركات المقاطعة على مختلف مشاربها وأنواعها؛ بكل أسباب القوة حتى إنهاء الاحتلال الظالم.

تفكر معي كيف ان دولة الاحتلال المسكونة بالهواجس والخوف على مستقبلها؛ والتي تحسب كل صيحة عليها؛ ولشدة ضعفها برغم قوتها الظاهرة؛ راحت تصنف (BDSboycotts Divestment and sanctions against Israel، وتعني بالعربية مقاطعة وسحب استثمارات وفرض عقوبات على "إسرائيل"، كخطر استراتيجي على وجودها؛ وسببت لها الهلع والخشية على زوالها من الوجود.

من غير المعقول أن تكون ثقافة الهزيمة قد تغلغلت في صدور البعض؛ ولا يجوز أن تكون مقاطعة المحتل متدنية لدى  شعب ارضه محتلة؛ بحيث لا يعلمون أن إلحاق الضرر كان صغيرا أم كبيرا بالشعب هو خيانة وإثم عظيم، وهل هناك أعظم جرما وخيانة؛ من دعم المحتل، عبر شراء منتجاته، وقبول التعايش معه وكأنه جزء أصيل من مكونات المنطقة العربية والاسلامية.

بقلم/ د. خالد معالي